صفحة الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي

العقيدة وكتابة التاريخ
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
                هناك نقطة  مهمة جدا تتعلق بعقيدة الناس , العقيدة تثبت بكتابة التاريخ , لان عقولنا  صيغت بعوامل اجتماعية وتاريخية ,  مثلا .. هناك من وقف ضد النبي {ص} يوم بدر واحد والخندق , ولا زال أبناءهم  يسيرون على منهجهم لحد الآن , ومن وقف معه لا زال أبناءهم ثابتون في موقفهم ..
        عقيدة الناس شيء مهم , لأنها  تحدد سلوك أمة معينة حسب  موروثهم التاريخي . الذين يؤيدون فرعون لا زالوا يتطلعون لمناصبهم لحد الآن , ولا مانع عندهم أن يقتلوا ألف موسى ..! نذكر الآن مثال على  تأثير الإيمان في كفار العرب..
استحكم العداء بين قبائل العرب قبل الإسلام  فكان القتال والسلب والنهب , هو الأصل في العلاقات بين الناس، ومعلوم أنهم كانوا ولا زالوا  يتنازعون فيما بينهم لأتفه الأسباب،لأنه لم تكن الدار الآخرة في وجدانهم؛ لم يحسبوا لها حساباً، وهم لا يؤمنون بها إلا بالكلام فقط دون العمل لها { وسعى لها سعيها}.
كانت  القيم المادية مستحوذة على تفكيرهم. وحين يستحوذ المال على عقيدة الإنسان, يخرج وجوده من مستوى الإنسانية , لأنه لا يرى حق العيش للآخرين يرى الحياة مصالح فقط .. ويعتبر كل شيْ عند الناس من حقه وهو أحق منهم بالعيش ... بل منافسين له في الحياة . فيصل تفكير المجتمع والهبوط الفكري إلى حد اقتتال الجيران دون مراعاة لما تفرضه الأعراف والشرع  من حقوق الجار،...
 في تاريخنا مثال ذلك ما جرى بين قبيلتي الأوس والخزرج، وهما قبيلتان عربيتان تنحدران من أصل واحد، إذ ظل القتال ما بين هاتين القبيلتين نحو مائة وعشرين عاماً، حتى صارت الثارات متوارثة، يورِّثها الآباء للأبناء، والأجداد للأحفاد، وسيوفهم المشرعة تقطر دماً باستمرار. ولكن الأمر انقلب مع دخول الإسلام إلى يثرب، فما كاد الإيمان يغشى قلوبهم حتى حوّل هذه العداوات إلى مودة ووئام، في وقت لم تطهر سيوفهم من رجس ما سفكت من دماء بعد.
وقد سجل تاريخ التحول عند الشعوب ذلك الانقلاب العجيب الذي صنع التحول الكلي في تاريخ عرب الجزيرة، تلك القبائل التي ما كانت تفكر بأكثر من ذلك المحيط الضيق الذي كانوا يعيشون فيه. لما  كانت حروبهم نزاعات محلية قبلية ضيقة، ويتنافسون على حياة الصحراء القاسية بالنهب والغزو وسرقة الأموال.. ويتفاخرون بالدنيء من الخصال كاحتساء الخمر، وارتكاب المنكرات.إضافة إلى تفشي العصبية المقيتة، وتغلغلت الفردية والأنانية والطموح الذاتي، وكانوا أبعد المجتمعات عن فهم طبيعة المجتمع المتكافل الصالح. فظلوا سائرين في جاهليتهم  حتى جاءهم محمد{ص} بدعوة الحق.
لمحت هذه القبائل ذلك الحق فطربت له  القلوب، واطمأنت النفوس وتسامت فوق العداوة والشحناء والاقتتال،{  فبرزت الفطرة صافية} ، وإذا بهم يتآلفون ويتكاتفون وينصهرون في ظل عقيدة التوحيد.
كان الأمر عجيباً ,ً وملفتاً للنظر إلى حد بعيد، ... انصهر المسلمون في عقيدة الإسلام الجديد , وبدلا من الحروب الداخلية والقتل بينهم , توجهت أنظارهم إلى إدخال اكبر عدد ممكن من الناس في الدين الجديد , لإيمانهم انه أفضل عقيدة وقانون يعيش تحت ظله الناس .. كذلك فإن العقيدة هي الآصرة التي كانت تربط بين هؤلاء، وهذه القضية في غاية الأهمية،  هذا التآخي معبر عن اللحمة التي كانت تمثل نسيج المجتمع المسلم، وهي رابطة العقيدة، ......... العقيدة أقوى من رابطة القربى والدم والانتماء ... العقيدة  عندما تتغلغل في عقل الإنسان  تكون أقوى من  الانتماء العشائري والقومي ...لذلك المجتمع  المسلم  انصهر في هذه العقيدة وحصل نسيج واحد فيه تآلف وانسجام، وكان عاملا من عوامل النصر على الكفار.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الحافظ البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/17



كتابة تعليق لموضوع : العقيدة وكتابة التاريخ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net