صفحة الكاتب : علي علي

الحرس الوطني.. غلطة الشاطر بألف
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  منذ عام 2003 أخذت ساحة الصراعات بين ساستنا تتسع بشكل جامح، حتى غدت حلبتها تشغل رقعة تبلغ مساحتها (437,072) كم2، تشمل -فيما تشمل- السهول والجبال والصحارى والأهوار والمستنقعات..! وهي صراعات على أصعدة عدة، فمن كان متكلما او متقولا منهم يستخدم اللقاءات المتلفزة والتصريحات الصحفية أداة يبرز عن طريقها عضلاته، ومن لايستطيع التعبير بالكلمات يستخدم بكل سهولة ماتيسر له من أدوات التعبير من دون احتساب صلاحيتها او ذائقتها وسط المجتمع، فساحة صراعاتهم تبيح لهم كل السبل والطرق لإتمام مامكلفين به. أما المتفرجون فيربو عددهم على ثلاثين مليون متفرج، ومن غرائب تلك الصراعات أن الضربات والفنيات والبهلوانيات بين المتصارعين، تعود بالويلات والمصائب على المتفرجين، فيما ينعم اللاعبون بمتعة الفوز ونيل الأوسمة والأحزمة والكؤوس، فضلا عن الامتيازات الدنيوية الأخرى. ومن السيئ جدا وغير الحضاري أن لعبتهم دخلت مدخلا غير مخصص لها، واحتلت مكانا غير مهيأ لها، في ظرف غير ملائم لممارسة فعالياتها، وهذا مانشاهده جليا في اجتماعاتهم التي تحولت الى حلبة مصارعة حرة غير خاضعة الى قوانين وأصول وضوابط، وتختلف عن باقي حلبات المصارعة المعهودة في العالم اختلافا جذريا.
  أظنني قاربت حقيقة الوصف لما هو واقع فعلا في عراقنا الديمقراطي الفيدرالي التعددي، ذي السيادة والاستقلال التامين، وإن فاتني ذكر شيء فهو الوقت الذي تستغرقه جولات المباراة، فهي على مابدا خلال السنوات الثمانية الخوالي، كانت بمعدل جولة واحدة كل أربع سنوات، وكما سجل التاريخ في الجولتين السابقتين، فقد صال وجال خلالها أغلب لاعبيها كما شاءوا يمينا وشمالا.. صعودا ونزولا.. صالحا وطالحا.. حلالا وحراما. ومارسوا فيها أحدث الصيحات، لاسيما الخارجة عن قانون اللعبة وقانون الأخلاق والأعراف والمهنية، إلا القليل النادر من بعض الخيرين الذين يمكن عدهم بأصابع اليد الواحدة وليس كلتا اليدين.
قبل أيام قرر مجلس الوزراء من دون صراع او نزاع او مناوشات، إنشاء حرس أطلق عليه مفردة "الوطني"، وقطعا سيأخذ هذا القرار طريقه الى مجلس النواب لإقراره، وتحت قبة الأخير كثيرون سيصفقون لهذا القرار، وسيعدونه (عيد وجابه العباس) والدوافع في هذا لاتخفى على أحد. من المؤكد أن كل عراقي غيور يتمنى ان يكون هناك حماة صناديد يحمون البلد، لكن..! فات مجلس وزرائنا -رئيسا وأعضاءً- أن كثيرا من الناس يضمرون غير مايظهرون، وهم قادرون على ابداء الجمال فيما هم يخفون من القبح الكثير، كما أنهم لوذعيون في أساليبهم مراوغون في أحاديثهم، متمكنون على خداع المقابل حتى لو كان "رئيس وزراء". والخوف كل الخوف أن يخطأ رئيس الوزراء في كشف هذا -وهو الشاطر الحذق- إلا بعد (خراب البصرة) حينها ستكون غلطته مضاعفة، وكما يقال غلطة الشاطر بألف، وأثرها على العراقيين هو الآخر يتضاعف أيضا، وكما قال الشاعر:
          إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت     
                     له عن عدو في ثياب صديق
   فهل امتحن رئيس وزرائنا مصداقية المناشدين بإنشاء هذا الحرس وشفافيتهم وغايتهم فيه؟ أم غرّه كلامهم المنمق وأسلوبهم المعسول وادعاؤهم بالخوف على البلاد والعباد..! إن ملمس الأفعى يارئيس وزرائنا ناعم، فمن أمن المبيت بجنبها لايستبعد انقلابها عليه غولا شرسا يوما من الأيام، يقول الإمام علي عليه السلام:
          ان الأفاعي وإن لانت ملامسها
                   عند التقلب في أنيابها العطب


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/08



كتابة تعليق لموضوع : الحرس الوطني.. غلطة الشاطر بألف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net