صفحة الكاتب : د . عبد الخالق حسين

حوار حول الموقف من الدعم الدولي للعراق ضد داعش
د . عبد الخالق حسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بعد نشر نص المقابلة الإذاعية التي أجراها معي الكاتب والإعلامي الأستاذ ملهم الملائكة يوم 25/9/2014 على راديو (DW) في ألمانيا بالتعاون مع راديو دجلة في العراق، ومحورها: (هل يتراجع الدعم الدولي للعراق ضد داعش بسبب اشتراطاته؟)(1) على العديد من مواقع الإنترنت، ومن بينها موقع عراق القانون، حيث شارك عدد من القراء الأفاضل في التعليق على إجاباتي في المقابلة، ومن بينهم الكاتب، الصديق محمد ضياء عيسى العقابي، الذي قدم تعليقه على شكل استفسارات أشبه بالمقابلة الصحفية. لذلك رأيت من المفيد تقديم إجاباتي وعلى شكل مقابلة صحفية أيضاً.

في البدء، أتقدم بالشكر الجزيل للصديق الأستاذ العقابي ولجميع الأخوة الذين شاركوا في التعليق، وكلها تعليقات مفيدة ومهمة، و مكملة للحوار و جديرة بالاعتبار والتأمل. ونظراً لأن الأخ العقابي طلب مني الإجابة على تساؤلاته المشروعة، أدرج أدناه إجاباتي متمنياً أن تكون وافية وحسب إمكانياتي واستيعابي للمعضلة العراقية. ولكن قبل الإجابة على الأسئلة، أود أن أذكر بعض الحقائق التي قد نتفق عليها، عسى أن تساعدنا للوصول إلى حل مقبول للمسائل الخلافية:
الحقيقة الأولى، وكما ذكرتُ مراراً أن (السياسة فن الممكن)، وأنها وراء المصالح، وقد تتضارب أحياناً حتى مع الأخلاق. ويعتبر البعض هذا القول تطبيقاً للمكيافيلية (الغاية تبرر الوسيلة)، ولكن ألا يردد العرب والمسلمون عامة مقولة مشابهة وهي: (الضرورات تبيح المحظورات)؟ فكما أخبرني صديق متفقه في الدين الإسلامي، أن هذه المقولة هي قاعدة فقهية يستدل بها من نص قرآني:"فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه" والتي بموجبها يجوز اكل الميته ولحم الخنزير...وحتى شرب الخمر... وحلف اليمين كذبا لدفع الضرر وماشابه ..)
ولو راجعنا كتب التاريخ لوجدنا حتى في الحركات اليسارية قادة كبار مثل لينين وستالين طبقوا هذا المبدأ، وعلى سبيل المثال عقد لينين (صلح بريست) عام 1918 مع الألمان لإنقاذ الثورة البلشفية، فانتقده اليساريون المتطرفون، ورد عليهم لينين بعنف ووصفهم باليسارية الطفولية. وكذلك تحالف ستالين مع أمريكا وبريطانيا ضد ألمانيا النازية الهتلرية في الحرب العالمية الثانية. فإذا كان هذا مقبولاً للسوفيت وليس ماكيافيلية، فلماذا لا يجوز للعراق أن يتحالف مع أمريكا وهو يواجه الإرهاب الداعشي-البعثي الذي هو أسوأ من النازية الهتلرية بكثير؟

الحقيقة الثانية، هي أن أمريكا ليست جمعية خيرية تقدم المساعدات لوجه الله أو لوجه الإنسانية أو لسواد عيون الشعب العراقي، بل هي دولة مؤسسات تسعى وراء مصالح شعبها. وكذلك علينا نحن العراقيين أن نسعى وراء مصالح شعبنا، ونمد الجسور مع أية دولة تتفق مصالحها مع مصالحنا وبالأخص أمريكا الدولة العظمى.
الحقيقة الثالثة، في عصر العولمة، والقطب الواحد، لا يمكن حل أية مشكلة كبيرة مثل الإرهاب الداعشي بدون الدعم الدولي وبقيادة أمريكا.
الحقيقة الرابعة، العراق تحكمه حكومة ديمقراطية إئتلافية (حكومة الوحدة الوطنية الشاملة). وهذه الحكومة غير متجانسة، بل ومتعادية فيما بينها، وهناك شركاء في السلطة  لهم علاقة مع الإرهاب ومستعدون أن يتحالفوا حتى مع الشيطان في سبيل مصالح شخصية وحزبية وفئوية وطائفية وعنصرية على حساب بقية مكونات الشعب.
الحقيقة الخامسة، القوات العسكرية العراقية حديثة التكوين وغير ملتزمة بالطاعة والانضباط العسكري. ففي تحقيق صحفي لصحيفة الإندبندنت اللندية، ينقل الكاتب باتريك كوكبرن عن تقرير للبنك الدولي نشر للتو، يكشف أن من أصل 8206 من الحراس الذين تستخدمهم وزارة واحدة، فقط 603 كانوا يعملون في الواقع والبقية غياب ويستلمون رواتب. وقد تم مؤخرا إقالة 132 من كبار الضباط من قبل رئيس الوزراء السيد العبادي، ولحد الآن ليست هناك أية علامة تشير إلى قدرة الجيش على تقديم هجوم مضاد ناجح ضد داعش. وأسوأ من ذلك، أن القوات الأمنية غير قادرة على وقف موجة السيارات المفخخة والانتحاريين في بغداد، التي لا تزال تسبب خسائر فادحة في أرواح المدنيين.... وإثناء سيطرة داعش على الموصل كان هناك نحو 60 ألف من القوات الحكومية المسلحة (الشرطة والجيش) لم يقوموا بواجبهم في حماية المحافظة ونسبة الغياب بين القوات المسلحة نحو الثلثين.(2)
هذا هو وضع العراق وأجهزته الأمنية، فكيف تريد أن تحمي وطناً وشعباً ودولة من مخاطر الإبادة وبهذه الإمكانيات الهزيلة، وبدون الدعم الدولي بحجة السادة والكرامة ؟؟؟؟

وآخر الأنباء تفيد أن الدكتور العبادي تلقى تهديداً من قادة الحشد الشعبي (وبتأثير من إيران) أنه إذا ما وافق على تواجد قوات برية دولية فإنهم سيسحبون إسنادهم للجيش، وربما حتى دعمهم للحكومة. ولذلك اضطر العبادي أن يصرح للإعلام بأنه ضد تواجد القوات البرية الأجنبية في العراق. وقريباً سيجد العبادي نفسه في نفس الوضع الذي كان فيه سلفه المالكي.
*********
والآن لنجيب على الأسئلة،
يبدأ الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي بالتالي:
الدكتور عبد الخالق...تحية، حقاً أريد أن أراجع نفسي. فأرجو مساعدتي بإفادتي برأيك عما يلي:
س1– لماذا لم تجهزنا أمريكا بطائرات م – 16 والأباتشي التي دفعنا ثمنها منذ مدة طويلة وهي القادرة على حراسة الحدود؟
ج: هذه الأسلحة ليست مواد غذائية أو مساعدات إنسانية يمكن تقديمها كيفما كان، بل هي تشكل جزءً مهماً من الاستراتيجية الأمريكية في علاقاتها مع الدول. ونظراً لرفض الجانب العراقي لبقاء قوات أمريكية رمزية محدودة في العراق وفق اتفاقية (SOFA) لتدريب جيشه ومساعدته عند الضرورة، إضافة إلى الحملة التي شنتها الجبهة الكردستانية والجبهة العربية السنية في الإعلام الغربي والأمريكي وبدعم من السعودية وغيرها، ضد السيد نوري المالكي، وأظهروه بأنه يميل إلى إيران ضد أمريكا، لذلك لم تسلم أمريكا هذه الأسلحة (طائرات م – 16 والأباتشي) إلى العراق خوفاً من وقوعها في أيدي الإيرانيين.
وكما علق مشكوراً القارئ الكريم حسين كاظم، على السيد العقابي قائلاً:
((هل تريد امريكا ان تجهز جيش بغداد النظامي حتى تذهب الطائرات الأمريكية لطهران او تذهب لداعش السنية كما حصل بالموصل من استيلاء المسلحين السنة على اسلحة الجيش؟ ماذا لو ان داعش حصلت على الطائرات الامريكية الحديثة من المطارات في الموصل؟؟ هل الجيش النظامي لبغداد مؤهل لاستلام اسلحة امريكية حديثة؟؟ في وقت يضم الجيش عشرات الألوف من المليشيات والجماعات المسلحة المعادية لأمريكا.. وتجهر بعدائها ضد امريكا... حتى المالكي اعترف بان ما حصل بالموصل من (تبخر للجيش) لم يكن بسبب قلة السلاح او نقصه، بل كان الجيش متخم بالأسلحة الثقيلة واعترف باقر صولاغ جبر .. بان قيمة الاسلحة التي كانت للفرق العسكرية بالموصل تقدر بسبعة مليارات دولار استولت عليها العشائر السنية المسلحة داعش. ارجو ان لا تجدوا مبررات وأعذار لفشل المسؤولين المحسوبين شيعيا .. والمؤسسة العسكرية المتهرئة .. ارجو ان لا تجعلوا امريكا علاكة لفشلكم وفشل العملية السياسية البائسة.. ورئيس وزراءها المحسوب شيعيا.. ارجو ان لا تجعلوا الاخرين سببا للانتكاسات.. لتجملون وجه زعماءكم المتهرئين..))(1)
كذلك نشرت صحيفة المدى قبل أكثر من عام، أن أمريكا رفضت قبول طيارين شيعة لتدريبهم على هذه الطائرات. وما جعل الإدارة الأمريكية تصدق بهذه الدعايات المضادة هو المظاهرات التي يقوم بها التيار الصدري (الشيعي) ضد أية علاقة مع أمريكا (كلا كلا أمريكا... وإن عدتم عدنا... وسنجعل العراق مقبرة للأمريكان...الخ). وإذا كانت القوة الجوية كافية لحراسة الحدود، فالعراق الآن لديه طائرات روسية لماذا مازالت الحدود غير محروسة؟ وهذا يؤكد ضرورة وجود قوات برية أيضاً.
   
س2: هل تتفق مع قول الرئيس أوباما للإعلامي توماس فريدمان: لا نريد ان تكون أمريكا قوة جوية للشيعة لضرب السنة؟
ج- طبعاً لا أتفق، وهي حجة واهية لكن نجح أعداء الديمقراطية أن يبرزوا الإرهاب الداعشي وكأنه صراع سني – شيعي ونتاج عزل المالكي للسنة والكرد. وكما قال أوباما في نفس المقابلة "أن الشيعة أهدروا الفرصة". في الحقيقة الشيعة هم أعداء أنفسهم، يضربون اليد التي تقدم لهم المساعدة. فهكذا فوَّت قادتهم الدينيون والعشائريون الفرصة في الحرب العالمية الأولى عندما أعلنوا حرب الجهاد على بريطانيا التي جاءت لتحرير العراق من الاستعمار التركي العثماني، ثم ثورة العشرين، وموقفهم المناهض للدولة الفتية، الأمر الذي أدى إلى تهميشهم وعزلهم لثمانين سنة. وبعد عام 2003 جاء الأمريكان وحرروهم من أشرس دكتاتورية همجية، فقام بعض قادة الشيعة من أمثال مقتدى الصدر والحكيم في موالاة إيران ومعاداة أمريكا وعلى حساب الشعب العراقي. فكيف تريد من أمريكا أن تتصرف في صالح الشيعة أو العراق وعلى رأس حكومته حكومة ترفض الدعم الأمريكي لهم؟

س3– هل تستطيع ان تحدد ما قصده الرئيس اوباما عندما قال لفريدمان: لم نعطِ مساعدات للمالكي كي لا نشجعه على عدم التنازل؟ أي تنازل أراد؟
ج: أنا لست الناطق الرسمي عن البيت الأبيض!!، ولكني أعتقد أنه قصد المزيد من مشاركة السنة والكرد. فكما بينتُ أعلاه أن خصوم المالكي نجحوا في إقناع أوباما ومعظم السياسيين والإعلاميين في الغرب بأن المالكي دكتاتور وهمش السنة والكرد وأنه موالي لإيران. وهذا الرأي رغم خرافيته وكذبه إلا إنه هو السائد في الغرب الآن، والسبب هو إهمال السيد نوري المالكي الجانب الإعلامي في الغرب، وكذلك لرفضه وجود قوات أمريكية في العراق مما جعل العقلية الغربية تصدق بهذه الافتراءات.

س4– هل تتفق مع ما دأب الرئيس اوباما والاعلام الأمريكي على طرحه ومنذ سنتين على ان السنة في العراق مهمشون ومقصيون وغير ممثَلين (هذه الأخيرة قالها لفريدمان)؟
ج: كلا، وألف كلا، لا أتفق مع ما يردده أوباما عن خرافة التهميش. و نشرت عدة مقالات نفيت فيها هذه الكذبة والخرافة، أدرج رابط إحداها في الهامش وهي بعنوان: (التهميش، وثياب الامبراطور الجديدة)(3)
 
س5– هل تعتقد بعقلانية قول امريكا بأنها تشرك السعودية وقطر وتركيا على راس التحالف الدولي لمكافحة الارهاب لكي تشرك السنة في العملية؟ هل هؤلاء يمثلون السنة؟ اليست السعودية وقطر وهابيتان متطرفتان على عكس باقي السنة الوسطيين؟
ج: يا أخي أنت "تبيع الميه في حارة السقايين" كما يقول إخواننا المصريون. مرة أخرى أذكرك بأني كتب ونشرت عدة مقالات في هذا الخصوص بينت فيها أن داعش وغيره من الإرهاب الوهابي هو نتاج هذه الدول (السعودية وقطر وتركيا) بل وحتى الأردن، و بعلم من أمريكا وربما بمباركتها لاستخدام داعش في حالات معينة كما هي الحال في العراق حيث استخدموه لإزاحة السيد نوري المالكي بعد أن فشلوا في إزاحته عن طريق الانتخابات. راجع مقالنا ( نفاق السعودية في محاربة الإرهاب والتطرف الديني)(4)، ومقال آخر (لماذا نجح المالكي في الانتخابات وخسر "المقبولية"؟)(5).
وما الحماس الظاهري لهذه الدول في محاربة داعش، وتنظيمها للمؤتمرات الدولية إلا لخدع الرأي العام العالمي، ولإبعاد التهمة عن دورها في دعم داعش.
ولكن من الجانب الآخر، نعم أعتقد بعقلانية سعي امريكا في شمول هذه الدول في محاربة الإرهاب، لأن هذا الإرهاب هو سني، ومحاربته يعطي الذريعة لداعمي الإرهاب بأن أمريكا تحارب السنة لصالح الشيعة. وكما جاء في سؤالك الأول أن أوباما قال: "لا نريد ان تكون امريكا قوة جوية للشيعة لضرب السنة". لذلك فهذا الموقف الأمريكي لا بد وأن يكون عقلانياً وحكيماً لأنه جر هذه الدول وضمها إلى تحالفه الدولي ولو رمزياً وبالاسم فقط، وشئنا أم أبينا، فهذه الحكومات هي سنية وهي التي ساهمت في تأسيس ودعم الإرهاب الإسلامي السني الوهابي و وهبنة المسلمين السنة من بقية المذاهب الإسلامية المعتدلة ونشر التطرف.

س6– لماذا وافقت أمريكا على دخول الإرهابيين الى سوريا وعلى الحدود العراقية؟
ج: أمريكا تريد الإطاحة ببشار الأسد وبأي ثمن كان، لأن الأسد حليف إيران و روسيا. والصراع على الشرق الأوسط هو صراع بين روسيا والصين من جهة، وبين أمريكا والوحدة الأوربية من جهة أخرى. ولذلك تريد أمريكا تغيير كل حكومة في المنطقة تتعاطف مع المعسكر الروسي- الصيني. فمثلاً خلقوا مشكلة أوكرانيا ضد روسيا، والآن أشعلوا مشكلة هونكونغ ضد الصين، وجاؤا بداعش ضد المالكي. والتاريخ يخبرنا أن النصر دائماً إلى جانب الحلفاء الغربيين. وكل من وقف ضد الغرب أنتهى كما أنتهى هتلر وصدام والقذافي. لذلك فمن مصلحة العراق أن يقف مع المعسكر الغربي الذي حرره من حكم الطغيان البعثي ولأنه مع حركة التاريخ.

س7– اما ترى أن المشاكل التي اثيرت بوجه صفقة السلاح الروسي كانت مفتعلة؟ من كان وراء الافتعال ولماذا؟
ج: بالتأكيد كانت مفتعلة وذات غايات كيدية، وأوضحنا هذه المسألة في عدة مقالات لنا. وهذه المشاكل أفتعلها الإعلام المؤيد للسيد مسعود بارزاني مثل المدى، لأن رئيس الإقليم يعتقد أنه لا يستطيع تحقيق طموحه في تشكيل الدولة الكردية إلا بتدمير الدولة العراقية، وبإضعاف القوات المسلحة الإتحادية. لذلك كسب بارزاني أمريكا إلى جانبه، وعيَّن العديد من موظفي السفارة الأمريكية السابقين بمن فيهم السفير الأمريكي السابق زلماي خليل زاد، مستشارين له. وهؤلاء راحوا يدعمونه بتقديم الاستشارات التي تخدم قضيته، وتكوين لوبيات في واشنطن لصالحه. فأين الحكومة المركزية من هذه النشاطات؟ والآن استغل بارزاني ورقة داعش لتسليح جيشه (بيشمركة) مباشرة من أمريكا ودول الوحدة الأوربية، وبدون الرجوع إلى الحكومة المركزية الاتحادية. هذه هي اللعبة السياسية وفن الممكن التي نجح فيها السيد بارزاني وفشل المالكي، وربما حتى العبادي. فأين السيادة الوطنية في هذا الوضع المزري؟

س8– أليست العناية بكردستان قبل بغداد (حتى هرعت ايران وروسيا لمساعدتنا) نابعاً من حقيقة أن كردستان تأخذ بصيغة “المشاركة في الإنتاج النفطي” التي تعطي شركات النفط ربحاً اكثر ب (25) ضعفاً من صيغة بغداد “عقود خدمة”؟ وكذلك لأن البرزاني ينفذ اجندات اسرائيلية لتفتيت العراق كجزء من حملة تفتيت الدول العربية واحدة بعد الاخرى؟
ج: نعم، أتفق معك، لذلك كان على الحكومة المركزية أن لا تدير ظهرها على أمريكا وتستجيب لمطالب إيران، فإيران ومنذ الحرب العالمية الأولى استخدمت شيعة العراق لأغراضها ضد مصلحة الشعب العراقي. وقد حان الوقت لشيعة العراق أن ينتبهوا إلى أن مصلحتهم مع الغرب وليس مع إيران. وهذه ليست دعوة لمعاداة إيران، بل يجب أن تكون العلاقة متكافئة وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، ومن واجب الحكومة العراقية أن تضع مصلحة الشعب العراقي فوق كل شيء وكل اعتبار.

س9– أما ترى أن ما أزعج امريكا ان العراق لم يساهم في تدمير سوريا؟ وان العراق لم يفتعل التوتر والحرب مع ايران؟ وبالتالي فان العراق لم يساهم في تصفية القضية الفلسطينية؟
ج: كلا، أمريكا لا تريد من العراق أية مشاركة في تدمير سوريا، أو شن الحرب على إيران، ولكن في نفس الوقت لا تريد أمريكا من العراق أن تدعم نظام بشار الأسد البعثي، وأن لا تكون علاقة العراق مع إيران على حساب أمريكا. وكان بإمكان السيد نوري المالكي، وبديله السيد العبادي، مفاتحة أمريكا وإقناعها بأن البديل عن الأسد هو داعش وجبهة النصرة، وأنكم أيها أمريكان تخلقون لكم ولنا دولة طالبان أخرى في سوريا على حدود بلادنا وفي منطقتنا الملتهبة أصلاً، وهذا خطر عليكم وعلينا جميعاً. والآن أمريكا اعترفت بالأمر الواقع، فهناك أمريكان متنفذون، يطالبون الإدارة الأمريكية بالتحالف مع إيران وحتى مع بشار الأسد لضرب داعش. ويستشهدون بتحالف تشرتشل وروزفلت مع ستالين في الحرب العالمية الثانية. وحجتهم أنه إذا كنت مهدداً من شرين، فعليك التحالف مع الأقل شراً للقضاء على الأكثر شراً. وبشار الأسد أقل شراً من داعش وجبهة النصرة. 
كذلك لا أحد يريد تصفية القضية الفلسطينية، فأمريكا وحلفائها الغربيون يريدون حل القضية الفلسطينية بإنشاء الدولتين، ولكن حماس وبدعم من إيران، هي التي تقف حجر عثرة فتعطي الذريعة لليمين الإسرائيلي المتطرف المتمثل في نتنياهو ضد حل المشكلة الفلسطينية. وتطرف حماس في صالح التطرف الإسرائيلي. وليس المطلوب من العراق أن يضحي بآخر عراقي في سبيل فلسطين وأن يكون فلسطينياً أكثر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي وافق على حل الدولتين، وليس الحل الذي تطرحه إيران وحماس بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، والتمسك بسياسة "كل شيء أو لا شيء" والتي تنتهي دائماً بلا شيء.

س10– كيف تتهم جميع من ينادي بصيانة السيادة والإستقلال الوطني والمحافظة على ثروة النفط الوطنية بانه يقول كلمة حق يراد بها باطل لخداع البسطاء؟ أليس من حقنا ان ندعو الى الحيطة والحذر؟
ج: أبداً، أنا لم أتهم الناس بشكل عشوائي، معاذ الله، بل أتهم فقط أولئك الذين يذرفون دموع التماسيح على الكرامة والسيادة، وغايتهم خدمة الإرهاب البعثي الداعشي. وهؤلاء يعتبرون أية دعوة لعلاقة متكافئة مع أمريكا ولصالح العراق هي دعوة للانبطاح تحت جزمة الأمريكان!! (لاحظ المفردات التي يستخدمونها)، بينما هذا الإذلال الذي ألحق بالعراقيين وخاصة من الأقليات الدينية حيث هتك الأعراض، وبيع الحرائر والأطفال في سوق النخاسة في القرن الواحد والعشرين لا يعتبرونه انبطاحاً تحت جزمات الدواعش الأوباش.
ومن حقكم أن تدعوا إلى الحيطة والحذر، ولكن دعواتكم وغاياتكم تختلف عن دعوات وغايات أنصار داعش وأنتم لستم المقصودين بـ"كلمة حق يراد بها باطل لخداع البسطاء".
أليست مفارقة أن تسمح حكومة إتحاد الإمارات العربية لأكثر من 600 من القوات الاسترالية ضيوفاً عليها لضرب داعش في العراق وترفض الحكومة العراقية استضافتها خوفاً على السيادة؟
فهل القوات الاسترالية أساءت لكرامة وسيادة اتحاد الإمارات؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الخالق حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/05



كتابة تعليق لموضوع : حوار حول الموقف من الدعم الدولي للعراق ضد داعش
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net