صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

صناديق الإعْتراك!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المُعاركة: القتال
المُعترك: موضع الحرب وكذلك المَعْرَك.
عاركه مُعاركة وعِراكا : قاتله.

عندما يذهب الناس إلى صناديق الإقتراع , من المفروض أن يمتلكوا قدرات إحترام الرأي والرأي الآخر وحق الإختيار ,  وهذا يستدعي وعيا وثقافة إنسانية ومجتمعية ترى بعيون المصالح الوطنية العامة.

ونرى ذلك واضحا في المجتمعات المتقدمة العزيزة القوية , التي تذوب مكوناتها في وعاء الوطن , ولا تميل للتخندق في صيرورات تستنزف طاقات بعضها البعض.

وما سمعنا في القرن العشرين وهذا القرن , أن الإنتخابات في الدول المتقدمة قد إنتهت إلى صراعات داخلية وسفك دماء ودمار وخراب في البلاد , لكن هذه الصورة تتكرر في المجتمعات المتأخرة , وذلك لفقدان النضج الوطني والإنساني والمعرفي والعقائدي والإقتصادي.

فهذه المجتمعات المتأخرة تجعل من أبنائها وكأنهم قناني مشروبات غازية مرجوجة , وحالما تزال سدادتها ينفجر ما فيها ويفيض , وهكذا تجدنا متحيرين أمام قناني المشروبات الغازية البشرية , فما  أن تخاطبها حتى تطير من فوهاتها سدادتها , وتبدأ بإطلاق ما فيها من الإنفعالات السلبية العمياء , التي تسعى لتحطيم ذاتها وموضوعها.

وهذا التشبيه ينطبق على الأحزاب والذين يسمون أنفسهم ساسة وكتل وفئات.

فنحن أمام قناني المشروبات الغازية المرجوجة رجا عنيفا , والتي تنتظر إزالة سدادتها , وفي هذا الخضم الفوار المنضغط المأزوم , كيف نتجرّأ القول بأن صناديق الإقتراع هي الحل , وهي في المجتمعات المتأخرة وسائل لتحقيق الصراع والفرقة , والإعتراك ما بين أبناء المجتمع الواحد.

هذا ما حصل ويحصل في المجتمع العربي , وأمثلة العراق واليمن ومصر وليبيا والجزائر وفلسطين واضحة ومتكررة , ولكي يتم الخروج من هذا المأزق الإتلافي الإنقراضي , الذي سخّر أسباب القوة والإقتدار لتدمير البلاد وتشريد العباد , يكون الحل في حكومة وطنية مركزية قوية عادلة , ترسّخ المفاهيم الديمقراطية بأنشطة إقتصادية وإعمارية نزيهة , تخدم مصالح أبناء المجتمع وتوفر مفردات الخدمات الأساسية أولا.
وبعد أن تتمكن من بناء الركيزة الإقتصادية والعمرانية , يمكنها التحدث عن صناديق الإقتراع.

لأن الديمقراطية نظام إقتصادي أولا وأخيرا , وإذا إنعدمت المشاريع والرؤى الإقتصادية , فأن الديمقراطية لا وجود لها.

ولهذا فأن الدول الديمقراطية لديها وسوسة شديدة بالوضع الإقتصادي في مجتمعاتها , لأنها تدرك جيدا جدا بأن الإقتصاد هو عماد الديمقراطية ,  وبإنهيار النظام الإقتصادي تندحر الديمقراطية , وهذا ما يجب أن يدركه المتوهمون بالسلطة والسياسة , والذين يرددون الديمقراطية ببغاوية الجاهلين بمفرداتها وقيمها الأساسية وقوانينها وأخلاقها السلوكية.

وعلينا أن نعترف بأننا نملك صناديق إعتراك , وليس إقتراع كما يحلو لنا أن نتصور!!

وأن بلادنا أصبحت تسمى "بلاد العِراك"!!

 


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/11



كتابة تعليق لموضوع : صناديق الإعْتراك!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net