صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

العرب بين الدولة والإمبراطورية؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صناعة الدول تعني الإستعداد للحرب  وإبتداء مسيرات الخراب!!
قد يستغرب الكثيرون من هذا القول , لكن التأريخ يؤكد ذلك , ويعلنها صراحة أن الأرض لا يتحقق فيها السلام النسبي إلا بالأنظمة الإمبراطورية , فلا يمكن للدول أن تكون قوية ومتفاعلة , إن لم تتأكد ضمن منظومة إمبراطورية فاعلة ومؤثرة.
 
فالحضارات ما هي إلا صيرورات إمبراطورية , ولا توجد حضارة إلا ونسبت لإمبراطورية ما , إنطلقت وتألقت وفعلت ما فعلت وإنتهى عمرها فغابت وهكذا دواليك.
 
وفي مسيرة منطقة الشرق الأوسط بشقيها الأفريقي والآسيوي ,  توالت على حكمها الإمبراطوريات , ودارت بينها الصراعات , ولم تحصل ما بين دول فيها , لأن مفهوم الدولة لم يكن موجودا أصلا.
 
فالدول ما كانت لتبقى دولا , وإنما تتمدد لتصبح إمبراطوريات , وهذا ما حصل لدولة المدينة , التي إنطلقت وشيدت الإمبراطورية الإسلامية , بأوجهها المتنوعة وشملت قارات ثلاث , وإنكمشت في الحرب العالمية الأولى عام 1917 , بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية.
 
أي أن الإسلام قد ترعرع في أحضان الإمتداد الإمبراطوري , ولم يكن محبوسا في دولة ذات حدود لأنه للناس كافة!!
 
وفي القرن التاسع عشر والعشرين , إضمحلت إمبراطوريات وصعدت أخرى , وخصوصا في القرن العشرين بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية , وكذلك الحرب الباردة.
 
وفي الربع الأخير من القرن العشرين , أدركت الدول الأوربية أنها لا يمكنها أن تعيش بسلام بجوار بعضها  إذا بقيت بعقلية الدولة , فأقامت الإتحاد الأوربي , حتى وكأنها تحولت إلى ولايات  , وقارة أوربا إلى إمبراطورية!!
 
ومقابل ذلك هناك الإمبراطورية الأمريكية التي وعت جوهر المسيرة الأرضية , فإنطلق المؤسسون لها  برؤية بنائها بجميع ولاياتها , فلا يمكن أن تكون الحكومة في دولة.
 
وهذا المفهوم درجت عليه الإمبراطوريات الإسلامية , أي أن يكون هناك حكم في عاصمة لولايات لها حكامها وقوانينها وضوابطها.
 
ووفقا لهذا فأن الدول العربية لا يمكنها أن تعيش في هذا القرن كدول  ,  وإنما عليها ان تتحول إلى ولايات تحت راية إمبراطورية عربية , لأن بقاءها كدول يعني تحاربها وإستنزاف ما فيها من الطاقات والقدرات.
 
وما يجري اليوم في الدول العربية , هو تعبير عن هذه الإرادة الحضارية , والنزعة الكامنة في 
لاوعي البشر , والمؤزرة بإرادة الأرض.
وبسبب عدم وعي الساسة العرب لهذه الحاجة اللازمة , فأن الإنبعاجات المتراكمة ستتنامى , وهذا يعني أن المنطقة معرضة لإنفجار مدوي , سيزيل جميع الحدود!!
 
ولا يمكن للحالة هذه أن تتعافى من تداعياتها وويلاتها المقبلة والقائمة , إلا بالسعي الجاد والحثيث لإقامة نظام الولايات العربية المتحدة ,  وأن يكون لكل ولاية حاكم ,  ومركز الحكم في مصر أو غيرها , والرئيس لهذه الولايات منتخب من أية ولاية كانت , كما يحصل في نظام الولايات المتحدة الأمريكية.
إن هذا الخيار هو الذي سيداوي جراح الحاضر ,  ويقي المستقبل بأجياله من الدخول في أنفاق مظلمة دامية لا أمل فيها ولا بصيص نور.
 
وإن لم يفعل العرب ما يجب أن يفعلوه , فأن دولهم ستتعرض لما يدور في العراق وسوريا وليبيا واليمن , وباقي الدول التي سيصلها هذا السعير , لأن العرب يعارضون التأريخ , وقوانين الحياة بسلوكهم السياسي المأسور بسطوة الكرسي التي لا تتصور أبعد من قوائمه , ولا يمكنها أن تتخيل الوجود إلا فيه.
 
فهل سيسابق العرب الزمن , وهل سيدركون أن العلة في تفرقهم , ولا خيار عندهم في هذا القرن العاتي , إلا أن يتحدوا ليكونوا أو يتفرقوا ليهونوا؟!
 
وتلك حقيقة التفاعلات ونوازع التداعيات!!
فاتحدوا يا عرب , وعبّروا عن معاني " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"
بالإرادة السياسية المعاصرة والتفاعل الحضاري المنير!!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/04



كتابة تعليق لموضوع : العرب بين الدولة والإمبراطورية؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ahmed alhumadi ، في 2014/07/08 .

مقال رائع هذه حقيقه وشكرا




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net