صفحة الكاتب : جابر حبيب جابر

جديد الحراك وقديم المخارج
جابر حبيب جابر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 السؤال الذي ما انفك وبسأم يتكرر باستثناء عند من أراحوا أنفسهم باليأس كإحدى الراحتين، هو متى تتشكل الحكومة العراقية؟ الذي جدد هذا السؤال ودفع به إلى السطح ثانية هو الحراك الذي جرى على صعيد الائتلاف الوطني أحد جناحي التحالف الشيعي، والذي بدا أنه اتجه بأزمة التشكيل إلى نهايتها وأن الحل بات قريبا، والإيحاء الثاني أنه بتسمية الائتلاف الوطني لمرشحه فإن ذلك سيقلب مسار التحالفات، وسيذهب بها إلى وجهة جديدة، إلا أنني وإن كنت أشترك مع الآخرين في أمل التعجيل لكنني وبناء على تحليل لا أزعم فرادته بل واقعيته أستطيع أن أنفي كلا التصورين، لناحية الزمن ولجهة الشكل.

لناحية الزمن، أي التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة أستطيع أن أضع تصورا بأننا وبانقضاء ستة أشهر على الانتخابات فإننا لن نشهد حكومة تقف أمام البرلمان لنيل الثقة قبل مضي شهرين آخرين، إذ أننا لم ننته، بل إننا مقبلون على جولة مناورات ومساومات أخرى، والتي في أحسن الفروض وأكثرها تفاؤلا فإننا نحتاج شهرا لمفاوضات تسمية المرشح وتكليفه، وشهرا آخر للاتفاق على التشكيلة الحكومية، الائتلاف الوطني الذي رشح مؤخرا السيد عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة سيسير باتجاهين داخل التحالف الوطني وحسب مصالح كتله، فلجهة المجلس الأعلى فإنه سيجتهد ليصعب آليات الاتفاق على مرشح واحد، إذ أن فرصة نجاح مرشحه تكمن في الذهاب بأكثر من مرشح للبرلمان حيث ستتحسن حينئذ حظوظ مرشحه بالفوز، تحت أطروحة أن مرشح التحالف يجب أن يحظى برضا الشركاء الوطنيين، التحالف الكردستاني والقائمة العراقية، لكونه يراهن على علاقاته التاريخية ووحدة المشتركات حول شكل النظام السياسي مع التحالف الكردستاني، ولـ«العراقية» يظل مرشح المجلس الأعلى عند المفاضلة خيار أفضل الأسوأ وأضعف الأقوى.
الجناح الثاني والأقوى في الائتلاف الوطني التيار الصدري الذي وافق بعد طول ممانعة على ترشيح مرشح المجلس الأعلى مقيدا ذلك، كما تسرب من معلومات، بسقف زمني لن يستطيع المرشح ملاقاته، لكونه زمنا افتراضيا حيث أعطي مدة لنيل ثقة الكتل بتسميته دون تفويض، وهذا ما سيجعل مفاوضاته مع الكتل مفتقرة للجدية ولا تعدو أن تكون استطلاعا آخر للمواقف. والإعاقة الثانية، أن التيار الصدري يتفق مع المجلس الأعلى ولكن على نصف التكتيك ونصف الهدف، فهو يتفق معه بجعل النسبة الواجبة للاختيار بين المالكي وعبد المهدي عالية، لكن لكل منهما هدفه، فالمجلس يريد نسبة تعجيزية لكي لا تفضي إلى اتفاق ليتحول إلى ما يسميه البديل الوطني مراهنا على دعم الكتل الأخرى من خارج التحالف، في حين أن الصدريين يريدون نسبة عالية أيضا ولكن لتجعل منهم الطرف المرجح وبيضة القبان في المفاضلة بين المرشحين، إلا أنهم بعد ذلك يختلفون مع المجلس الأعلى برفضهم الذهاب إلى البرلمان بأكثر من مرشح، وهذا مما يجهض التكتيك المعول عليه من المجلس الأعلى لنجاح مرشحه.
وهذه هي تحديدا العقبة الثالثة، إذ يشترك معهم في ذلك الأطراف المؤثرة على القرار الشيعي في رفضها للذهاب إلى مجلس النواب بأكثر من مرشح عن التحالف الوطني، لأسباب عدة منها؛ أن ذلك سيدفع المرشحين في تنافسهم للتباري في إعطاء التنازلات المعلنة والمخفية للكتل الأخرى بغية الفوز بالمنصب، وثانيا لداعي رفض تحكيم الآخرين بقرار التحالف بمن يقدمه لرئاسة الوزارة، لكونه بالمقابل أن الكتل - المكونات الأخرى لم تسمح للآخرين بأن يقرروا أو يحكموا في تسمية مرشحيهم للمناصب الرئيسة، وثالثا برفضها لذهاب جناح شيعي واحد دون الآخر إلى الحكومة لكون ذلك سيجعله الأضعف وحكومته عرضة للابتزاز والإطاحة حيث ستكون أقلية قلقة ضمن ائتلاف حكومي، ورابعا المانع الدستوري الذي يستوجب أن تقدم الكتلة صاحبة التفويض مرشحا واحدا فقط ليتم تكليفه، وخامسا أن الأسباب التي جعلت القائمة العراقية الأولى انتخابيا ترفض أن تقر وتمنح القائمة الثانية، دولة القانون، التي أتت بعدها بفارق مقعدين حق تشكيل الحكومة هي نفسها يفترض أن تبقى قائمة لترفض إعطاء الكتلة الثالثة نيابيا وبفارق عشرين مقعدا هذا الحق. ولكن هنا يجب أن لا يتم إغفال النوازع البراغماتية، إذ أن القائمة العراقية ستجد في النهاية أن من مصلحتها إذا سلمت بخسرانها لفرصة علاوي لتشكيل الحكومة أن تدعم الطرف الأضعف من الجناحين الشيعيين، وإن قلت معه المشتركات وتنافرت معه في الرؤى، إذ أن هذا آخر ما تحفل به التحالفات الآن، لكونه سيكون أكثر طواعية وخضوعا لها وستظل الممسكة بمصيره، لذا فإنها عند المفاضلة سترجح عبد المهدي لكون كتلته هي الأضعف، وعلى المستوى الشخصي فهي لا تختزن منه مرارة تجربة ماضية ولا عرف عنه نزوع التفرد بالسلطة كما تأخذ ذلك على المالكي، إلا أن هذا الميل الذي من الممكن أن تتجه إليه القائمة العراقية ليس ببعيد عن إدراك الأطراف المؤثرة بالقرار الشيعي والتي تجتهد لقطع الطريق لحدوثه.
من كل ذلك فإن الاستنتاج الذي لا بد أن ننقاد إليه، أن تشكيل الحكومة لن يكون وشيكا، وأنه ليس هناك من اختراق كبير في شكل التحالفات ولا في الزعامة التي تشكل الحكومة، إذ بتقديري أن السيد عبد المهدي سيظل وهو ينافس على منصب رئيس الوزراء للمرة الثالثة ربما هو رئيس الوزراء الذي لم يربحه العراق، لا أدري هل هذه من رفق الأقدار به أم لمناكفتها له
 
عن الشرق الاوسط

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جابر حبيب جابر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/09/25



كتابة تعليق لموضوع : جديد الحراك وقديم المخارج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net