لكثيرا ما طرح البابا القطري في ما مضى من القرن الفائت : أين الخلل ؟؟ ، وما أدرك أن أفيونه هو الخلل ، وللإستضاح استقرائيا نأخذ عينة من فتاويه المنشورة على موقعه الظلامي ( 1 ) حول عدد الرضعات الموجبة للحرمة حيث قال : " فإن ما أفتي به السادة العلماء في (بنجلاديش) مبني على مذهبهم الذي التزموه ، ولم يدرسوا غيره ، وهو المذهب الحنفي ، الذي يحرم بما قل من الرضاع وكثر، ولو برضعة واحدة ، ولو بمصة واحدة ، وهذا ما نصت عليه كتب السادة الحنفية ، وأجمعت عليه ، ومن هنا كانت الفتوي الصادرة من هؤلاء العلماء صحيحة بالنسبة للمذهب الذي يقلدونه . ولكن القرآن والسنة لم يوجبا علينا اتباع مذهب معين لا نحيد عنه في صغيرة ولا كبيرة ، ولم يوجب ذلك أحد من الأئمة المتبوعين أنفسهم ، ولم يوجبه الإمام أبو حنيفة ولا أحد من أصحابه على أحد بعده . لهذا لا يوجد مانع شرعي من الخروج من الضيق إلي السعة إذا كانت هذه السعة مع مذهب آخر، من المذاهب التي قبلتها الأمة ، ورضيتها في مجموعها. فكيف إذا كان الدليل مع المذهب المخالف ، كما هو الحال في قضيتنا ، في الرضاع وحكمه ؟ فالذي أُفِتي به هنا : ما عليه مذهب الشافعية والحنابلة ، وهو أن التحريم إنما يكون بخمس رضعات مشبعات معلومات ، وقد أيد ذلك الحديث الصحيح .
وأخرج مالك في الموطأ ، وأحمد في المسند من حديث عائشة : أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال لسهلة امرأة أبي حذيفة في قصة سالم مولاه : " أرضعيه خمس رضعات " أي لكي يحرم عليها ، فهذا يدل على أن ما دون خمس رضعات لا يحرم . وأخرج مسلم وغيره عن عائشة أيضًا : كان فيما نزل من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات، وتوفي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وهي فيما يقرأ من القرآن ، وقد روي بألفاظ مختلفة . وفي الحديث مناقشة ، ولكن الذي يهمنا منه هو ثبوت حكم التحريم في الرضاع بخمس رضعات معلومات ، لا فيما هو أدنى من ذلك ، وقد كان الحكم السابق عشر رضعات ، وهذا هو الذي يتفق مع حكمة التحريم بالرضاع ، وهو أنه يثبت نوعًا من الأمومة بين المرضعة والرضيع ، وعليها تتفرع الأخوة أيضًا ، وهذا لا يثبت برضعة أو رضعتين ، فكلما زاد عدد الرضعات كان أقرب إلى تحقيق تلك الأمومة ."
قراءة هذه الفتوى من طرف أي عاقل تلزمه طرح التساؤلات التالية :
1 . إعتمد أهل الحنفية والسادة المالكية على التحريم بما قل من الرضاع وكثر، ولو برضعة واحدة، ولو بمصة واحدة ، وهذا المبنى قياسي ، والبابا يدعي أنه حنفي ، فهل أسقط أهم أصول الفقه لديه وهو القياس ، أم هو اعتراف صريح بأن القياس يولد نتائج خاطئة ! ، ويصبح المفتي في حكم المضل .
2. ينصح المستفتي بـ : " لا يوجد مانع شرعي من الخروج من الضيق إلي السعة إذا كانت هذه السعة مع مذهب آخر، من المذاهب التي قبلتها الأمة ، ورضيتها في مجموعها . " ، أي القفز من غصن إلى غصن حيث وجد ضالته ، شريطة أن يكون الغصن من شجرة أهل السنة و الجماعة ، ألا يفتح هذا باب الفوضى و الميوعة ، النبيذ يحله الأحناف و يحرمه الثلاثة الآخرين ، الغناء تحرمه المذاهب الأربعة و يحله ابن حزم الظاهري ، فلنشرب النبيذ و نغني على رأي صاحب الحلال و الحلال .
3. يستشهد بالحديث الصحيح باعترافه " أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال لسهلة امرأة أبي حذيفة في قصة سالم مولاه ..." وهو رضاعة الكبير ، هل البابا القطري يفتي برضاعة الكبير !! ، تخيل مشهد إمرأة ترضع رجلا في الثلاثين على مرأى من زوجها و أهلها !!!! ، ألا يمثل هذا مضهر من مضاهر الإباحية ، فلا نستغرب فتوى جهاد المناكحة و سبي النساء ، و التعطش إلى الدماء .
4. يستشهد بالحديث الصحيح باعترافه :" عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، وتوفي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وهي فيما يقرأ من القرآن ، وقد روي بألفاظ مختلفة ."
لطالما إتهم الشيعة بتحريم القرآن ، أليس هذا اعترافا صريحا منه بتحريف القرآن و يؤكد على التحريف بجملة " بألفاظ مختلفة " ، " عشر رضعات معلومات يحرمن" من القرآن الضائع !!! ، إذا كان بيتك من زجاج فلماذا ترمي الناس بالحجر ؟!!، ولماذا النسخ بخمس معلومات ؟؟ ، هل أخطأ المشرع في التحديد البيولوجي الذي يثبت البنوة ، أم الفيزيولوجية البشرية تغيرت ، أم هي مجرد أرقام عشوائية تثبت ما ذهب إليه المالكية و الأحناف بالقياس !! .
5. يقول : " فكلما زاد عدد الرضعات كان أقرب إلى تحقيق تلك الأمومة " ، لنفرض أن عدد الرضعات هو ن حيث ن عدد طبيعي من الأقرب إلى تحقيق تلك الأمومة ؟ هل ن يساوي 10 أم 100 في حساب النهايات ، لاحظ الزلة المنطقية .
من رضاعة الكبير إلى تحريف القرآن إلى النسخ بخمس معلومات لتنبثق الفتوى القرضاوية ، فتوى الحبر الأعظم القطري و الأفقه زمانه ، تناقضات يحتار فيها المبدأ الثالث المرفوع لليبنز ، هذيان أم هراء أم الأفيون من يولد الشريعة ، فتأتي حلية استقدام الناتو ، و ضرب بلاد الإسلام ، وقتل الأبرياء و استباحة أعراضهم و ممتلكاتهم مع دمعتين من عيون التمساح على القدس .
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) http://www.qaradawi.net/component/content/article/6358.html
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat