صفحة الكاتب : جمال الهنداوي

العاصفة الباكستانية
جمال الهنداوي

 مكرها لا بطل,كان العميد أحمد بن حسن عسيري، المتحدث باسم قوات تحالف عاصفة الحزم عندما لم يجد ما يرد به عن الاسئلة التي انهالت عليه حول حول قرار البرلمان الباكستاني بالتزام الحياد حيال الأزمة اليمنية، سوى ان يقول ان القوات الأخرى لا تقل كفاءة عنها، فمن المحرج ان يوازن اي كان, مهما تمكن من ناصية الكلمات, بين ذلك تنصل اسلام آباد البواح من المشاركة في الحلف وبين علم باكستان الذي يتموضع, لاسابيع, خلف ظهر السيد عسيري بين رايات الحلف الذي ينطق باسمه..
فليس فندقا, او متجرا يستدر الزبائن لاروقته هو ذلك الحلف ليضع راية لدولة مدعيا مشاركتها في عمليات عسكرية يفترض بها الجدية على الاقل, دون انتظار راي الحكومة المعنية وجيشها الذي كان واضحا في قراره بعدم إرسال قوات للمشاركة في \"عاصفة الحزم\"، على الرغم من اللغة الدبلوماسية التي غلفت الخطاب الباكستاني الذي حاول ان يجد بعض المخارج السياسية التي \"تزوق\" هذا التملص من خلال التعبير عن الدعم الكامل للمملكة العربية السعودية، في حالة انتهاك سلامة أراضيها أو وجود أي تهديد للحرمين الشريفين، و\"إن باكستان ستقف كتفًا بكتف مع السعودية وشعبها\".
وقد تكون تلك العبارات ليست سوى عملية بروتوكولية تستهدف الخروج اللبق الآمن من مطب الفورات الخليجية التي تكرر فشلها في التعاطي مع الازمات والمستحدثات السياسية في المنطقة..واسلوب مهذب للنأي بالنفس عن ارتباك المقاربات الخليجية للازمات العاصفة التي تضرب المنطقة, والهزات التقليدية المصاحبة للتفرد السعودي في قيادة وتشكيل قرارات وتوجهات المنظومة الخليجية, وكل هذا قد يكون مما يخفض من سقف المتوقع المنتظر من الآمال المعلنة من ذلك الحلف المشكل على توقعات وتصورات غير مستندة الى معطيات واقعية وما قد يسفر عنه من قرارات وخطوات..
ان مثل هذه المواقف تعيدنا الى المعضل الذي تواجهه المنظومة الخليجية- وبالتالي اصدقائها في المنطقة- وهو ان قراراتها عادة ما تكون فجائية و طارئة بصورة اقرب الى العبثية ومحكومة بتقنيات المسلسلات البدوية والاستناد على ردود الافعال المتشنجة اكثر من كونها نتيجة دراسة معمقة مدعمة بالاتصالات الكافية والخبرة والدراية والبحث المستفيض لاوضاع معينة تساعد المجلس لاتخاذ القرار نحو ما يحقق الحاجة الفعلية من اصداره.. وهو ما قد يشير الى وجود خلل واضح وجلي ومربك في بنيوية مؤسسة القمة في المنظومة الخليجية وفي آلية التوصل الى القرار ضمن البيت الخليجي الذي يشهد المزيد من الفردية والتطرف في المواقف المؤدية الى مزيد من التقاطع والازمات اكثر مما تقدم من حلول..
ان المطلوب من الدول الخليجية في حالة رغبتها في ترصين جبهاتها الداخلية وسد المنافذ امام التدخلات الاجنبية في شؤونها الداخلية العمل على الاستماع الى النصائح التي تدعوها الى توسيع المشاركة السياسية في اتخاذ القرار وعدم الاسراف في الخيارات الامنية المبنية على خصوصية خليجية ملتبسة..والاهم..عدم التوحل في مسارات التحشيد واللململة وفق عناوين ورموز متقلقلة ومتعامية عن الكثير من العوامل التي قد تدعو الى الفرقة اكثر مما تقدم من وعود بالوحدة والانصهار والتجمع..
كما ان الأسر الحاكمة في الخليج مدعوة الى التصالح مع شعوبها والاستفادة من الافضلية الوقتية التي يقدمها لهم تأخر المطالبات السياسية في سلم اولويات المواطن الخليجي واعتبار هذه الميزة نقطة انطلاق نحو الاصلاح اكثر من ان تكون خندقا للمزيد من الافراط في تركيز السلطات والثروات في ايديها والاستمرار في سياسة الاقصاء والتهميش للمواطن الخليجي مقابل التوجه نحو الخارج في مغامرات لا تهدف الا الى حماية عروشها في المقام الاول رغم كل ما يقال عن التهديدات الخارجية..والاهم هو النظر الى حق الشعوب في التعبير والمشاركة على انها من الامور المشروعة التي يمكن الوصول معها الى نقاط التقاء تحفظ للاسر الحاكمة وجودها في ظل ثقافة تحترم الخيارات الشعبية وحقوق المواطنة والانتماء ضمن وعي تام بعدم امكانية الاستمرار بتهميش الشعوب تحت ذرائع التخوين والتطاول على الثوابت الوطنية والتأليه الاقرب للمسخرة للذوات الحاكمة والاتكاء على اشرطة الفضائيات في بناء هيبة مفترضة قد لا تجد لها مكانا في العالم الواقعي..مهما تعددت الرايات التي يتكأ عليها السيد عسيري


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمال الهنداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/13



كتابة تعليق لموضوع : العاصفة الباكستانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net