صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

إستقلال وإستعلال!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إحتفلت لبنان بذكرى إستقلالها الثانية والسبعين , والعراق مرت عليه ذكرى إستقلاله الثالثة والتسعون , وفي الحالتين , يبرز سؤال ماذا جنينا من الإستقلال؟!

الصين والهند والباكستان ودول أخرى عديدة إستقلت بعدنا بعقود لكنها تقدمت علينا بقرون , فأين العلة والخلل؟!!
هل أن دولنا فعلا إستقلت أم إستعلت؟!
الإستقلال يعني القدرة على الحياة بعناصرك الذاتية ومهاراتك الكفيلة بتوفير الطاقة اللازمة للتواصل المعاصر مع الحياة , دون الإعتماد على الآخرين في الطعام والشراب والسلاح والتصنيع , وإنما يمكن تحقيق التفاعل المتكافل معهم.
ومجتمعاتنا التي تغنّت بالإستقلال على مرّ العقود لم تترجمه كفعل وعمل , وإنما حوّلته إلى شعارات ولافتات وأحزاب أنانية تسويقية جاهلة , بلا رؤية وتطلعات حضارية ذات قيمة إنسانية , وما فهمت إلا الخطابات الترويجية لبضائع فاسدة أكلت عليها العصور وشربت , وبالت عليها ثعالب الأيام والقرون.
هل أن بلداننا المستقلة قد أسست لبنية تحتية ذات قدرة إنتاجية وآليات تفاعلية مع عصرها؟
هل أنها إستثمرت في ثروات البلاد لصالحها والعباد؟
هل صنّعت وأطعمت وألبست؟
الواقع العربي يشير إلى أن الإستقلال كان حلما مَناميّا ما لامسَ ضوء اليقظة ورأى نور الواقع , وتغنّت به الأجيال وهي منومة ومُجهلة ومُساقة إلى حتفها المأساوي , الذي جعلها تنحر ذاتها وموضوعها بمدية أميتها , وتعفن ما في رؤوسها من الضلالات والتصورات السوداء.
إن الدول التي تعتمد على غيرها في طعامها وشرابها ودوائها وسلاحها وملبسها وجميع ما تحتاجه , لا يمكن تسميتها بالمستقلة , وإنما بالمستعلة , أي أنها عليلة وتواصلت مستلطفة لعلتها وما فكرت بعلاج شافٍ لها , ولا خطر على بالها بأنها ستجد دواءَ لعللها , وإنما أمعنت بسلوك تراكم العلل , حتى وجدتها تستغيث بعدوها لتخليصها مما أصابها من الويلات والمصائب والتداعيات المريرة القاسية.
وبعد ما يقرب من قرن من إستقلال دولنا , تبدو وكأنها كانت تكذب على نفسها , فما عرفت الإستقلال ولا خبرت مهارات التفاعل المستقل , وإنما أمعنت بالتبعية والإتكالية , والتواصي بتحقيق مصالح الآخرين , حتى لتجدها اليوم في أرزء الأحوال وأشد حالات الإذلال وسوء المصير.
فالذي لا يعتمد على نفسه في قوّته وحاجاته لا يمكنه أن يدّعي الإستقلال , وما يصيبنا من أنفسنا , لأننا ما تعلمنا كيف نعيش مستقلين , وإنما تابعين قابعين في أحضان المفترسين , وتلك حقيقة أحوالنا أجمعين!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/12



كتابة تعليق لموضوع : إستقلال وإستعلال!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net