حــــــوار في المكتــــــبه
حيدر المالكي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حيدر المالكي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كانت ليلة من ليالي بغداد الباردة عندما اوصلتني سيارة اﻻجرة الى مدينة الكاظمية التي اقصدها دائما ﻻقضي ليلتي في احد فنادقها واحظى بزيارة اﻻمام موسى بن جعفر (ع) قبل ان اتوجه صباحا لدائرة التقاعد العامه ﻻكمال معاملة والدي المتوفى..
في الفندق القيت حقيبتي الصغيره التي تحوي بعض مﻻبسي واشيائي الضروريه تهالكت على الكنبة و اخرجت علبة السجائر التي ترافقني دائما كما الصديق الحميم لتكون انيسة وحدتي..اشعلت سيجارتي ورحت اتأمل دخانها المتصاعد في سماء الغرفه احسست ان الخدر بدأ يدب في جسمي ومفاصلي ..فالساعات الخمس التي قضيتها في (اليوكن) كانت كفيلة ان تنهكني لتجعلني كجندي عاد لتوه من معركة ضاريه
في حدود الساعة الثامنه مساءا خرجت من الفندق ﻻقطع شارع القبلة الذي يكتظ بالمطاعم و يزدحم بأصوات الماره والزائرين ..استمتع كثيرا بتلك اﻻصوات واللهجات والوجوه الجميله التي ﻻ اعرفها وتعتريني نشوة كبيره عندما يلامس الهواء البارد وجهي وانا اقصد مرقد اﻻمام الذي يزدان بالنشرات الضوئيه والزخارف الجميله
اديت مراسم الزياره..قبلت الضريح وانا استحضر عبارة كاظم اسماعيل الكاطع \"اشم طيبك بخور بحضرة إيمام ..واترس دنيتي من زلفك عطور..\"
تناولت الكباب في احد المطاعم المجاوره ثم توجهت -كعادتي- للمكتبات علي اصيب كتابا اقضي معه بعض ذلك الليل الشتائي وارفد به مكتبتي المتواضعه..
كانت الكتب دينيه في اﻻعم اﻻغلب كحال اغلب مكتبات العراق وهذا ما يجعل مهمتي صعبه فأنا اعرف محتوى هذه الكتب جيدا وان اختلفت اسمائها او تعددت عناوينها كنت ابحث عن كتاب ادبي او سياسي
وكان احد اﻻشخاص يسال صاحب المكتبه عن مكان ما فأرشده الرجل الذي تبدو عليه عﻻمات الوقار كأي صاحب مكتبه الى شارع النواب احد الشوارع المعروفه في الكاظميه..
عندها تذكرت ان الشاعر الكبير مظفر النواب قد رجع الى العراق قبل اسبوع تقريبا حتى ان الرئيس طالباني استقبله في المطار بنفسه ولكوني اعرف تاريخ النواب جيدا واعرف انه من مدينة الكاظميه..
فقلت في سري انها مناسبة جيدة ﻻطبع قبلة ابدية على جبين ذلك الرجل العظيم الذي اقدسه ايما تقديس واذوب به وبشعره الى حد العشق..
سألت صاحب المكتبه عن مظفر النواب واين يقيم وهل باﻻمكان الوصول اليه ؟!
وتفاجئت عندما ابدى الرجل استغرابه : \"مظفر النواب..منو هذا ؟!! \"
ولكي اداري الرجل وشعوره اخذت اشرح واسهب في الوصف بأنه شاعر عراقي وعربي معروف كان يقيم في سوريا ووو..
لكن علامات اﻻستغراب والتعجب لم تفارق وجه الرجل ابدا !
اخيرا لمست رغبه عارمه لدى الرجل بأن ينهي الحديث عندما قال لي بلهجته البغدادية المحببه \" اخويه يانواب ؟ هو باليوم اﻻف تجي وتروح..ذاك اليوم اجه (فلان) زار وطلع ومحد دره بيه اﻻ لمن وصل للنجف !!
عندها لم اجد اﻻ السيجارة أشعلتها واشعلت قلبي معها...فدرت ظهري وقد اجتاحني اليأس : او مثل النواب يقارن ب (فلان) ؟!!...هاي عود انته المثقف و صاحب مكتبه..هم زين ما سألت ابو المطعم
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat