اذكروني اذكركم ....
ابو فاطمة العذاري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابو فاطمة العذاري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم ...
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد واله الطاهرين
لنسمع هذه الاية الكريمة فقد قال تعالى :
( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ )
على كل من أراد عطاء الله تعالى في سبيل التكامل الإيماني لابد ان يكثر من ذكر اله والقران يبين لنا أن من أراد أن يذكر ه الله تعالى في أي موطن شاء فعليه أن يذكر الله في ذلك الموطن وهذا من الرحمة الالهية النابعة من العدل في اللطف .إن ذكر الإنسان لربه له مستويات عديدة وكذا ذكر الرب لعبده ، وعلى مقدار ذكر العبد يكون ذكر الرب قال سيد الساجدين ( ع ) : ( أنت الذاكر قبل الذاكرين )
ولمن خاف من شيء او شعر بان هناك خطر فعليه ان يذكر الله تعالى ليطمأن قلبه كما قال الحبيب المجيب : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد/28} )
ولكن هناك بيوت مخصصة لاقامة ذكر الله تعالى ويقيمها اولياء الصالحين كما قال تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ {النور/36} رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ {النور/37} )
واعلموا ان هذه البيوت إنما هي بيوت إل محمد فان بيوت ال الرسول هي أعلى واشرف وأسمى بيت في الوجود .
وذكر العبد لربه تارة بالعبادة وتارة بالتسبيح وأخرى بالعمل بالمستحبات وكذلك ذكره عند البلاء وعند الشبهات وذكره في مجالس العلم والوعظ ويكون حتى بعد انجاز العبادة ولابد ان يكون أكثر من ذكرنا لشؤننا الدنيوية النسبية فقد قال عز من قائل :
( فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ )
وذكره بالتفكر والتدبر وذكره بتقديم العجز في ساحته وذكره بنسبة فعله إليه والتنبه الى أياديه وغيرها من مواطن الذكر حتى قال اهل المعرفة ان مراتب الذكر تكاد تكون لا نهائية قال الإمام الصادق الصديق ( عليه السلام ) : ( ما من شي ء إلا وله حد ينتهي إليهإلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه , فرض الله الفرائض فمن أداهن فهو حدهن إلا الذكر فان الله عز وجل لم يرض منه بالقليل )
ان الذكر من اساليب التوبة وتكفير الذنوب وازالة اثارها السيئة كما قال جل في علاه :
( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران/135} )
ان ذكر الله يكون محببا في كل حالاتك كما قال تعالى :
( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران/191} )
وأما النتيجة وهي ذكر الله جل جلاله لمن ذكره فتارة يجزي بالثواب وأخرى بدفع أو رفع بلاء وأخرى بزيادة الرزق المادي أو شفاء من علة وتارة برفع الدرجة بسّلم الإيمان وأخرى بذكره في الملأ الأعلى ، قال الإمام الصادق عليه السلام : قال الله تعالى ابن آدم اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي ، ابن آدم اذكرني في الخلاء أذكرك في خلاء ، ابن آدم اذكرني في ملأٍ أذكرك في ملأٍ خيرٍ من ملأك )
ومرة يكون ذكره لعبده بإزالة الحجب عن قلبه وأخرى بإزالة رذائل الأخلاق وتارة بملازمة ذكر الله لقلب عبده وغيرها مما لا يحصى حتى ان الصمت وتقليل الكلام مع الناس احيانا يكون من الطاعات والاساليب النافعة ومن هنا يكون ذكر الله تعالى البديل عن قلة الكلام فقد قال تعالى :
( قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ {آل عمران/41} )
وذكر الله من العبادات الظاهرية والباطنية بمعنى ان يذكر الانسان ربه في نفسه كما قال سبحانه :
( وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ {الأعراف/205} )
والمؤمن يتفاعل مع ذكر الله تعالى ويدخل في قلبه الهيبة من الله والخشوع كما قال جل وعلا :
( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {الأنفال/2} ) .
والشيء المهم هنا هو إن تعميق الذكر ورفع مستواه يعتمد على طهارة القلب المعتمد على خلوص النية حين الذكر من الشوائب فعليه يكون انه ليس المعول عليه كثرة الذكر وإنما مستوى خلوص الذكر من الشرك الخفي والمصالح الخاصة .
ولنا نحن المذنبون ينادي القران اما حان نعود الى الله ونعتذر اليه فاسمعوا ما قال جل جلاله :
( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ {الحديد/16} )
والعجيب اننا نذكر الله تعالى بالسوء كالاعتراض عليه والجزع من أمره ومن علامات المنافقين انهم لا يذكرون الله الا قليلا كما قال رب العزة والجبروت :
( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً {النساء/142} )
ان الشيطان من اهم اهدافه لاضلال الانسان هو ان يجعله تاركا لذكر الله تعالى كما قال عز وجل :
( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {المائدة/91} )
ولكن هناك من يشمأز قلبه من ذكر الله من العصاة والمذنبين كما قال تعال :
( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {الزمر/45} )
قال الإمام الصادق الصديق عليه السلام : ( أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام : قل للجبارين لا يذكروني ، فإنه لا يذكرني عبد إلا ذكرته ، وان ذكروني ذكرتهم فلعنتهم )
واخيرا نختم بهذا الشيء المهم وهو ان من أهم أصناف ذكر الله تعالى صلاة الجمعة كما قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة/9} )
ومن هنا نوجه خطاب الى من لا يحضر صلاة الجمعة نحن لا نريد لكم ان تكونوا من مصاديق هذه الاية كما قال سبحانه :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {المنافقون/9} )
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat