صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

لافتاتٌ إنسانيةٌ ... إسلاميةٌ
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الإنسان أخلاقٌ وقيمٌ، وسلوكٌ وممارسةٌ، وفهمٌ ووعي، قبل أن يكون انتماءً وهويةً وديناً، أو مذهباً وفكراً وعقيدة، أو عرقاً وجنسية، أو ماضياً وعراقة، أو تاريخاً ونسباً، أو حضارةً وعمارة، أو علماً وشهادة.
الإنسان الحق هو الذي يميزه سلوكُه، ويدل عليه منطقُه، ويشير إليه منهجُه، ويشجع عليه تعاملُه مع الآخر، وطريقته في التعامل مع غيره أياً كان دينه أو مذهبه، وأياً كانت هويته أو جنسيته، وبعيداً عن لسانه أو لغته، ولونه أو شكله، ولباسه أو هندامه.
الإنسان ليس شكلاً ولا وسامة وجه، ولا هو لباسٌ وهيئةٌ وهندام، ولا يكون بصوته العالي ولا بحضوره اللافت، ولا يفرض نفسه بأقدامه الثقيلة، ولا بخطواته البطيئة، ولا يرسم شكله ويثبت وجوده قوةُ جسد، وعنفوانٌ وجسارة، أو شجاعةٌ واقدام، أو تهورٌ واقبال. 
قد لا يغير المعتقد من هوية الإنسان وقيمته، إن لم تعكس العقيدة على حاملها سلوكاً حسناً، وممارسة طيبة، وفهماً مقبولاً للحياة والمجتمع والآخر الشريك في الكون والحياة.
لا قيمة لفكرٍ لا يصنع حياةً جميلة طيبة هادئة آمنة مطمئنة، تنشر المحبة والمودة والسلام، وتشيع حياةً كريمةً، ملؤها الصدق والخير والحب والوفاء، وأساسها التعاون والتفاهم والقبول والمشاركة.
لا لفكرٍ يؤسس للقتل، ويشرع للموت، ويسعى بين الناس بالفتنة والخراب، ويقود النفس إلى التهلكة والبوار، ويورث الخلق ثأراً وانتقاماً، ويعلمهم الجريمة البشعة، والانحراف الشاذ، والسلوك البغيض.
ولا لجارٍ يسرق ويخون، ويكذب ويتآمر ويغدر، ويستغل ويسيطر ويستحوذ ويهيمن، ويفتري ويقتل ويعذب، ويعتدي ويتجاوز الحدود، ولا يحترم القيم ولا المبادئ ولا يقدر الأصول.
لا وجود بيننا ولا معنا لغريبٍ وافدٍ، ولا لمارقٍ جاهل، ولا لمريضٍ معتوه، ولا لمجنونٍ أخرقٍ، ولا لسفيهٍ أرعنٍ، ولا لدخيلٍ مشبوهٍ، أو عدوٍ حاقد، ولا لخصمٍ خبيثٍ أو صديقٍ ماكرٍ، ولا لناصحٍ فاسدٍ أو لبطانةٍ مرتزقة. 
ولا للطوافين الكاذبين، المصفقين المنافقين، الجشعين الطماعين، الساعين لمصالحهم، والمشغولين عن الأمة بهمومهم ومكاسبهم، المفرطين في الحقوق، والمتجاوزين للحدود، الغارقين في الفساد، والساعين في الرذيلة، والماضين في الجريمة، عبيد الأهواء، وجنود المصالح، وأتباع الغرباء والأجانب.
ولا لتجار الكلام وباعة الوعود، تجار الجنس والرقيق، ومهربي المخدرات ومروجي المحرمات، مصاصي الدماء، وآكلي الحقوق، ومنتهكي المحرمات، ومستغلي الضعف والحاجات، ومنتهزي الفرص والمفاجئات، المتربصين للصيد، والمطاردين للقنص، والساعين للهتك، والطامعين بما في أيدي الغير ولو كان قليلاً، والغاصبين للحقوق ولو كانت مصونة، والمنتهكي الأعراض ولو كانت مستورة.
لا لفكرٍ يطغى، ولا لعقلٍ يصادر، ولا لفهمٍ يُجرم، ولا لتبعية عمياء، ولا لتقليدٍ مريض، ولا للعينِ الواحدة، والثقب الصغير، والأحادية العقيمة، ولا للنظرة السوداء والفكر المقيت، وسياسة الإكراه، ومنهجية العنف، وفكر التطرف، وحرية الشذوذ، وخصوصية الانحراف.
ولا لحاكمٍ يخلق الجريمة، ويؤسس للتطرف، ويظلم الشعب، ويعذب المواطن، ويضهد الإنسان، ولا يبالي بكرامة الناس، ولا يعير حياتهم اهتماماً، ويغرس مفاهيم التمييز، ويقصي أسس العدالة، ويحارب مبادئ المساواة، ويرسي قواعد الغلو، ويقود إلى الإيغال في التشدد والتطرف، ويستنجد بالغريب، ويستقوي بالعدو، ويبطش بمواطنيه ليبقى، ويشرع للطامعين والعابثين على حساب الوطن ليكون. 
ليس منا مَنْ أرعبَ وأخافَ، ومن أرهبَ وهددَ، ومن قتلَ وحرمَ، ومن سفكَ وذبحَ، ومن شرَّدَ وهجَّرَ، ومن سرق ونهب، ومن جرَّد وصادر، ومن كذب ونصب، ومن ادَّعى وتآمر، ومن خاصم وفجر، ومن افترى وبهت، ومن زور وبدَّلَ، وحرَّفَ وغيَّر، ومن سعى بالفساد، ومشى بالنميمة، وخان الأمانة، وفرط في الوديعة.
نعم لدينٍ سمحٍ، حنيفٍ سهلٍ، رحيمٍ كريمٍ، يأخذ بأيدي الناس من الضيق إلى الفرج، ومن السقم إلى الصحة، ومن السأم إلى النعمة، ومن الجور إلى العدل، ومن البطر إلى الرضا، ومن الانحراف إلى الاعتدال، ومن الشذوذ إلى العقل، ومن التطرف إلى الوسطية، ومن التيه إلى الرشد، ومن الضلال إلى الرشاد، ومن الضياع إلى الجادة، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الخوف إلى الأمان.
إنه إسلامنا الحنيف، وديننا الرشيد، وإرثنا العظيم، الذي أنار الدنيا وعمر الكون، وأشاع العدل ونشر العلم، وأرسى مفاهيم الإخاء والمساواة، وعظم مورثات الحق والشرف والنخوة، والنبل والجود والبذل والسخاء، الذي يحمي الإنسان، ويؤمن الغريب، ويحرم القتل، وينتصر للمظلوم، ويهب لنجدة الملهوف، ومساعدة المحتاج، ويقف عند الحدود، ويحترم الخصوصيات، ويلتزم الحدود، ويقف عند المحرمات.
هذا هو ديننا الذي نعرف، وهو الذي إليه ننتمي وننتسب، وبه نتعبد ونتقرب، وبه نشرف ونفخر، وإليه ندعو ونبشر، وبه نؤمن ونصدق، فالله ربنا، والقرآن كتابنا، وإسلامنا العظيم السمح الحنيف هو ديننا.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/25



كتابة تعليق لموضوع : لافتاتٌ إنسانيةٌ ... إسلاميةٌ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net