من هم المستضعفون في الإرض؟
مصطفى الهادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مصطفى الهادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المستضعف ، غير الضعيف.
المستضعف فُرض عليه الضعف نتيجة ضروف قاهرة وقوة غاشمة قيّدت طاقته المادية ومنعتها من الانطلاق ولكن الروح المعنوية لا تزال متوقدة تنتظر الفرصة للانطلاق والتحرر من قيودها.
وأما الضعيف فهو الانسان الذي اختار ان يكون ضعيفا بمحض ارادته مع امتلاكه لكل عوامل القوة واسبابها.فهو الخانع الذليل.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز : (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
قد يقول قائل بأن هذه الآية نزلة في بني إسرائيل . فنقول له ولماذا ضربَ الله بها مثلا فأوردها في القرآن واشار إلى الأمة الاسلامية . والسبب هو أن موسى وشيعته انفردوا من بين بني إسرائيل في مقارعة الظالمين والوقوف بوجه فرعون وقوته الغاشمة . ولكن عندما تم تحريف ديانته ودب فيها الضعف وذاب شيعة موسى نتيجة القهر المتسلط عليهم واستسلامهم لهذه القوة حتى دب فيهم الضعف بعث الله نبيا آخر هو عيسى الذي لم يمهله الناس حتى حاولوا قتله فرفعه الله إليه ولم يترك للناس ما يبين فيه أحكامهم فعمدوا إلى هذا الكتاب المسمى إنجيل فوضعوه فكان كتاب يُشجع على الخنوع والضعف من خلال نصوص زعموا أن السيد المسيح وضعها.(1)
فبعث الله تعالى نبيا وتكفل بحفظ دستوره (كتابه القرآن) وهذا النبي بيّن لنا من هم المستضعفون، حيث ان ما دار في الأمم السابقة سوف يدور نفسه على هذه الامة حيث سيكون فيها جبابرة ظالمين ومستضعفون ، ومن هذا المنطلق نقول بأن المستضعفين هم الأئمة عليهم السلام وشيعتهم ونستطيع ان نستدل على ذلك اولا من القرآن الكريم الذي وصف خليفة موسى في قومه هارون الذي استضعفه قومه فيقول القرآن على لسانه : (قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني).
فعملية الاستضعاف حصلت على هارون وشيعته بعد غياب موسى ، وهذا ما حصل بعد غياب الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث نرى أن الاستضعاف حصل على علي وشيعته من بعده وهذا علي بن ابي طالب عليه السلام عندما اخذه القوم لإجباره على بيعة أبي بكر ومروا به على قبر رسول الله (ص) نظر عليا إلى قبر الرسول وقال : (يا ابن ام ان القوم استضعفوني وكادوا أن يقتلونني).(2)
من هذا المنطلق تنطلق الاحاديث النبوية المفسرة للمعنى الحقيقي لهذه الآية بعيدا عن تفسيرات الجبابرة والظالمين المنحرفين ومن ذلك ما يرويه الشيخ الصدوق حيث يقول في معاني الأخبار بسنده عن المفضل بن عمر قال: (سمعتُ أبا عبدالله (ع) يقول: انَّ رسول الله (ص) نظر إلى عليٍّ والحسن والحسين (ع) فبكى وقال: انتم المستضعفون بعدي، قال المفضَّل: فقلتُ له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله (ص): قال معناه انَّكم الأئمة بعدي، انَّ الله عزَّ وجلَّ يقول ﴿ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ﴾ فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة(3).
فقد اكّد الرسول (ص) بأن هذه الاية جارية في أمته إلى يوم القيامة .
والرواية التالية توضح أكثر فيمن نزلت كما يروي الشيخ الطوسي في الغيبة بسنده عن محمد بن الحسين عن أبيه علي بن الحسين (ع) عن جده عن عليٍّ (ع) في قوله تعالى: ﴿ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ﴾ قال هم آل محمد يبعث اللهُ مهديَّهم بعد جهدهم فيُعزِّهم ويذل عدوهم( 3).
إذن تبين من خلال الرواية السابقة بأن هذه الاية نزلت أيضا في المهدي عليهم السلام ، ولكن بمن سوف يظهر المهدي هل يظهر وحده ؟ الرواية التالية توضح اكثر في من سيكون مع المهدي عليه السلام عن فرات الكوفي في تفسيره قال: (قال لي عليُّ بن الحسين (ع) أتقرأ القرآن؟ قال: قلتُ: نعم قال (ع): فاقرأ طسم سورة موسى وفرعون قال: فقرأت أربع آيات من أول السورة إلى قوله: ﴿ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين﴾ قال لي: مكانك حسبك، والذي بعث محمدًا (ص) بالحق بشيرًا ونذيرًا إنَّ الأبرار من أهل البيت وشيعتهم كمنزلة موسى وشيعته وانَّ عدوَّنا وأشياعهم بمنزلة فرعون وأشياعه).(4).
من كل ما تقدم يتبين لنا بأن هذه الآية تُشير إلى أن المستضعفين هم آل البيت وشيعتهم وأن آخر أئمة أهل البيت عليهم السلام سيكون المهدي الذي وصفهم الامام بأنهم كموسى وشيعته في مقارعة الفراعنة.
وهذا ما سوف يحصل قريبا انشاء الله.
المصادر:
1- مثل قولهم بأن المسيح أمر اتباعه بأن من (ضربهم على خدهم الايمن أن يُديروا له الخد الايسر. وان من أخذ ردائهم فليعطوه القميص أيضا ، ومن سخّرك ميلا فسر معه ميلين). وكذلك قوله (اعطوا ما لقيصر لقيصر وما للناس للناس) وهذا نصُ يحض على طاعة الظالم والاستسلام له. انظر إنجيل مرقس 12: 17. وكذلك : إنجيل لوقا 6: 29.
2- انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١١ ص ١١١.
3- الشيخ الصدوق ، معاني الأخبار: ص 79.
4- تفسير فرات الكوفي: 314، ومشكاة الأنوار للطبرسي: 173 و مجمع البيان: ج7/414.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat