الثقافة تمثل المحور الأهم في عملية الإصلاح , فبغير تحقيق مطلب الإصلاح الثقافي قد يتعذر علينا الإصلاح في جميع أشكاله المختلفة من قبيل : الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي.....الخ. لذا نؤكد على إن التعليم بمناهجه وأنظمته التربوية من الروافد الأساسية لعملية التنمية الثقافية والعلمية,إذ لايمكن أن يتطور الحقل الثقافي في أي مجتمع بدون تطور التعليم والتربية ,فهو احد أعمدة التقدم الثقافي وذلك لان التربية التعليمية الوعاء الحاضن لمجموع الطاقات ذات الفعل الايجابي على المستوى الاجتماعي...ومن هنا فإن أي خلل يصيب جهاز التربية ينعكس على كافة حقول الحياة وجوانبها , لذا نؤكد على تطوير العملية التعليمية بما ينسجم وتطورات العصر , لان التعليم الذي يتجه إلى غرس القيم العليا في نفوس الناشئة سيفضي إلى التحول الايجابي , فما أحوجنا اليوم إلى تأكيد قيمة الوحدة الوطنية وضرورة تمتينها وحمايتها من كل المخاطر المحدقة , فلا ريب إن العمل الثقافي المؤسسي من الروافد التي تساهم في تمتين خيار الوحدة الوطنية وحمايتها من كل المخاطر والتحديات , وهذا يحملنا مسؤولية كبرى في هذه الفترة من الزمن , حيث إننا بحاجة أن نمارس الفكر وطرح الأسئلة...فالثقافة الحية ليست هي التي تتفاعل مع راهنها فحسب , بل هي التي تمتلك القدرة على اكتشاف مستقبلها وتهيئة الظروف والمناخات اللازمة للاستفادة القصوى من كل التحولات والتطورات , فليس كل ما هو سائد في ثقافتنا صحيحا , لذا ينبغي أن نمنح ثقافتنا أصالة , وقد يتبادر إلى الأذهان أي ثقافة نريد ؟الثقافة التي نريدها أن تتبلور في أذهان الناس وتتفاعل معها أرواحهم وعقولهم وتنعكس في أعمالهم وسلوكهم هي ثقافة البناء والتعمير , لاثقافة الهدم والتدمير , ثقافة تعلي من شان المبادرات الايجابية والإنسانية , ثقافة تنشد إتباع الأحسن بصرف النظر عن قائله أو فاعله, ثقافة كهذه الثقافة قد تعني لدى البعض حلما أو خيالا! لكن , حق لنا أن نحلم فبغير الحلم والخيال لن نتمكن من تغيير الواقع السيئ , وان لم نعش الحلم الذي يسبق عملية التغيير فلن نغير, ولن نتغير, فالتغيير المنشود يبدأ بتغيير ثقافة الناس , وأول خطوة من خطوات الإصلاح , هي الإصلاح الثقافي , فهل تعي وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة ضرورة إحداث هذا النوع من التغيير ؟ وان كانت تعي ذلك,فأين مردود هذا الوعي ؟! فالتعليم ليس مفصولا عن العملية الاجتماعية وإنما هو جزء منها لذلك ينبغي أن تنبع فلسفة التعليم من حاجات المجتمع الجوهرية , حتى يكون هناك انسجام وتناغم بين ما يأخذه الإنسان في قاعات الدرس وما يجده في الشارع . فالمشهد الثقافي يحتضن العديد من التيارات والأطياف والتوجهات , ولا سبيل أمامنا إذا أردنا الاستقرار والتطور إلا الدخول في مشروع حواري وتواصلي بين كل هذه التوجهات , يستهدف هذا المشروع إرساء تقاليد الحوار والتواصل في فضائنا الاجتماعي والثقافي واستيعاب وامتصاص عناصر التمايز والاختلاف , والعمل معا من اجل بناء فضاء اجتماعي وسياسي وثقافي حر , يحترم مختلف الآراء والأفكار , ويصون الحقوق والكرامات ويمارس الانفتاح على كل الاجتهادات والثقافات.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat