الكرد الفيلية.. حرمان وقضية
هناء احمد فارس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عانى العراقيون من ويلات الحكم البعثي العبثي الذي استهدف بمعوله الهدام وسلطاته القمعية كل قيم الأخاء والأنتماء الأنساني وتبقى شريحة الكرد الفيلية , القومية التي عانت ورزحت تحت الظلم الأكبر للنظام العنصري .وتبقى جريمة سحب الهوية الوطنية جريمة ليست بحق الكرد الفيلية فحسب بل هي جريمة بحق الانسانية لاتختلف في فداحتها من أي جريمة لنظام الفصل العنصري السابق في افريقيا او جرائم الكيان الصهيوني حيث تعرضوا الى ظلم مضاعف قياساً الى بقية مكونات الشعب العراقي، فمثلاً تم احتجاز 22000 شاب بعد تهجير ذويهم، والتهجير بحد ذاته ظلم كبير، ثم تم اعدام هؤلاء الشباب. كما تعرض الفيليون الى اغتصاب ومصادرة الاموال ووهويات الاحوال الشخصية وشهادات الجنسية العراقية فضلاً عن احتجاز اولادهم.هُجّروا وهاجروا وتغرّبوا، غصباً وقهراً وهرباً من ظلم واضطهاد وتمييز عرقيٍّ وطائفي وسياسي أقسى ما وسمهم به النظام السابق (العدو) هي تهمة التبعية الايرانية، تناسى عن قصد انتماءهم الوطني العراقي الذي امتد الى مئات السنين تناسى علماءهم وبصمات فنانيهم قصائد شعرائهم وعلى رأسهم شاعر الكرد والعرب محمد مهدي الجواهري ولا ادري هل كان انتماءهم الديني واعتزازهم بانتماءهم الشيعي هو السبب الحقيقي او المبرر اللأنساني وغير المقبول لحجم الظلم الذي تعرضوا له .
جريمة ابادة شبابهم او جريمة تهجير عوائلهم تخلد في ذاكرة المجتمع العراقي في نهاية السبعينات وطوال سنين الثمانينات ,من منا ينسى زملاء المدرسة الذين هجروا وسفروا دون ان يعرفوا لماذا وكيف اسقطت عنهم الجنسية العراقية فانا شخصيا لن انسى زميلة الدراسة وشريكتي في المقعد المدرسي هناء اكبر التي غادرت وعائلتها العراق الى جهة مجهولة ونحن صغار لم نتجاوز المرحلة الابتدائية او مدرستي لمادة العلوم في المرحلة المتوسطة الست رئيفة التي كان لها الفضل في غرس روح البحث العلمي والتسا ؤل المعلوماتي المبكر لي ولطالبات الصف الاول المتوسط في مدرسة التراث العربي في تلك الفترة حين كانت اسئلتنا عن غيابهم لاتجد من يجيب عنها حتى في غرف نومنا مع والدينا في تلك السنين التي يأبى ذكراها أن يكسر حاجز الرعب الشيطاني الذي زرعه في عقولنا نظام غاشم بكل اجزاء ماكنته الأعلامية التي تروج لافكاره الشوفينية العنصرية في ذلك العهد المظلم الذي يحاول بعض ايتام نظامه ومتملقيه والمتنعمين من وراء دول تدعم نظام تجاوز حدود الظلم المعقولة وحتى لو حاولوا جدلا تزويق تاريخه المظلم تكفي جريمة تسفير وسحب الجنسية عن المواطنين الكرد الفيلية ندبة واضحة تأبى الأيام والليالي لها زوالا.
الان وبعد سقوط النظام العنصري الصدامي وبعد مرور عشر سنين فوجئت قبل اشهر حين وجدت ان الكثير من المواطنين العراقيين من الكرد الفيلية ورغم سقوط رموز النظام السابق ومؤسساته الامنية لم يستطيعوا استعادة حقوقهم المدنية في هذا الوطن الذي هجروا وابعدوا عنه قسرا الى بلدان الجوار والمهجر البعيد , بعيدا في اراض لم يألفوها والى واقع معيشي مغاير تماما لواقعهم الأصلي في ارض الوطن ,حجم المأساة لايقاس بالكلمات, حجم الماساة قد تستشفه من وجوه عرفت طعم الفاقة والحرمان بعد سنين العز والحياة الرغيدة في بيوتهم , التي كانت امنة قبل ان تمتد يد الشر البعثي العنصري لتقوض جدران بنيت بكل الحب وعرق جهد السنين , غريب ان يكرر الظلم مرتين ,غريب ان لاتعود ملكية الكثير من العقارات الى اصحابها او ورثة اصحابها رغم كل هذه السنين ورغم صدور قرارت هيئة منازعات الملكية يبقى ضعف النفوس لدى البعض مبررا لاكل حقوق هؤلاء المواطنين المسالمين الذين لم يسلموا من اذى المشاركين لهم في الانتماء الوطني ويبقى العائد الفيلي لارض الوطن بعد طول اغتراب مهددا بضياع حقوقه بدون دعم الجهات الامنية والتطبيق الصارم لكل مقررات هيئة منازعات الملكية من اجل ان يستعيد المواطن الفيلي كل حقوقه المنتزعة قسرا وتبقى بعض الهيئات مثل (المؤتمر الوطني العام للكورد الفيليين) ومؤسسسه الشيخ محمد سعيد النعماني، الشخصية الفيلية البارزة الذي لم يحمل طموح منظمة ولا هدف تنظيم، بل وعى وسعى الى ان يؤسس خيمة شاملة تضم الفيليين والمنظمات الفيلية و لجنة الكرد الفيلية في مجلس المحافظة بقيادة السيد فؤاد علي اكبر مدير مكتب شؤون المواطنين في مجلس محافظة بغداد وافتتاح قناة الاشراق التي تعنى بالشان الكردي الفيلي هي جزء من جهد مخلص لهذه الشريحة التي عانت الكثيرومساعدة مواطنيها في استعادة الجنسية العراقية بعد ان اجبر النظام السابق المواطنين من الكورد الفيليين على تغيير قوميتهم والانضمام الى عشائر عربية اخرى ومحاولة ايجاد خيمة تضم الفيليين جميعاً بكل تنوعاتهم الفكرية علمانياً او اسلامياً، مذهبياً او قوميا والعمل لكل ما من شأنه ان يرفع من مستوى هذه الشريحة ويدفع الظلم عنها، سياسياً واجتماعياً وثقافياً. وعدم اغفال جانب السياسة الذي يعود الى اهميته للفيليين. ونظراً للحرمان الذي تعيشه مناطقهم المنكوبة اقام المؤتمر الوطني العام للكورد الفيليين ملتقيين، الاول ملتقى (مندلي) والثاني المثلث المحروم (بدرة وزرباطية وورمزيار وقراها) وطرح فيها الحالة الخاصة في هذه المناطق ومطالب اهاليها وقد صدر بيان لكل منطقة يتضمن مطالبها ومشاكلها وحمل الى الى الامانة العامة لمجلس الوزراء وتبقى القضية الفيلية جرحا في ذاكرة الوطن العراقي لابد ان يجد يد شافية تعالج جراحه التي لم تزل نازفة في الوجدان المجتمعي العراقي.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
هناء احمد فارس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat