صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

آية الله المرحوم الشيخ محمد مهدي الآصفي كما عرفته
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كنت مسافرا وطرق سمعي هذا المصاب الجلل بوفاة العلامة الشيخ محمد مهدي الآصفي (1) تغمده الله برحمته الواسعة فلم استطع حينها كتابة ما يُليق بهذه المناسبة الأليمة واليوم يجب علي وفاء الدين بحق فريد عصره المرحوم الشيخ الآصفي تغمده الله برحمته الواسعة.

لم ار في المعاصرين من رجال الدين أوسع منه فكرا ولا أكثر احاطة بمجريات عصره مثل هذا الشيخ الزاهد العارف الذي أعرف من أحواله ما لو ذكرته لحارت به بعض العقول ، لقد كان رحمه الله مثالا ثائرا ضد كل أنواع الظلم والطغيان يجمع بين الرحمة والشدة والرقة والقوة شخصية قل مثيلها ، لم أر لها نظيرا فيما التقيته من رجال الدين إن كان في بيته أو مؤتمراته او دروسه التي كانت الأشهر في مدينة قم المقدسة في إيران حيث كان المرحوم يجمع بين الدراستين الاكاديمية والحوزوية .
لقد كان مدرسة خرّ بناء العلم بفقدانها لا يعرف قدره إلا من عاصره او قرأ له أو استمع إليه ، كنت أجلس معه في بيته في مدينة قم في الطابق الثاني حيث مكتبته العامرة بمختلف أنوات الكتب والتي قلّ ما تخلو من رواد العلم وطلبته فكان مثالا للتواضع يجلب الشاي بيده فلم يكن له خادم ، ولم اره يوما يرفع عينيه بعيني زائره وذلك لأن في عينيه وميضا ملكوتيا يُدخل الرهبة في قلب الناظر إليه.
التقيته مرات كثيرة وكنا نقضي الليالي نتحدث عندما يأتينا زائرنا إلى بناية (المجمع العلمي الإسلامي) في طهران للقاء سماحة آية الله العظمى السيد مرتضى العسكري رحمه الله حيث كنت المدير الإداري لهذا المجمّع وزرته عدة مرات في بيته في مدينة قم وكنا نجلس في مكتبته فلا تكاد تفارق عينيك شفتيه الناطقتين بكلامه القدسي الذي يشدك إليه شدا.
لقد كان مدرسةُ حوت من العلم كل فنونه كنت معه يوما ونحن نسير في مدينة شهر ري في طهران لزيارة السيد عبد العظيم الحسني ، فالتقاه شخص وتحدث معهُ قائلا : (شيخنا الجليل لقد اخذت غيبتكم يوما ، فهل تُسامحوني وتبرأون ذمتي؟) 
فتأمل الشيخ طويلا ثم قال له : (نعم اسامحك ولكن على شرط أن لا تأخذ غيبة أحد بعد الآن). 
إنه شرط ثقيل ، ولكن ذمة الشيخ كانت اثقل في ميزان الحق. 
فقبل الشاب هذا الاقتراح وانصرف مرتاح البال. 
هكذا كان يُعالج هذا الشيخ أمراض المجتمع بكل ادب واحترام حيث يضع العلاج الناجع . 
أتذكر يوما أني حملت له رسالة موجهة من سماحة آية الله العظمى السيد مرتضى العسكري تخص احوال العراقيين ممن هاجر بعد قمع الانتفاضة عام 1990 فقرأ سماحة الشيخ الآصفي الرسالة فأخذ يأن ويتوجع على حال العراقيين الذين نصبت لهم إيران مخيمات على الحدود فبادر فورا إلى تزويدي برسالة إلى وكيله الاخ الاستاذ أبو ياسين وكان مقيما في الاهواز يتنقل بين المهاجرين والمقاتلين فبذلوا الجهود الجبارة من أجل رفع معاناة المهاجرين.
لقد كان دائب الحرب على الطاغوت يُقارع أعتى طاغية في زمانه (صدام حسين) وكان يتعهد الجبهات عن طريق (الحاج أبو يـ .....) يتفقد العراقيين الذي هربوا من صدام وبطشه اصاب خيره كل محتاج ومع ذلك لم تكن له حماية تحميه سوى الله الذي اتكل عليه واعتمد على قدرته. فلم أر له حماية تحميه في بيته او في الشارع إلا مرة واحدة في طهران ولربما لم يكن حماية ولكني خلته هكذا .
رحمك الله يا فقيدنا الغالي وفقيد العلم والجهاد ما احوجنا إليك في هذه الأيام حيث كانت لتوجيهاتكم ودعائكم الأثر الكبير في نزول النصر على المجاهدين اسأل الله تعالى أن يجعلكم في عليين مع الأنبياء والمرسلين وحسُن أولئك رفيقا. 
ولدكم مصطفى الهادي .
المصادر:
1- ولد آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي في النجف الأشرف عام 1939 من أسرة علمية، جمع بين الدراستين الأكاديمية والحوزوية، فحصل على البكالوريوس من كلية الفقه بجامعة الكوفة في دورتها الأولى، أما دراسته الحوزوية فقد درس على يد السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي والسيد الخميني. تعرض لملاحقة السلطة في بغداد، فخرج من العراق في عام 1970 واستقر في دولة الكويت.هاجر إلى إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/07/15



كتابة تعليق لموضوع : آية الله المرحوم الشيخ محمد مهدي الآصفي كما عرفته
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net