صفحة الكاتب : د . سمير ايوب

إضاءةٌ على المَشهدِ في فلسطين " التفريطُ الرسمي – بين تطاولِ الأستمرارية وتَنوع الأبْعاد
د . سمير ايوب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من قال إن حكام العرب لا يقرأون التاريخ ، ولا يتعلمون من سخريته المُرَّةِ، كان مُحقاً فى وقتها ، ولا يزال مُحقاً حتى الآن . لِتتأكد من صحة ذلك ، إسأل نفسك ، اوأي عربي فى فلسطين ، عن أهم ما يفعله أشباه الرجال ، ممن يتصدرون المواقع السيادية في المشهد الفلسطيني . وأظن أن جُلَّ الأيجابات ، ستكون بكل تنويعات الأسى ونبراته :
- أن ما يَقترف المغتصبون لمناصبهم من آثام ، ما هو إلا تكرار متراكم للبلاوي باسم وطنية كاذبة . بلاوي تشي ، بأن التخاذل الرسمي ، بات ثقافة ، يحاولون عبثا ترويجها ، في كل معارج الواقع الفلسطيني المعاش .
- وفي ظل هذا التخاذل الرسمي ، لن تجد شيئاً مما أعلنه ومارسه ، الرواد ألأوائل من المجاهدين ، في مساقات التحرير بكل اشكال القوة . وعلى رأس هؤلاء الرواد ، من سبق من الشهداء وألأسرى ، ومن يلحق بهم الان . بل ستجد ، أن المبررات الوطنية للتحرير ، قد بادت أو أزيلت نهائياً من قواميس ، لصوص المكاسب والمناصب هؤلاء .
في دهاليز السلطه وأجهزتها وهياكلها ، هناك بالتأكيد مجاميعٌ ، تُبصر وتَسمع وتَستوعب ما يحدث . تَتفق حينا وتختلف أحيانا ، مع كثيرٍ أو قليلٍ من تبريرات إقطاعيي اوسلو . ولكن كل هؤلاء قِلَّةٌ ، لا يُسمع صوتُها . مع أن قراءة ما يقترف دهاقنة التفريط من آثام يومية ، واجب على كل مهتم بقضايا القوة والتحرير . وعلى وجه الخصوص ، المُتشدقون لفظياً من الفصائليين ، والشكلانيين من مالكي منصات في الظلم الوطني ، او المرتزقة فيها .
فلسطين اليوم في أسوأ حالاتها ، رغم كل شلالات الدم الواعِد ، النابع من شرايين من سبق من خيرة بنيها وبناتها ، وممن لا زالوا على العهد باقون . تبدو حال فلسطين ، أسوأ مما كانت عليه ، فى أى يوم مضى . إنها موشاة بكل اشكال الألم المتعسف ، وهي تقضم يوميا .
شاخ فيها النضال المؤسسي ، دون ان يتجدد . ودون أن تعلن وفاته السريرية رسميا ، لأغراض ديكورية فولكلورية . ولن يُسمح لهذا العبث الأوسلوي ، بالتجدد أبدا ، او بالموت ولا بالدفن . بل سيمكن من التعايش مع شيخوخته العاجزة . بما يكفي لأبقاء قضايا ومقتضيات التحرير، مشلولة ومتأتأة . لتدجين الوعي الجمعي ، وتعويده بالأحتواء الممنهج ، على إبقاء كل تلك القضايا ، مُقْعدةٌ على كرسي من كراسي أصحاب الأحتياجات السياسية الخاصة .
لقد أفسدت الأستمرارية السياسية ، المُنبهرة بكل تجليات العدو الصهيوني ، كل المُتْعَبينَ والمتخاذلين في المنظومات الفصائلية ، المُرتَشينَ بالأُعْطِياتِ والشَرْهاتِ المالية ، والمكاسب المرتبطة بالمناصب ، والألقاب الورقية . وللأسف الموجع ، باتت تلك الأستمرارية بكل فجاجةٍ تعيث فسادا وقِحاً ، بكل ما يُنْتِجُه دمُ الشهادة ، وسلاسل الأعتقال ، وعَزْمِ كل أهل فلسطين شِيباً وشُبانا ، رِجالا ونساء . الذين بِفَخرٍ تُومِئُ اليهم ، الموجاتُ المُتتالية من الأنتفاضاتِ المُعاصره .
إن شيئاً من مرض فلسطين المزمن ، المُعاصرِ منه والموروث ، يكمن جُلُّه ، في المُتَنفذين من مُغتَصبي مِقودِ القيادة فيها . الذين يقاومون بكل ضراوة ودموية ، كل تغيير نحو الأفضل . يُحَنطون شِعاراتِ البدء وطُهرِ النوايا ، وأقصد هنا ، تحرير كل فلسطين ، من البحر الى النهر ، أرضا وإنسانا . كل ما يُحَنِّطون ، يُفقِد طُهرَ سِلاحهم ، ويُفْقِد وجودَهُم وإستمراره ، كل مُبرراته .
لذلك فإن فلسطين اليوم ، أرضا وشعبا وقضية ، مركونة بالتَّعَمُّدِ الرسمي ، فلسطينيا وعربيا ودوليا ، فى زواريب الأحباط الضيقة والمغلقة الآفاق . وما الأزمات المتوالدة ، التي يُحْشَرُ حاليا فيها ، اهلنا في كل فلسطين ، هي للأسف الشديد ، بعد العدو الصهيوامريكي ، بفضل هياكل وأطر مريضة ، يسكنها بفجاجة ، متزعمون مرضى متفسخون . يحكمهم جميعا بالعصى الغليظه ، وببعض فتات الجزر ، عُصبةٌ شاخت وهرمت جسديا . ومُهَيمَنٌ عليها نفسيا ، من قِبَلِ تراتبيات ألأعداء وجوقاتهم الاقليمية .
في وجه هذه الحالة المرضية المُركبة ، المُستشرية بالتراكم الكمي والنوعي المُعيب ، ليس أمام المُترنحينَ في كل الفصائل ، المُبْتَعِدينَ عن منابع التأسيس والبدايات ، وقبل الأستقرار في الحضيض او ما دون الحضيض ، إلا تَزَعُّمِ ثورة فعلية عملية على النفس ، لتجديد العزم ، بلا مساومات جزئية ترقيعية مشبوهة ، ( هذا ، إن سُمِحَ لهم بالتغيير الايجابي ) قبل ان يُطاحَ بهم عاجلا او آجلا ، بانفجار يَرُجُّ سفينة نوح ، التي تُقلهم في هذا الطوفان السياسي ، المُحتَقن بكل الأحتمالات . والذي بات مع قِلَّةِ الحيلة ، يَعُم بشكل مفضوحٍ المنطقة بِرِمتها ، بتسارع لا يشي بأيِّ خير .
وإن لم يفعلوا بعد كل هذا العار ، الممتد مكانيا وزمانيا ، والمرفوض لعديد الأسباب ، تعالوا وطنيا وأخلاقيا ، نهيل معا ، عليهم كثيرا من التراب ، بلا مراسم تَشييعٍ ولا حتى قراءةَ للفاتحةِ أو تَقَبُّلٍ للعزاء بهم .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . سمير ايوب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/12



كتابة تعليق لموضوع : إضاءةٌ على المَشهدِ في فلسطين " التفريطُ الرسمي – بين تطاولِ الأستمرارية وتَنوع الأبْعاد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net