العربية والتحجر الكلماتي!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اللغة إرتبطت بالإنسان , ولكل مخلوق لغته التي تلبي حاجاته وتؤمّن تواصله مع نوعه وما حوله , ولغة البشر منطوقة ومكتوبه , وهي ذات أبجديات وكلمات وعبارات وتترابط للتعبير عن المقاصد والمعاني والتطلعات , وقد تطورت اللغة البشرية عبر العصور وتنوعت وتعددت , لكنها ذات نظام واحد ومراكز دماغية ثابتة , وتواصلات عصيبية تتناسب والآليات التفاعلية التعقيدية عند البشر , ولهذا تختلف ما بين أقوام وأقوام.
واللغة تعبير حي عن الحالة النفسية والفكرية والثقافية لأهلها , فهي الوعاء الذي يحتوي ما يميزهم ويشير إليهم , ولا يمكن القول بأن اللغة تتحجر , لأن ذلك يعني أن أهلها أموات , وأن صلتها بالحياة قد إنقطعت , وهذا إجحاف وإعتداء على أية لغة معاصرة ينطق بها مئات الملايين من الناس.
والقول بأن اللغة العربية متحجرة وبلسان أهلها , إنما تعبير عن سلوك إنتحاري إنقراضي عدواني أثيم , وإفتراء على لغة الضاد وتشويه لجوهرها وذاتها وموضوعها , ومحاولة للنيل منها وإستصغارها وإهانة أهلها وإذلالهم , وسلخهم عن هويتهم ومميزاتهم الأصيلة المتوهجة.
فاللغة العربية حية ومتدفقة بالكلمات , وما ينقصها تواجد المؤسسات اللغوية المعنية بالمعجمية كما في سائر لغات الدنيا , فالإنكليزية مثلا فيها حركة معجمية متواصلة , وتجدد بالمعاجم , إذ يتم تجميع الكلمات الجديدة وتقييمها وضمها إلى المعاجم.
ومن المعروف أن الكلمات الجديدة تتوالد من قبل البشر في سن المراهقة , حيث هناك ميل لإبتكار الكلمات والألفاظ والعبارات في هذا العمر , وفي الدول المتقدمة يتم توثيق الكلمات والعبارات الجديدة , ومعانيها وإستعمالاتها وما تدل وتشير إليه , وإن صمدت في التداول لمدة خمسة أعوام فأنها تكتسب حق ضمها إلى المعجم.
وفي اللغة العربية لا توجد مثل هذه النشاطات والتوثيقات , فلا تقوم بذلك كليات اللغات ولا الجمعيات , وإنما يسود الصمت والعجز والكسل , والإحساس بالإنكسار والإحباط , فمجامع اللغة العربية لا تتابع الكلمات التي يبتكرها الشباب , ولا تهتم بمعانيها وإستعمالاتها ودراستها وإستيعابها , وإنما تدور في فلك واحد لا تتحرر من قبضته , بينما أجدادنا العرب ومن خلال معاجمهم مارسوا هذا السلوك المعرفي اللغوي , فأضافوا للعربية مفردات وإستوعبوها في معاجمهم وأشاروا إلى أصولها ومعانيها وجذورها.
فما هي عدد المعاجم اللغوية العربية التي تصدر كل عام في بلداننا العربية؟
وكم من قواميس (عربي-عربي) تجد في مكتباتنا؟
بينما في الدول المتقدمة , تجد القواميس الجديدة منتشرة في كل مكان وفي البيوت , والآن في الأجهزة الإلكترونية والهاتف النقال , فلماذا نعيب لغة الضاد والعيب فينا؟!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat