الوطن ومنطق المِحن!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
للوطن منطق وللمِحن منطق , والمجتمعات بآلتها السياسية عليها أن تختار وتقرر , الطريق الذي تريد أن تسلكه.
منطق المحن دوامة مفرغة من التداعيات والويلات والخسائر والفساد , وإراقة الدماء والثروات وتدمير البلاد وتشريد العباد.
ومنطق الوطن يقضي بالأخوة والمحبة والألفة والمصلحة العامة , والغيرة الوطنية والشعبية وإعلاء راية الوحدة والسيادة الوطنية.
وبين المنطقين تكون حالة الشعوب والأمم والمجتمعات.
فالعالم المتقدم يحكمه منطق الوطن , والعالم المتأخر يسود فيه منطق المِحن.
ولكل منطق أدواته وأقلامه وإعلامه وقوته وثرواته , التي تستثمر في تأكيده والتعبير عنه.
وبعض مجتمعات المنطقة إرتضت أن تكون صاحبة منطق المحن , فأعلت قيمة الطائفة والعقيدة والحزب والعشيرة والقبيلة والمنطقة على قيمة الوطن , وتناست أن عناصر المجتمع المتنوعة لا يمكنها أن تكون أقوى بمعزل عن بعضها.
وتجاهلت بأن الوطن وجود حضاري إنساني يعمل بأجهزة متنوعة , ولا يمكنه أن يكون صحيحا وسليما وقويا إذا أريد له أن يعمل بجهاز واحد.
فالوطن كائن حي , ولا بد لجميع أجهزته ومكوناته أن تعمل بتوافق وإنتظام وإنسجام , لتأكيد دوره وتأثيره والحفاظ على مسيرته الحيوية عِبر العصور.
وما نعانيه اليوم هو غلبة منطق المِحن على منطق الوطن , والإمعان في الإستثمار بالنتائج الناجمة عن هذا المنطق , الذي أدى إلى تنامي المعطيات السلبية والمساهمات البغضاوية الأليمة , التي قسّمت المقسم وفتت المفتت , وأدخلت المجتمع في متوالية هندسية من التنافرات والتفاعلات العدوانية , التي إستنزفت القدرات وحطمت البنية التحتية , وجعلت الناس في مأزق ضياع الأمن والأمان والإستقرار الإقتصادي والنفسي والإجتماعي.
ومن المحزن أن العقليات صاحبة القرار لم تتمكن من التحرر من منطق المحن , وإنزلقت في دوامة سبيلها , الذي أوردها المآسي والأزمات والتخبطات العشوائية , والقرارات الإنفعالية المحكومة بالفشل والخسران الأليم.
ولا يمكن للحياة أن تمضي وتتقدم إلا بالرجوع إلى منطق الوطن , ووعي مهارات تجنب التورط بمنطق المحن.
فهل سنمتلك عقل وطن أم سنستلطف التمحن بالفتن؟!!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat