هل الصلاة إلى الله ، أم إلى يسوع؟
إيزابيل بنيامين ماما اشوري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
((وقضى الليل كله في الصلاة لله)). (1)
تدلنا نصوص الكتاب المقدس بأن الصلاة إلى الله وحده ، فلم نر في افعال يسوع وتلاميذه من بعده وحتى زمن ما قبل مجيء بولص لم نر أو نسمع بأن الصلاة كانت ليسوع. ولكن ما نراه اليوم يجري في كنائس العالم كله يُخالف ما نقرأه بشكل كبير حيث تؤدى الصلاة إلى تمثال يسوع العاري المعلق على الصليب فهو القبلة التي يأمها المصلون في كل انحاء الأرض وإليه تؤدى طقوسها وهو مدار التضرعات والأدعية والابتهالات بكونه ربا وإلها.
ولكن لم يخبرنا اي مخبر من المسيحية برمتها عن صلاة يسوع التي كان يُصليها ولمن كان يُصليها ؟ ولمن كان يتضرع او يبتهل أو يتوسل. هل كان يفعل ذلك لنفسه هل كان يعبد نفسه ويطلب من نفسه ويتضرع إلى نفسه؟
ناقشت بعض ذلك في كتابي (الصلاة كما صلاها يسوع). والذي اثار جدلا واسعا وزوبعة من التساؤلات لم تهدأ حتى هذا اليوم وقد اتهمني بعض الآباء الكبار بأني نسخت صلاة المسلمين (الشيعة) ونسبتها إلى يسوع ولكن لم يُبينوا لي أين فعلت ذلك وكل الأدلة التي اوردتها هي من الكتاب المقدس نفسه واليوم أورد بعضا آخر منها. كتاب الصلاة كما صلاها يسوع طرحت بعضا منه على شكل مقال حواري بيني وبين قسيس وهو منشور على صفحتي وعلى موقع كتابات في الميزان ايضا ومواقع أخرى وخصوصا المواقع المسيحية.
الذي اثار الموضوع مجددا ودفعني للكتابة هو قيام (شهود يهوه) بطرح نفس الموضوع الذي كتبته أنا ولكن على شكل بحث صغير نشروه في دوريتهم (برج المراقبة).(2)حيث أني نشرت الموضوع سنة 2014 ، ونشروه سنة 2015، وهو بنفس المحتوى حتى يخال للقارئ أنه نسخة من موضوعي.
ولكن شهود يهوه في طرحهم للموضوع بالاستفادة مما كتبته انا فقد حولوا الموضوع إلى اتجاه آخر اتجاه خطير يدعوا إلى الصلاة إلى ربهم أو (مسيحهم الدجال). وذلك من خلال اشارات غامضة .
ففي موضوعهم الذي كان تحت عنوان (هل تجوز الصلاة إلى يسوع؟) سلبوا الوهية يسوع التي يؤمن بها عالم المسيحية برمته ، ونسبوا هذه الصلاة إلى مسيحهم الدجال ، فكما نعلم فإن المسيحية تؤمن بأن الله حل في الجسد ومات بالجسد وهم إلى هذا اليوم يكتبون على الإنجيل : (إنجيل ربنا ومخلصنا يسوع المسيح). وهم ينتظرون نزوله مرة أخرى بفارغ الصبر ، ولكن في حقيقة الأمر أن المسيح الذي سوف يأتي أولا هو (المخرب) المسيح الكاذب الذي سبق وان حذّر يسوع امته منه وحذرت منه كل الأديان، وهذا المسيح المخرب هو إله شهود يهوه وهم ينفقون الأموال الهائلة من أجل الترويج لقدومه.
في حقيقة الأمر وبعيدا عن كل المذاهب المسيحية فإن يسوع وتلاميذه كانت صلاتهم إلى الله ولم تكن صلاتهم إلى جهة أخرى إلى أن جاء (بولص) شاول الطرسوسي مؤسس المسيحية الحالية وواضع تشريعها فغيّر القبلة التي صلى لها يسوع وغيّر شكل الصلاة فجعلها إلى يسوع بدلا من الله تمهيدا إلى جعل المسيح الدجال اليهودي (المُسيّا العسكري) هو الإله وليس المسيح بن مريم.
ففي سؤال وجههُ أحد التلاميذ إلى يسوع قائلا فيه : ((علّمنا أن نصلي ؟ فأجابهُ : متى صليتم فقولوا أيها لأب)).(3) وفي موعظته الشهيرة على الجبل امر يسوع كل السامعين قائلا : ((صلوا إلى أبيكم إن الله أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه)). (4)
ثم وضحّ لهم المقصود من كلمة (أبيكم) فقال لهم : ((صلوا إلى أبي وأبيكم يهوه الله)).(5)
ثم صلى أمامهم ورفع يديه في التضرع (القنوت) قائلا : ((أسبحك علانية أيها الأب، رب السماء والأرض . أيها الأب ، أشكرك أنك سمعت لي)). (6) هذا والتلاميذ خلفه يُصلّون ويسمعون.
ولكن بمجرد أن ارتفع عنهم يسوع ولم تمض اسابيع قليلة ابتدع صحابته (التلاميذ) صلاتهم الجديد التي اضافوا فيها إسم يسوع على غرار ما فعل المشركون من قريش عندما عبدوا الاصنام وقالوا بأنها : (تقربهم إلى الله زلفى). ففي سفر أعمال الرسل (7) صلى التلاميذ إلى الله ولكن (بإسم خادمه القدوس يسوع) ، فكان هذا اول الغيث الذي انهمرت بعده البدع حتى جرفت المسيحية التي جاء بها يسوع المسيح وحلت محلها بدع الصحابة وعلى رأسهم بدع بولص.
فكما نعرف أن في كل ديانة أو سياسة يوجد مخرّب منافق منّدس يتصيد الفرص لكي يقوم بمهمته، فكان السامري في اليهودية ، وبولص في المسيحية و (عمر بن الخطاب) في الإسلام .(8) وكان بولص اول شخص من داخل المسيحية يقوم بتغيير الصلاة التي صلاها يسوع لربه فيعمد بولص فيجعل الصلاة إلى يسوع كونه ربا وإلها كما نقرأ في نصوص من أنجيل بولص الخامس وهو المتداول حاليا مع الاناجيل الأربعة. فقد كتب بولص إلى كل الكنائس والطوائف واضعا لهم أسس الصلاة الجديدة حيث رسّخ في أذهانهم أولا بأن المسيح هو ابن الله فكتب لهم : ((نشكر الله أبا ربنا يسوع المسيح كل حين حينما نُصلي لأجلكم)). (9)
ثم في المرحلة اللاحقة جعل الصلاة ليسوع وبإسمه فكتب لهم : (( تقديم الشكر بإسم ربهم يسوع المسيح)). (10)
وهكذا تحولت الصلاة التي هي اهم ركن من اركان الدين إلى عبادة الاشخاص بدلا من عبادة الرب الله ، وإلى هذا اليوم نرى المسيحية تؤدي الصلاة إلى تمثال يسوع على أنه الله.وهذا هو الارتداد بعينه الذي انبأ عنه يسوع والذي اخبرنا به بطرس: (يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم).
المصادر:
1- نصوص كثيرة تدلنا على أن يسوع كان يُصلي إلى الله لا إلى نفسه ومنها: في سفر يهوديت 4: 17((وكانوا بجملتهم يصلون الى الله)). سفر دانيال 9: 3 ((فَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَى اللهِ السَّيِّدِ طَالِبًا بِالصَّلاَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ)).
2- أنظر مجلة برج المراقبة عدد1 كانون الثاني يناير 2015 ص 14 الطبعة العربية بروكلين العدد المطبوع منها 52,946,000 مليون نسخة بـ 228 لغة. موارد مالية اسطورية تفوق الخيال ينفقها شهود يهود على مطبوعاتهم ومراسليهم حول العالم قدرها الخبراء بأكثر من ثلاث مليارات شهريا ، ألم يسأل أحد من أين لهم هذا؟ وما هي الأهداف.وعندما تسأل شهود يهوه عن ذلك يقولون : ان هذه الأموال من تبرعات المحسنين!
3- انجيل لوقا 11: 1 ، 2 .
4- إنجيل متى 6 : 6 ، 8 .
5- إنجيل يوحنا 20: 17 .
6- إنجيل لوقا 10 : 21 . و ، يوحنا 11 : 41 . وقد تكرر منه القول مخاطبا الله بأنه (رب السماوات والأرض) في عدة اصحاحات من الاناجيل المختلفة.
7- أنظر سفر أعمال الرسل 4 : 24 ، 30 . حيث يذكر صاحب السفر بأن صحابة يسوع انقلبوا على اعقابهم بعد رحيل يسوع.
8- في الإسلام كانت حركة النفاق على اشدها وقد ذكر القرآن المقدس جانبا من ذلك وتوعد المنافقين بأشد العذاب، وقد استعان المنافقون بخبرات اليهود والنصارى المتراكمة للكيد للدين الجديد، فنشطت حركة النفاق وفاقت كل الأديان والرواية التالية تُبين لك حجم حركة النفاق : (سمع أحدهم شخصا يدعوا في شوارع المدينة ويقول : اللهم عليكم بالمنافقين فأهلكهم ، فقال له السامع : لو امات الله المنافقين لخلت شوارع المدينة من المارة). وهناك نسخة قديمة من كتاب اعارني إياها صديق لم يطبعها الشيعة سوى مرة واحدة اسم الكتاب( الاستغاثة من بدع الثلاثة) أورد فيه المؤلف مصائب نقلها عن كتب اهل السنة يتبين من خلالها مدى التغيير الحاصل في الدين الاسلامي ولولا وجود نفر مخلص صادق في إيمانه لأنمحى هذا الدين مثل بقية الأديان.
9- أنظر كولوسي 1 : 3 .
10- انظر أفسس 5 : 20 .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat