وَمن فَوقِ زهَراتٍ مِن رَبيع الأيّـام جَاءَت خِلسةً!
وَعلَى خُدودِ السّنـِين الوَردِية استَقــرّت..
جَاءَت وَمعَها كُـلّ ترانِيم الضّحِكاتِ المَنسِيّة، وَبعضٌ مِن أجرَاسِ الذّكرَى التِي مَا كُــنّا نَجلِسُ فِي جِلسَةٍ مِن جلسَاتِ الصّمت أنَا وَليلِي وَقمَرِي الصّغِير إلا وَنذكُرهَا، تَأتِي كُل صَباحٍ مَع قَهوةِ آذَار قُربَ مَقاعِد الأمَل المُعلقِ فَوقَ عَتبَـات بَيتِ الطّفولَة!
لِمَعالِم الرّوحِ البَرِيئَة طَوقٌ مِن حَرِير!
كَم جَاءَت بَتلاتُ الحُقولِ تَدعُـونَا للإيَابِ إليهَا غَانِمين بِشَيءٍ مِن لُعبَة "الغُميضَة" التِي مَا أطلَقت شَمس نَهارِنَا ضِحكـتها مُعلِنَة تَربّعهَا عَرشَ السَّماءِ الدّنيَا إلا وَكنّا مُتأهبِينَ لنَبدأ اللعبَة! لكنّنا لَم نَكُن نَأبهُ لِرَحيلهَا وَنحنُ نلعَب، كَانَت اللعبَة تَأخذُنا بَعيداً عَـن ضِحكَة شَمسِنَا، كَانَت كُلمَا دَنا الليلُ تُفشِي لنَا حَكايَا الطمَأنِينَة وَتخبِرُنَا بِأنّ الليل أجمَل لُعبَة وأنّ القَمر حَكَمٌ عَـادِل لَا يُخبِرُ عَـن أنفَاسِنَا الخَائِفَة أينَ تَختَبِـئ!
لَم يَكُن للنسيَانِ أن يَحظَ يَوماً بِِـقَـطعٍ مِن طُفولَتِي، لأنّي أذكُر مِنهَا حَتى زَوايَاهَا التِي مَا كَان لأحَدٍ أن يَعبَأ بِهَا لَو سُطرَت ذَاتهَا بِقَـدرِه!
وَعلَى ألبُومٍ صَنعَـهُ خَريفُ سَنواتِي مَع البَسمَةِ التِي تَرتَسِمُ طَوعاً وَكرهاً كُـلمَا مَــرّ عَليّ ذاكَ الألبُوم، فَكُلمَا حَاوَلتُ تَرتِيبَ رُفوف المُستَقـبل المُبعثَرِة يَقعُ ألبُوم الطّفولَةِ المَحكِيّة عَلى الأرضِ مُوزِّعَاً كُل صُورِ المَاضِي المُعطّرةِ بِأجمَلِ اللحَظات عَلى أرضِيّة حَاضِري! وَكأنّها تَبوحُ لِي بِسرّ مُعلَنٌ لَه مُنذ سَنوات.."لَا تَنسَ ذِكريَاتك لأنـّها ذَاكِرَتك!"
سَأبقَى أصونُ العَهد يَا حَضرَة المَاضِي إنّي وإن كَانتِ الرّوحُ والجَسدُ تَحمِلَانِ الحَاضِر نَحو المُستَقبلِ استِعجَالاً لأمرٍ بَات فِي نَفسِي، لكنّني أعِيشُ بِقوتِ طُفولتِي!