صفحة الكاتب : رائد السامرائي

ماذا تُريدُ السلطة ؟
رائد السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بعد قمع المتظاهرين اللذين خرجوا للمطالبةِ بالغاء رواتب البرلمانيين والرئاسات الثلاث ، ( وهو مطلبٌ بسيط مقارنة بالمطالب الحقيقية التي يتوجب على الشعب الخروج من اجلها ) ، وبعد اغلاق جميع الطرقات المؤدية الى ساحاتِ التظاهر ، واستخدام اللآلاف من القوات الامنية في هذه العملية ، يشهد يومٌ جديد عاصفةً من الانفجارات بسياراتٍ مفخخة توُقع العشراتِ ان ( لم تكن المئات ) من الضحايا في بغداد وحدَها ، كمشهدٍ دمويٍ يتكررُ كلَ يوم تقريباً ومنذ سنوات . 
ازاء هذا الحال المُريبِ والمرعب في آنٍ معاً ، تبرُزُ للمراقبِ اسئلةٌ  كثيرة ، تقودُ الاجابةُ عليها الى تقاطعاتٍ تتخطى حدودَ المَنطقِ احيانا . 
فماذا تريد السلطةُ الحاكمةُ من الشعب العراقي ؟ هل هي سلطةٌ ديمقراطيةٌ حقا ؟ هل هي قادرةٌ على ادارة البلاد وحفظِ دم ابنائه من عبث العابثين ؟ ماالمستقبلُ الذي ينتظر العراقيين في ظلِّ اجواء القتل والخطف والاعتقال وانعدام الخدمات والتجهيل المتعمَّد ؟ ( وليس اخيرا في سلسلة الاسئلة ) ، ماذا على الشعب ان يفعل لتخطّي هذه الحقبة الكارثية التي يمرُّ بها ؟  
السلطةُ ( وكما تقول هي ) جاءت عن طريق صناديق الاقتراع وبأرادة واصواتِ الشعب ، وهي تطبّقُ معاييرَ الديمقراطيةِ الشفّافة في ادارتها لدفّةِ الحكم . لكن : أليس التظاهرُ السلمي من اهمِّ معايير الديمقراطية ؟ لماذا رحّبت السلطةُ باصوات الشعب التي اجلست شُخوصَها على كرسيِّ الحكم ، واعتبرت تلك الاصوات نُضجا فكريّاً ومعياراً من معايير الرقيِّ الحضاريّ ، وهي ترفضُ بعد ذلك نفسَ تلك الاصوات لأنها تدعو الى تقويمِ عمل تلك السلطة ؟ 
السلطةُ تقول ان الظروفَ الامنيةَ والسياسية التي تمرُّ بالبلاد خطيرةٌ وتستدعي تاجيلَ او الغاءَ التظاهرات ، خِشية دخولِ المندسّين اليها وحرفِ مساراتِها السلمية . ولكن : هل كانت الظروفُ الامنيةُ سانحةً وقتَ مطالبتكم الناس بابداءِ اصواتها وانتخابِكم لقيادة الدولة ؟ ألم يكن المندسّين موجودون آنذاك ؟ ألم يسقط العديدُ من الضحايا في طريقِهم الى صناديق الاقتراع ؟ 
انها مقاربةٌ غيرُ مقبولةٍ في عمل السلطة وسياستها تجاه ارادة الناس ، لانها غيرُ منطقيةٍ اصلا . 
في الجانب الأخر ، فان سيلَ الدمِ العراقي المُراقِ على الطرقات بشكلٍ يكاد يكون يوميّاً ، يُثبت فشلَ الخططِ الامنية التي تعددت صفحاتُها وسيناريوهاتُها ، كما انه يُثبت بشكلٍ لا يقبل اللبس فشلَ القيادات التي تضعُها . 
وعلى هذه القيادات ( ان كانت حقا امينةً على مصالح الشعب ) ان تنسحبَ من عملها ، وتُعلن انها غيرُ قادرةٍ على ادارته ، والشعبُ العراقي فيه الكثير من الطاقات الوطنية ، ( سواء ماكان منها داخل او خارج البلاد ) القادرةِ بحسب تجاربها وخبراتها المتراكمة على قيادة وتصحيح العديد من المساراتِ الخاطئة  .
ولاننا نعرف انه من النادر ان تُقيلَ سلطةٌ عربيةٌ نفسَها او تنسحبَ من المشهد السياسي بارادتها ، فان زمامَ المبادرةِ دوما تكون بيد الشعب . فبدل ان تخرجَ الناسُ لتطالب بابسط الحقوق ، عليها ان تخرج بصوتٍ واحد لتطالب بحقها الاولِ والأهم ، وهو التغيير السياسي . وان تعيش تلك الناسُ حياةً حرّةً كريمة ، وان ترفض بشكلٍ قاطع كلَ انواع الظيم والحَيف الذي اصابها طيلة عقدٍ من الزمان . 
لسنا هنا في باب التحريض او التشجيع على العنف ، لاننا نعرفُ ان العنفَ يبدأ في الغالب من السلطات الحاكمة وليس من الجماهير . لكننا هنا نحرّضُ على ممارسةِ استرجاع الحقوق المغتصبة ، خاصةً وان الناس اعطت السلطة فرصاً طويلةً وعديدة للعمل من اجلها ، لكن الاخيرةَ لم تستثمرها بسبب عدم قدرتِها ، او لأنها ( اي السلطة ) ليس لديها الارادة الحقيقية للعمل . وفي كلتي الحالتين ، فان امتدادَ هذه الفرص الى آجالٍ غيرِ معلومة ، صار مَحلَّ تندّرِ شعوبٍ اخرى استطاعت ان تقولَ كلمتَها في عُشرِ الزمن الذي صبر فيه العراقيون على بلوتهم . 
واذا لم نشأ الذهاب بعيدا في عمق التاريخ ، فان مانشهدُه من تغييراتٍ تصنعُها الشعوبُ حولَنا ، لهي الدليلُ الواضح على أن ماصبر العراقيون عليه كلَّ هذا الوقت ، لم تستطع شعوب كثيرة تحمّله شهورا . 
مرةً اخرى نقول لأهلِنا وشعبِنا ، ان صَمتَكم بات يُحسب عليكم ولا يُحسب لكم . تحرروا من انفسِكم ، فلا احدَ سواكم يَصنعُ ماتريدون ، ولا احدَ غيركم قادرٌ على ذلك ..       

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/04



كتابة تعليق لموضوع : ماذا تُريدُ السلطة ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net