مجتمعات شمعية!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تبدو مجتمعاتنا وكأنها شمعية الأحلام والأهداف والطموحات والتصورات والتفاعلات.
أي أنها لا تصمد أمام ما تريد , وما نطقت به وحلمت وفكرت وناضلت من أجله , أضحى كقطعة شمع أذابتها حرارة الحياة وشمسها الساطعة.
وتجدنا اليوم بعد قرون دوّارة بالنوائب والنواكب , نعيد الكرة ألف مرة , ونتحول إلى قطع شمعية متناثرة , جاهزة للذوبان والإندساس في تراب الأيام.
فماذا حققت أحزابنا وتحزّباتنا وفئوياتنا ومذهبياتنا , وغيرها من موقدات ويلاتنا ونكباتنا الحضارية؟
هل هناك إنجاز يستحق الفخر ورفعة الرأس؟
ماذا أنجزت توراتنا القومية الوحدوية , ذات الخطب الرنانة والشعارات البراقة؟
أ لم تكن قطعة شمع ذابت في سعير المعتركات...
واليوم يصل بنا الحال إلى أقسى حضيض , وأتعس قاع في تأريخ الأمم والشعوب , عندما تتحول المجتمعات إلى طاقات لتدمير ذاتها وموضوعها , وما يمت بصلة إليها.
اليوم تحوّلت مجتمعاتنا إلى مستوطنات للأوبئة والجراثيم الفكرية , وعصقت فيها أعاصير الضلال والبهتان والإمتهان , وكره الإنسان وطنه وعروبته ودينه , لأنه بسببها تحوّل إلى مأساة ذاتية هائمة أسيرة الرعب والموت والتهجير والضياع فماذا أنجزنا.
إنها الخيبات ومطاردة سراب العصور والجنون العقائدي , الذي يسعى لحل مشاكل الذين ماتوا منذ آلاف السنين.
فهل سنصحوا ذات يوم ونعي بأننا في مأزق إنقراض مبين , وعلينا أن نتعلم مهارات الحياة , وننأى عن الإنهماك بصناعة الموت والدمار والخراب المشين؟!!