الحساب هو ذلك الموقف الصعب الذي يقف فيه الإنسان ليسأل عن كل كبيرة وصغيرة ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾
وهو من الأيام العصيبة والطويلة والشاقة حتى يقول فيه البعض ﴿يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾ في هذا اليوم الذي تشخص في الأبصار وترى الناس سكارى، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، إنه موقف مخيف وصعب جداً للناس.
ولكن هناك أشخاص استثنائيون لهم وضعهم الخاص في كل شيء حتى في هذا اليوم الصعب.
لا يمسهم من هذا اليوم سوء ولا تعب! إنهم الشهداء، فهم الذين تذلل دماؤهم الصعاب، ويمرون دون حساب! فهنيئاً لهم!
وقد روى عن الإمام الصادق عليه السلام: "من قتل في سبيل الله لم يعرفه الله شيئاً من سيئاته".
فكثير من المؤمنين ممن يغفر الله تعالى ذنوبه، ولكن المغفرة تكون بعد السؤال عن تلك الذنوب، وبعد الوقوف والخوف والتعرض لأهوال ذلك اليوم، أما الشهيد فقد أفادت هذه الرواية أنه ليس فقط يغفر له ذنبه، بل هو لا يُسأل عنها من الأساس ولا يقف ذلك الموقف الصعب، "لم يعرفه الله شيئاً من سيئاته"!.
وفي ذلك اليوم هناك الكثير ممن يتمنى الرجوع إلى الدنيا لعله يصلح ما أفسد ﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْت﴾. والشهيد أيضاً يحب الرجوع ولكن لا ليصلح ما أفسد بل ليكرر عمله ويجدد شهادته!
وقد روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا، وأن له ما على الأرض من شيء، غير الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجع فيُقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة".
فأي كرامة تلك التي خبأها الله تعالى للشهيد يا ترى؟!.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat