صفحة الكاتب : جاسم محمد كاظم

اليسار العراقي مخاطبة اشباح لاتسمع
جاسم محمد كاظم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يقول بعض الكتاب والمحللين ان الشعب العراقي غامض على التحليل مثل ماوصف بعض الكتاب \"المسيحية\" في القرن الثامن عشر والتي يقول عنها \"غيورغي غاتشيف \" في \"الوعي والفن \" انها بسيطة جدا وليست غامضة في مضمونها الاجتماعي والاقتصادي الا في الظاهر .. و كل شي فيها بسيطا وان انسانها ليس رومانيا او معتوقا او نجارا بل يصفة \"غاتشيف\" بانة \"العبد\" الذي لايملك شيئا سوى فكرة الشمول واللانهائية .و لم يصدقني الكثير من اليساريين ممن شككوا بي ونعتوا كتاباتي بالسوداوية و المتشائمة. ولم يميزوا ان هذة السوداوية لاتكمن في كتاباتي بل هي في صميم هذا الواقع السوداوي المتشائم الذي لم يخرج بعد من عقلية طوطمة الابوي . فعلى طول تاريخ اليسار العراقي لم يكلف هذا اليسار نفسة بدراسة واقع هذا المجتمع طوائفة . .طبقاتة. اقتصادة وكيف تنتج حياتة الواقعية بل بقي يصرخ ويزعق بكلمات اليسار والثورية في فضائات فارغة لم تصل الى اذان صاغية . ولم تكن احزاب هذا اليسار في دواخلها اكثر من اقلية برجوازية مثقفة قرأت او سمعت بالافكار اليسارية وحفظتها عن ظهر قلب وكما نعت \"لينين\" الحزب الشيوعي الالماني بانة اقلية برجوازية مثقفة لاتستند على طبقة . كانت احزاب اليسار العراقي على هذا المنوال تفتقر الى الطبقة التي لم تفرز ولم تتكون بعد . فالبرجوزيات العربية على وصف .. \"\" اندرية غوندر\" في كتابة الرائع \" البرجوازية الرثة والتطور الرث\" يشرح هذا الكاتب باسهاب ووضوح ان برجوازية شعوب المنطقة العربية لم تصل الى مستوى برجوازيات اوربا التقدمية التي سحقت الموروث الاقطاعي والكنسي وحملت مشعل التنوير ونادت بحكم العقل في مطلع القرن الثامن عشر وخلقت واقعها الاقتصادي .الثقافي .والاجتماعي ..فهذة البرجوازية \"رثة\" حسب تعبيرة رفضت اتباع البديل الاشتراكي للخروج ببلدانها من بؤرة التخلف الى فضائات جديدة تقدمية لانها ارتبطت بالمستعمر وربطت نفسها بالاحتكار العالمي فكانت برجوازية طفيلية تعالت على بقية الشرائح و كرست الموروث لخدمة مصالحها ثم قامت بحقن هذا الموروث الديني جرعها المنشطة لتعزيز بقائها عبر كل الحكومات التي تعاقبت على حكم هذة الارض\"\".وكان السبب الرئيسي في رثاثة الطبقات العراقية يكمن في اقتصاديات العراق الذي اعتمد على النفط كمصدر اساسي للحياة الاقتصادية .السياسية و الاجتماعية.. ولان السلطات النفطية على مر تاريخ العراق لم تحرك أي جهد للارتقاء بواقع الشعب المعاشي وخدمة قضايا الشعب.بل ان هدفها الاساسي و الدائم هو خلق الأتباع المعتاشين على موائدها الدسمة من الساسة الانتهازيين ورجال الإدارة الفاسدين والقادة العسكريين وكبار ضباط الجيش و كبار الموظفين اللامنتجين والقضاء المتواطئ والإعلام الاستهلاكي والدعائي ومتعهدي العمل الطفيليين وشيوخ العشائر الراقصين لكل سلطة ومسمى يجزل لهم الرواتب الضخمة والعطايا الكبيرة والهبات الفاخرة وتضمن لهم حمايتهم ورفاههم لكي تديم دعائم سلطانها القبيح . وكان نتائج هذة السلطات النفطية كان أن ربع الشعب من الشباب الحاصل على الشهادات الجامعية يعيش في بطالة قاهرة. وربع الشعب من المتقاعدين الذين خدموا البلاد لأكثر من ثلاثين عاما عاجزين عن معالجة أمراض الشيخوخة وسد املاق المعدة …وربع الشعب من ربات البيوت اللواتي لايحصلن على فلس واحد من ثروات البلاد. وتبقى النسبة الكبرى من الربع الاخير المتبقي من الفئات البسيطة والمرتبطة بحبل الدولة السري من الموظفين في الوزارات الخدمية والتعليمية ونسبة هائلة مرتبطة بوزارات السلطة من الدفاع والداخلية …فيما تستأثر الاقلية من السياسيين وكبار ضباط الجيش و الدرجات الخاصة وأتباعهم بثروات البلاد ومباهج السلطة.

 

وعلى هذا المنوال لم تكن هناك \"بروليتاريا عراقية \" متمايزة منتجة تعيش من خلال العمل المنتج للبضاعة من خلال دولة مؤسساتية صناعية . بل كان الكل ينظر الى واردات النفط وكيف يكون امتلاكها . فتمايز العراقيون على ديانتاهم وطوائفهم بعد سقوط الدكتاتورية البعثية وتطور الواقع بحركة الى الوراء حين ولدت الاحزاب من الرحم الطائفي وليس العمل المكون للافكار والطبقات المنتجة بحركة تعاكس الجدل الواقعي الذي تطور علية العالم المتحضر. وزاد الموروث الديني هذا الانقسام في الطوائف بخطاب المؤسسات الدينية المتمكنة ماليا من اجل تعزيز مواقعها في كافة العصور من خلال بث خطابة الذي كان يتساير مع حالة التخلف ونمط هذة العقلية العبودية الطوطمية غير المتطورة المعتاشة بالرمز والتي كانت ترى فيه هويتها الحقيقية .وحين نعدود لاسقراء التاريخ نجدة يتساير مع مانقول ويدعم كل كلمة فيها في ماضية وحاضرة فقد قام مشايخ و \"شيوخ\" عشائر الجنوب في مناطق الاهوار بتكتيف الشيوعيون وتسليمهم للسلطة البعثية حين ملك\" احمد حسن البكر\" بعض الاراضي لهؤلاء الشيوخ مقابل كشف النظيمات الشيوعية وابادتها من مناطقهم وهكذا فعل مشايخ \"الاكراد \" بتنظيمات اليسار حين كانوا يقتربون من نظام صدام ويتملقونة في ايام الثمانينات والتسعينات . ولازال هذا العقل لم يتغير بل ينتظر اشارة من عقلة المكون\" بالكسر \" لقتل وابادة هذا اليسار لان اليسار في مكنونة هو ابادة لكل هذا العقل العبودي ونفية الحتمي .

ولم تكن نجاحات الاحزاب اليسارية في هذة المناطق في منمتصف الخمسينات تحسب لهذة الاحزاب وانشطتها النضالية بل كانت نجاحات تحسب لقبة الكرملن والسلطة السوفيتية التي كانت عدوا للاستغلال وساندت هذة الشعوب في بعض قضاياها المصيرة فاصبحت موسكو وشخوصها رمزا مقدسا في عقلية هذة الشعوب التي تعيش على الرمز . وسرعان ماتلاشت هذة الاحزاب اليسارية حين ماتت موسكو ونزلت مطرقة العمال والمنجل من سماء الساحة الحمراء وتنكرت حتى السلطات التي كانت تتملق لموسكو في امسها لكل التنظيم اليساري في مناطقها حتى هرب في اخر امرة الى دول الغرب .

ان هزيمة اليسار في انتخابات العراق لم يكن مفاجئة بل كان متوقعا جدا

لقد كان عالم اليسار حلما جميلا راود بعض مخيلة الشرقيين من اجل ان يكون الانسان الة نفسة.. لكنة كان مملكة احلاما لم توجد ...

 

جاسم محمد كاظم


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جاسم محمد كاظم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/08/18



كتابة تعليق لموضوع : اليسار العراقي مخاطبة اشباح لاتسمع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net