أدى المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي مهمة شاقة لكنه لم ينهها الى الآن ، ويبدو إنه منشغل ليس بحل المشكلة السورية المستعصية بل بجمع الأطراف التي يمكن لها المساهمة في حلها سواء كانت من مكونات المعارضة المسلحة والسياسية ،أو النظام السوري والدول العربية الداعمة للعمل المسلح ،أوتلك الداعمة لبشار الأسد ، غير إن التطورات الأخيرة تشي بأن الأسد يحقق تقدما على الأرض، وإن الولايات المتحدة الأمريكية التي هي الراعية لكل الحراك المضاد لدمشق لم تعد مبالية كثيرا بالضغط الذي تمارسه دول مثل تركيا والسعودية وقطر لفعل شئ ما يدعم تلك المعارضة التي فقدت بريقها بعد أكثر من عامين على النزاع وتحولت الى مجموعات قتالية تبحث عن دعم وتتنازع مع بعضها النفوذ على الأرض كما هو حال الصراع الشرس بين الجيش الحر وهو مكون عسكري منشق عن الجيش النظامي الذي يصارع دولة العراق والشام الإسلامية المعنونة بداعش ،في حين تقاتل داعش في الجبهة الشمالية أطرافا متعددة ، كالأكراد وجبهة النصرة ولواء عاصفة الشمال الذي أبيد على مايبدو قرب حلب في معارك طاحنة أخيرة والطريف إن الرئيس السوري الذي يراد إسقاطه من قبل قوى المعارضة المسلحة صار هو الآخر يدعم بعض الجماعات المسلحة كما تفعل تركيا أو إيران والسعودية وقطر .بينما لايجد الشعب السوري والمواطن البسيط من يدعمه وهو يعيش محنة اللجوء في لبنان والأردن والعراق وتركيا وبلاد اخرى صار بعضها يعتقل السوريين ويمارس معهم شتى صنوف الإذلال .
الولايات المتحدة تعرضت الى نوع من الصدمة الذكية عبر التحرك الروسي على أكثر من صعيد ،وهو مايشبه حال المصارع القوي الذي تأتيه ضربات من جهات متعددة فلايعود يقوى على التركيز ومعرفة مكمن الخطر والطريقة التي يمكن أن يرد بها ومن هو العدو الأول الذي يبدأ به ، فالروس لعبوا على وتر التردد الأمريكي والضجر الشعبي في الغرب من الحروب القاسية ،والأزمات الإقتصادية المروعة التي تضرب دول في الإتحاد الأوربي والمجتمع الرأسمالي المتحكم بالإقتصاد العالمي ، وإستخدموا مجلس الأمن الى جانب الحليف الصيني بطريقة فاعلة لوقف كل قرار من شأنه أن يؤثر في الحكومة السورية ويضعفها ،في حين تلعب الصين بشكل مثير للرعب بإتجاه آسيا وكأنها تقول للأمريكيين ، إستمروا في إنشغالاتكم الشرق أوسطية ،وأمنوا لنا النفط الذي سيأتينا في كل الأحوال بينما ،سنذهب نحن بعيدا في عمق القارة الأفريقية ،ولن نسمح لكم بالتمدد في دول المحيط الهادئ ،وهو مايدفع الأمريكيين للإسراع في سحب قواتهم من أفغانستان والإنسحاب من الشرق الأوسط وتركه ليتشكل بتوازنات جديدة ، والسماح بصعود إيران ثانية ،وهي الدولة التي لم تترك سلاحا إلا وإستخدمته لإنهاك الأمريكيين وتشتيتتهم ،وقد نجحت في الحصول على تنازلات عديدة في مواضع عدة وفي قضايا مختلفة سواء في أفغانستان ،أو لبنان وأخيرا في سوريا وفي الملف النووي .
لن تجد المنظومة الدولية قوى معارضة فاعلة لتشترك في جنيف إثنين حتى وإن حضر نظام الرئيس الأسد ،فقوى المعارضة تحولت الى سيطرة المتطرفين وصارت أقرب الى صورة العدو لنفسه الذي لايجد عدوا من خارج الذات ،بينما يحاول المجتمع الدولي التركيز على بعض المجموعات السياسية العلمانية وتلك التي عملت لعقود طويلة في صفوف المعارضة السورية الواعية لتساعد في بلورة حل يبدو صعبا خاصة بعد تصريحات الأسد لقناة الميادين الفضائية عن عدم وجود مايمنع من ترشحه في إنتخابات الرئاسة القادمة. ولهذا فجنيف إثنين سيفشل ، خاصة وإن دولا عدة باتت ترى فيه نزوعا الى الحل على الطريقة الروسية والإيرانية وإنه سيكون حلا لايحقق لها مطامحها التي تعبت في سبيل تأمينها ، وهاهي تراها تذهب أدراج الرياح.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat