صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

ومضات من ملحمة الطف (6) الشعائر الحسينية في ظل الخوف
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


1- في مصحح هشام بن سالم عن ابي عبدالله ع -حديث في زيارة الحسين ع- سأل : فما لمن قتل عنده جار عليه سلطان فقتله .قال :أول قطرة من دمه يغفر له بها كل خطيئة وتغسل طينته التي خلق منها الملائكة،حتى تخلص كما خلصت الأنبياء المخلصين ،ويذهب عنها ما كان خالطها من أجناس أهل الكفر،ويغسل قلبه ويشرح صدره …-وذكر ثوابا عظيما- ..قال قلت :فما لمن حبس في إتيانه قال:له بكل يوم يحبس ويغتم فرحة الي يوم القيامة فإن ضرب بعد الحبس في إتيانه كان له بكل ضربة حوراء ….كامل الزيارات ب44 ح 2.

2- قد أشار جملة من أعلام الإمامية أن جل الروايات الواردة في الحث على زيارة الحسين ع بلحن أكيد شديد هي صادرة منهم ع في أزمانهم وتحدق بزيارة الحسين ع المخاطر بل المسالح وهي نقاط تفتيش عسكرية في الطرق المؤدية الى كربلا من قبل الأمويين أوالعباسيين

بل الوارد فيها دفع الأئمة عليهم السلام كبار فقهاء وعلماء رواتهم وزجهم إياهم لزيارة الحسين ع أمثال أبان بن تغلب و زرارة والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم معاوية بن وهب وأبي الجارود ويونس بن ظبيان وعبدالله بن بكير وعبدالملك بن حكيم الخثعمي وهؤلاء من أعلام تلاميذ الأئمة ع وممن يتحفظ عليهم ولا يستهان بهم ،ومع ذلك عتبوا عليهم على إقلالهم من زيارته ع .

ومن ثم استفاد العديد من الأعلام رجحان زيارته في الخوف  ،

وهذا لا يختص بزيارة الحسين ع بل يعم كل شعائر الحسين ع ، لعدم خصوصية المورد من ناحية إحياء ذكر الحسين ع ، وكما يلاحظ ذلك جليا من صحيح معاوية بن وهب بل هي قطعية الصدور بطرق عديدة عالية عن ابي عبدالله ع : ….اغفر لي ولأخواني
ﻭﻟﺰﻭاﺭ ﻗﺒﺮ ﺃﺑﻲ [ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ] اﻟﺤﺴﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ اﻟﺬﻱ ﺃﻧﻔﻘﻮا ﺃﻣﻮاﻟﻬﻢ ﻭﺃﺷﺨﺼﻮا ﺃﺑﺪاﻧﻬﻢ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺑﺮﻧﺎ ﻭﺭﺟﺎء ﻟﻤﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﻓﻲ ﺻﻠﺘﻨﺎ ﻭﺳﺮﻭﺭا ﺃﺩﺧﻠﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻚ ﺻﻠﻮاﺗﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺇﺟﺎﺑﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻻﻣﺮﻧﺎ ﻭﻏﻴﻈﺎ ﺃﺩﺧﻠﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻭﻧﺎ ﺃﺭاﺩﻭا ﺑﺬﻟﻚ ﺭﺿﺎﻙ ﻓﻜﺎﻓﻬﻢ ﻋﻨﺎ ﺑﺎﻟﺮﺿﻮاﻥ ﻭاﻛﻼﻫﻢ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻭاﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭاﺧﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﺎﻟﻴﻬﻢ ﻭﺃﻭﻻﺩﻫﻢ اﻟﺬﻱ ﺧﻠﻔﻮا ﺑﺄﺣﺴﻦ اﻟﺨﻠﻒ ﻭﺃﺻﺤﺒﻬﻢ ﻭاﻛﻔﻬﻢ ﺷﺮ ﻛﻞ ﺟﺒﺎﺭ ﻋﻨﻴﺪ ﻭﻛﻞ ﺿﻌﻴﻒ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻚ ﺃﻭ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺷﺮ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ اﻻﻧﺲ ﻭاﻟﺠﻦ ﻭﺃﻋﻄﻬﻢ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺃﻣﻠﻮا ﻣﻨﻚ ﻓﻲ ﻏﺮﺑﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﺃﻭﻃﺎﻧﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﺁﺛﺮﻭﻧﺎ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺃبنائهم ﻭﺃﻫﺎﻟﻴﻬﻢ ﻭﻗﺮاﺑﺎﺗﻬﻢ، اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻥ ﺃﻋﺪاﺋﻨﺎ ﻋﺎﺑﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺧﺮﻭﺟﻬﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﻬﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﺸﺨﻮﺹ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻭﺧﻼﻓﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻨﺎ ﻓﺎﺭﺣﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺟﻮﻩ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻏﻴﺮﺗﻬﺎ اﻟﺸﻤﺲ ﻭاﺭﺣﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﺪﻭﺩ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻠﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻔﺮﺓ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻭاﺭﺣﻢ ﺗﻠﻚ اﻻﻋﻴﻦ اﻟﺘﻲ ﺟﺮﺕ ﺩﻣﻮﻋﻬﺎ ﺭﺣﻤﺔ ﻟﻨﺎ ﻭاﺭﺣﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻠﻮﺏ اﻟﺘﻲ ﺟﺰﻋﺖ ﻭاﺣﺘﺮﻗﺖ ﻟﻨﺎ ﻭاﺭﺣﻢ اﻟﺼﺮﺧﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻨﺎ، اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺳﺘﻮﺩﻋﻚ ﺗﻠﻚ اﻻﻧﻔﺲ ﻭﺗﻠﻚ اﻻﺑﺪاﻥ ﺣﺘﻰ ﻧﻮاﻓﻴﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻮﺽ ﻳﻮﻡ اﻟﻌﻄﺶ ” ﻓﻤﺎ ﺯاﻝ ﻭﻫﻮ ﺳﺎﺟﺪ ﻳﺪﻋﻮ ﺑﻬﺬا اﻟﺪﻋﺎء …

وقد ذكر فيها عدة من أنماط العزاء وآليات الشعيرة الحسينية ، كما تم التصريح فيها بوجود الخوف على النفس والمال والعرض من الحكومات الجائرة العاتية الباطشة وجلاوزة الأمن لهم ومرتزقتهم وعصابات الإجرام من النواصب.

3- لايخفى ان الخوف يسقط وجوب الحج والصوم وجل العبادات بل قيل ذلك في الصلاة ايضا ، وهذا بخلاف الشعائر الحسينية وهذا كما هو الحال في باب الجهاد وقد ذهب الميرزا القمي في جامع الشتات الى اندراج الشعائر الحسينية في عنوان الجهاد ،
وهذا الذي قرره مطابق للقواعد مع الإلتفات الى إندراجها في أعلى درجات الجهاد وذلك لأن النص والفتوى متفقان على أن المدافع و من قتل دون ماله الخاص وعرضه فهو شهيد وهي فضيلة لاتضاهي قطرة من محيط بحر حرمة الولاية لأهل البيت ع.

فكيف بإقامة الشعائر الحسينية التي هي في الأصل إقامة لباب الشهادة والفداءوالتضحية وهي حقايق مرتبطة بالجهاد في سبيل الله ، فما قرره الميرزا القمي في محله من كونها من باب الجهاد بل أعلى درجاته.

4- مما تقدم يظهر أن الخوف بيئة أساسية في الشعائر الحسينية ،إذ هي أسّست وشرّعت وسنّت لأجل إقتحام أجواء الخوف وكسرها وإزالتها ولأجل إنقشاع الرهبة منها وبناء الجرأة

فمن ثم قدر الله ان تكون الشعائر الحسينية من الزيارة وغيرها على طول التاريخ في أجواء خوف ورعب من سطوة الجبابرة والظلمة وتقام على الدوام في فضاء الإيثار والبذل للنفس والمال والعرض والتماهي والإضمحلال للأنانية و إزالة الحرص على الذات ،
وهذا معسكر ونادي تدريبي عظيم لسيد الشهداء ع تصقل فيه النفوس وتكسر فيها غطرستها وينمحي عنها جبنها وتتعافى عن الإخلاد و التسافل الى الأرض ،بل تطير الى معالي المبادئ والقيم .
وكل هذا مما يستلزم الترويض النفسي على مكابدة الخوف وأعتى حالات الرعب.

5- وممل تقدم يتبين أن إخلاء الشعائر الحسينية من الترويض على الشهادة والتدريب على التضحية والفداء – هو إخواء لها عن قوام حقيقتها ،كمن يطالب بإقامة الجهاد في وطاء مخملي وردي ووثير حريري وملاذ فرح وبطر .

كما أن إبعاد الشعائر الحسينية عن – إعتياد المخاطرات وعن إستيناس الأهوال هو سلخ لها عن هويتها فهي أجواء حزن وجزع لشحن النفوس على الخوض في هبوات الفداء والتضحية والإقتحام في قسطل البلايا والإندفاع في غمار الزلالزل – هو تمويه لها عن هوية غاياتها الاصلية .
وعلى ذلك يتبين أن باب الشعائر الحسينية كالزيارة أو مراسم إقامة العزاء وغيرها مبنية على ما بني عليه باب الجهاد ونحوه لا يسقطه الخوف ولا الضرر في البعد الفردي ولا الخشية والإكراه ولاالتقية وغيرها من المعاذير في ابواب العبادات الأخرى، كما قرره الميرزا القمي وعدة من أعلام الطائفة .

ألاترى الصادق -في صحيح معاوية بن وهب المتظافر طرقه بدرجة المتاخم للقطع بصدوره – يحث على إقامة الزيارة وغيرها من الشعائر الحسينية في أجواء بطش الجبابرة من السلاطين .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/29



كتابة تعليق لموضوع : ومضات من ملحمة الطف (6) الشعائر الحسينية في ظل الخوف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net