صفحة الكاتب : حميد الموسوي

شهداء العراق ومقاييس التوصيف
حميد الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نخب مختارة، عينات منتقاة، ونماذج فريدة تجود بها ارحام العراقيات الطاهرات على امتداد ازمنة التاريخ العراقي بعهوده الغابرة، وقرونه المتوالية وحقبه المعاصرة، فمنذُ ان زرع الله تعالى في نفوس العراقيين بذرة رفض الذل والاستعباد وهذه البذرة تورق عنفوانا وتثمر ثورات غاضبة تهز عروش الطواغيت والمتجبرين والمستبدين والظلمة، ثورات عارمة عبرت اصداؤها الآفاق لتعلم شعوب الأرض معنى الرفض وكيفية انتزاع الحقوق. ولما كان لكل لهب وقوده، ولكل نور شموعه، ولكل انتصار ثمنه فان شهداءنا الابرار هم وراء ذلك كله، وهم صناع مجد العراق التليد وبناة حاضره المعاصر المجيد. وسواء قطعت أوصالهم السيوف الباغية ورضّت صدورهم الخيول الغازية، او مزق اجسادهم رصاص الفصل العنصري والحقد الشوفيني، او ارجحتهم مشانق الانقلابات المشبوهة او سحقتهم في قراهم دبابات الاحكام العرفية المستهترة بابسط القيم الانسانية، او اكلتهم مجاعات القهر والتجويع والحصار المصطنعة، او طحنتهم ماكنة الحروب المزاجية. او ابتلعتهم مقابر "الطاغوت" الجماعية، او خنقتهم غازاته الكيميائية وسمومه التجريبية، او غيبتهم مطاميره وزنزاناته المظلمة، وسواء احرقتهم مفخخات الكهوفيين او اذابتهم عبوات وهاونات الارهابين، الموتورين منهم والمدفوعين، ومن تضررت مصالحهم من سقوط السلطة السابقة او الذين باعوا انفسهم لتنفيذ مخططات الاجنبي. هؤلاء الشهداء الأبرار على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، وانحدارهم المناطقي والعشائري والديني، سواء قضوا ثواراً مستبسلين، او محاربين صامدين او قضوا متمردين رافضين او أبيدوا مظلومين مستضعفين صابرين محتسبين صاروا ويبقون وسيبقون اساس وجود العراق ومنجزاته على مر العصور وصارية علم العراق وان تغيرت الوانه، ورمز شعار العراق وان تبدلت وتجددت وتطورت تركيبته. واذا كانت زمر الانقلابات قد اسست لثقافة الغاء الاخر. واقصائه وتهميشه لدرجة التطاول على رموزه وشهدائه، والصاق مسميات "العمالة والتخوين على ضحاياهم من الشهداء الابرار من الحركات والاحزاب التي تتقاطع معهم او تخالفهم الرأي او التي ترفض طروحاتهم الاجرامية او يطلقون تسمية "الموتى او القتلى" على شهداء الاطياف الاخرى بسبب الخلاف الديني او العرقي او الطائفي، مع ان اسباب الاستشهاد واحدة، وظروفها متناظرة!. واذا كانت للفترات السابقة تداعياتها فمن الاولى ان لاتمس هذه التداعيات شهداء العراق بكل اطيافه، ولاتسيء من بعيد او قريب الى تاريخ تضحياتهم بغض النظر عن اديانهم او معتقداتهم او قومياتهم او مذاهبهم او مشاربهم او ظروف استشهادهم فقد جادوا بارواحهم الطاهرة ونفوسهم النبيلة، والجود بالنفس اقصى غاية الجود. ومع ان ذكرى شهداء العراق الابرار يجب ان لا تغيب لحظة عن خواطرنا وان تزين كل مناسباتنا ومهرجاناتنا واحتفالاتنا الا ان الذي دفعنا والح على اقلامنا هو تعامل وتعاطي بعض الدوائر بهذا التمييز والتصنيف غير المنصف لارواح الشهداء، وذلك في مجال تفضيل ذوي الشهداء في بعض درجات التوظيف في حرب اجبروا على خوضها خلال حقب السلطة السابقة او الذين استشهدوا تحت وابل القصف العشوائي على المدن والقرى العراقية في تلك الفترة واستكثار لقب شهيد عليهم، وهذه مثلبة مشينة لا تليق بالعراق الجديد وبرجالاته ولا تنصف ارواح شهدائنا التي اقل ماتستحقه هو الذكرى الطيبة من الذين قطفوا ثمار تضحياتها وتنعموا ببركات دمائها.

ولكي نرضي ارواح شهداء العراق، ومن باب العرفان والمروءة ان تخص الدولة وتفضل ذوي الشهداء وتجعلهم في اولويات اي مشروع سكني او خدمي او توظيفي او اعتباري، وان تعمم الحكومة على كافة دوائرها بالنظر الى الشهداء البررة بعين واحدة وتضعهم جميعاً في مكيال منصف واحد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/20



كتابة تعليق لموضوع : شهداء العراق ومقاييس التوصيف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net