صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

البقاء للأسرع !!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عالمنا المعاصر يؤكد أن الأصلح هو الأسرع , فهذا قانون الحياة الجديد , فستبقى وتنتصر إذا كنت أسرع في الجري البدني والفكري والنفسي والإجتماعي وبكل ما يتصل بالحياة.

قانون يذكرنا بأن الغزلان الأسرع هي التي تنجو من الضواري التي تطاردها , وفقا لإرادة الغاب الفاعلة في الوجود فوق التراب , فكل مخلوق يصاب بأطرافه ويتعوق جريه , يكون هدفا سهلا للسوابغ المكشرة الأنياب والفاغرة الأفواه.

والغاب قانون أرضي أزلي لم يتغير نهجه وتتبدل طبيعته , لكنه إبتكر أساليب متواكبة مع حركة الحياة لتحقيق أقصى مآربه , فأخذ يرتدي أزياء معاصرة ويتكلم بلغة مخادعة , وإبتدع آليات معقدة تجعل الضحايا تسعى لحتفها بإرادتها , وكأنها منومة أو تستلطف الإنتحار وتتلذذ بسوء المصير.

والكيانات التي نسميها دولا وأوطانا تقوم بذات الدور , وينطبق عليها قانون الغاب بعينه الذي يتحكم بمصير الأحياء في الغابات , وخلاصته أن القوي يأكل الضعيف والمغفل والمريض والمصاب بالغثيان والدوران.

والسرعة قوة والبطؤ ضعف , والأسرع ينتصر على الأبطأ , ويستهدفه دوما لأنه لا يكلف جهدا كبيرا , ولا يستوجب مهارات وخبرات متراكمة , مثلما يكون الهدف سريعا , وعليه فأن الدول المتسارعة في تقدمها وتطورها , تفترس الدول البطيئة في جميع نشاطاتها وتفاعلاتها.

وفي زمنٍ تتسارع فيه الطاقات والقدرات , تكون الدول المتمحنة بماضيها والمعادية لحاضرها والجاهلة بمستقبلها , ضحايا سهلة وأهداف مطلوبة لزيادة سرعة القوى المتسارعة , ذلك أن السرعة بحاجة لطاقة , ولكي تتوفر الطاقة لا بد من تحقيق أعلى درجات الإفتراس , لتخزين أعظم الطاقات اللازمة للوصول إلى أقصى سرعة.

ويمكن المقارنة بموضوعية أكثر , بمثال قطار الصين الفائق السرعة , وقطار أية دولة عربية والذي لم يتجاوز سرعة قطارات الحرب العالمية الثانية , وهذا يعطي تفسيرا جليا عن كيف أن الصين تتنامى قوتها , ودولنا تتصاغر قدراتها , وتتعثر في خطواتها , وتتورط بكل ما فيها وعندها وحولها , وتزداد توحلا في مكانها وزمانها , حتى لتجدها لا تمتلك الأهلية لمغادرة بقعة زمنية غابرة غائرة في متاهات القرون.

وكما هو معروف فأن السرعة تزداد كلما تخفف الجسم المتحرك من حمولته وقيوده , وجرى على سكة منضبطة محكمة تحقق لحركته إنسيابية وقدرة على تنامي تعجيله والحفاظ على توازنه.

وعندما نتأمل واقعنا العربي , يتضح لنا أن قطارات وجودنا لا تسير على سكة , وإنما تهيم في بيداء العثرات ومفازات الأودية والمغارت الدامسة , ولا تسمع فيها ومِن حولها , إلا الهرج والمرج ونداءات الإستغاثة من حنافيش الخيبات والفواجع المتورطة بالدين.

فويل لكل متباطئ مندحسٍ في غياهب ظلمات العصور!!
فهل سنتعلم الجري الحضاري السريع , أم أننا لشدة بطئِنا سنضيع؟!!
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/09



كتابة تعليق لموضوع : البقاء للأسرع !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net