مقتل البديوي وجذور الحدث
احمد العبيدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد العبيدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لكل حدث – صغر أو كبُر – مقدماتٌ قريبة و بعيدة تتعاضد وتتكامل مع بعضها لتكوين المشهد الذي يؤلف الحدث بأدق تفاصيله وأعقدها، فلم يكن حادث مقتل الدكتور محمد بديوي ابن لحظته لنتعامل معه مجرداً من معدِّيه ولاعبيه ومخرجيه والظروفِ التي اعتورته وتلبّست به. تأسيساً على ذلك، أردت أن أسجّل بعضاً مما توقعت انه شريك في إخراج هذا الحدث بصورته الدامية التي تداولتها صفحات النت كي نتعامل مع هذا النوع من الاحداث بمزيد من التدبر والاستقصاء لما هو أجدر بالمعالجة والترشيد:
1- توالي الحروب في العراق وطول آمادها وكثرة ضحاياها، وتكرر فترات انفلات الامن فيه، قلل من قيمة الانسان الى أدنى مستوياته، حتى صار الانسانُ في العراق أرخص من الرصاصة التي تزهق روحه.
2- انتشار صور القتل والاشلاء والدماء على وسائل الاعلام العامة والشبكة العنكبوتية، لا سيما في العقد الاخير، ساهم الى حدٍ كبير في تطبيع الذهنية العراقية مع منظر يُقتل فيه إنسانٌ ويراق دمُه.
3- تضخّم ظاهرة حمايات المسؤولين، واختيار أفرادها في الغالب من عُصبة المسؤول وقرابته، برضى الحكومة ومباركتها، أضفى على هذه الحمايات صبغة مليشياوية تحكمها روح التمرد والطيش والتكتل، ما حولها الى دويلات طفيلية صغيرة داخل الدولة الام، تمتص منها رزقها وتستقوي بها، فيما تنخر بأحشائها وتصارعها.
4- للكرد العسكر في بغداد وجودهم وعالمهم الخاص بهم، فثكناتهم مغلقة عليهم لا يخترقها غيرهم، كما في الجادرية، حيث يستقر لواء حماية الرئيس (المشكوك في وجوده) في معسكر واسع لا يدخله غيرهم، ما كرس لديهم فكرة الانفصال والاستقلال والتحصّن.
5- الشخصية العراقية شخصية مستفزة، تغضب بسرعة وتهدأ ببطء، ولّد ذلك عناصر عدة، منها كثرة الحروب ووحشيتها، وتتابع الازمات السياسية والاقتصادية، وتطرّف حكومة البعث في اضطهاد الشعب والضغط على حرياته، مضافاً الى عوامل طبيعية أسهمت في ذلك مؤكداً، مثل قساوة الجو واستوائيته.
6- أيضا فالروح العشائرية تميل دوماً الى سرعة الانفعال وإبداء ردود أفعالٍ عنيفة في كثير من الاحيان والمواقف، هذه الروح نجدها طاغية على عموم أطياف العراقيين، وربما هي آخذة في التوغل والتجذر كنتيجة لممارسات سلكتها السلطات المتعاقبة بما فيها الحالية.
7- ضعف القانون وكثرة الاستثناءات دفع بالاكثرين للتصرف على نحو خارج السياقات المفروضة ظاهرياً، فلم يعد المواطن يلجأ لتحصيل حقه الى الطرق القانونية بقدر ما تجده يسرف في تحري المنافذ والقنوات التي تجعله مستثنى من الحالة العامة.
8- إنعدام الانضباط العسكري في القطاعات النظامية أفرز لنا ظاهرة (الارتجال) لدى رجل الامن، فهو قد يتصرف (يرتجل) من وحي خلفياته المناطقية أو الطائفية أو النفسية وغيرها بعيداً عن أخلاق الوظيفة الامنية التي تلبس بها، يبشرنا ذلك بشهود حالات مماثلة لما لقيه البديوي من مصير وربما أفظع منه وأشنع.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat