صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

مَنْهَجُنْــــــا ... ( 4 )
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم

الانفاق في سبيل الله عزَّ وجلَّ:
لعل واحدة من مصاديق تخلي المؤمن عن ذاته ليستبدلها بانتمائه الى الجماعة هو انفاقه من ماله الشخصي في سبيل الله سبحانه ، من اجل تقوية الجماعة التي ينتمي اليها.
فالسيرة النبوية الشريفة والاحاديث العطرة تبين كيف كان المؤمنون والمسلمون يتقاسمون اموالهم ومعيشتهم في الظروف الحرجة التي يتعرضون لها كما حدث في المؤاخاة بعد الهجرة النبوية المباركة ، حيث تقاسم الانصار اموالهم لصالح المهاجرين. كما مرً علينا العديد من الآحاديث الشريفة التي تحث على بذل المؤمن ماله لاخيه المؤمن. 
والقرآن الكريم ناطقٌ في العديد من آياته الشريفة في التشجيع على بذل المال من اجل الجماعة المؤمنة...
قال تعالى في سورة البقرة: (( ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ )).
وأيضاً في سورة البقرة: (( مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَناًّ وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )).
وايضاً: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ * وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ * لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِراًّ وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )).
وأيضاً: ((وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ )).
وايضاً في سورة البقرة: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ )).
وفي سورة آل عمران (عليهم السلام): ((الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ )).
وفي سورة النساء: ((إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقاًّ لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )).
وفي سورة النساء ايضاً: (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي القُرْبَى وَالْجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً * وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً * وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً * إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً )).
وفي سورة التوبة (رزقنا الله اياها): (( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ )).
وفي سورة الحج (وفقنا الله إليه): ((الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ )).
وفي سورة الرعد: ((الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ المِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِراًّ وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ )).
وفي سورة السجدة: (( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ )).
وفي سورة الشورى: (( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ )).
وفي سورة فاطر: (( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِراًّ وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ )).
وفي سورة الحديد: ((آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ * وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ * وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ )).
وفي سورة المنافقين: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )).
وفي سورة التغابن: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُواًّ لَّكُمْ فَاحْذَرُوَهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ )).
وفي سورة الحشر: (( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )).
 
اسلوب التبيان والتبليغ والدعوة لديننا :
وردت احاديث عديدة عن آل البيت الاطهار (عليهم السلام) تنظم كيفية الدعوة الى مذهبهم (صلوات الله عليهم) من خلال ابراز محاسن علوم وكلام آل البيت (عليهم السلام). فمن تلك الاحاديث ما ورد في الكافي ، باب (في ترك دعاء الناس) ، ومما جاء فيه ننتخب الاحاديث التالية:
ـ عن كليب بن معاوية الصيداوي قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) : إياكم والناس[1] ، إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه ، ثم قال : لو أنكم إذا كلمتم الناس قلتم : ذهبنا حيث ذهب الله[2] واخترنا من اختار الله ، واختار الله محمدا واخترنا آل محمد ( صلى الله عليه وعليهم ) )[3].
ـ عن علي بن عقبة ، عن أبيه قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): (اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس ، فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء ولا تخاصموا بدينكم الناس فإن المخاصمة ممرضة للقلب ، إن الله عز وجل قال لنبيه (صلى الله عليه وآله) " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " وقال : " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) ولا سواء ، وإنني سمعت أبي يقول : إذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره).
 
وفي الكافي ، باب (أن الله إنما يعطى الدين من يحبه):
ـ عن عمر بن حنظلة قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): (يا أبا الصخر إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض ، ولا يعطي هذا الامر إلا صفوته من خلقه ، أنتم والله على ديني ودين آبائي إبراهيم وإسماعيل ، لا أعني علي بن الحسين ولا محمد بن علي وإن كان هؤلاء على دين هؤلاء).
ـ عن مالك بن أعين الجهني قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: (يا مالك إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض ولا يعطي دينه إلا من يحب).
ـ عن حمران ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن هذه الدنيا يعطيها الله البر والفاجر ولا يعطي الايمان إلا صفوته من خلقه).
وفي كتاب عيون اخبار الرضا (عليه السلام) روى الشيخ الصدوق (قده) بسنده عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول : (رحم الله عبداً أحيا أمرنا) ، فقلت له : وكيف يحيى أمركم ؟ قال : (يتعلم علومنا ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا) ، قال : قلت : يا بن رسول الله فقد روى لنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : (من تعلم علما ليماري به السفهاء أو يباهي العلماء أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار فقال عليه السلام : صدق جدي عليه السلام أفتدري من السفهاء ؟) ، فقلت : لا يا بن رسول الله ، قال عليه السلام : (هم قصاص مخالفينا أو تدرى من العلماء ؟) فقلت : لا يا بن رسول الله ( ص ) ، فقال : (هم علماء آل محمد عليهم السلام الذين فرض الله طاعتهم وأوجب مودتهم) ، ثم قال : (أو تدرى ما معنى قوله : أو ليقبل بوجوه الناس إليه ؟) ، فقلت : لا فقال عليه السلام: (يعنى وبذلك ادعاء الإمامة بغير حقها ومن فعل ذلك فهو النار).
فعلينا ان نعرض ديننا الاسلامي المحمدي الاصيل للآخرين وفق الاسلوب القرآني الوارد بقوله تعالى في سورة النحل: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )). وان نبرز محاسن علوم وكلام ائمتنا الاطهار (عليهم السلام).
ويتوجب ذلك ان نزيل عن الصورة النقية لمذهبنا وديننا الاسلامي المحمدي العظيم كل ما يمكن ان يكون منفراً له ، كما يحدث في التطبير والضرب بالسلاسل وغيرها من الممارسات غير الشعائرية التي يصر بعض المنتسبين للتشيع على الاتيان بها وادخالها ضمن الشعائر المقدسة رغم ما فيها من تنفير عن الاسلام المحمدي العظيم بدلاً من تقريبه الى قلوب الناس.
ما تعلمناه من الثقلين العظيمين ان اسلوب الدعوة يكون بأهدأ ما يمكن وبصورة علمية رصينة.
وعلينا ان نتعلم علوم أهل البيت (عليهم السلام) ونعلمها للناس ونظهر محاسنها لهم.  ففي علومهم (عليهم السلام) حياة الناس وسعادتهم في الدارين ، علوم اهل البيت (عليهم السلام) وليس علوم اشخاص آخرين ما انزل الله بهم من سلطان كاقطاب الصوفية والعرفان والحكمة المتعالية كأبن عربي ومن اخذ من افكاره ليبثها بين المؤمنين تحت ذرائع عديدة واهية.
 
فمن نركز عليه في الدعوة والتبليغ والتبيان؟ انهم المستضعفون الذين سيرثون الارض كما اكدت الآية الشريفة ، انهم الناس البسطاء الضعفاء ، الناس الذين يحتاجون للرعاية وللارتفاع بهم وبمعيشتهم. بل لقد ورد النهي القرآني عن الاعراض عن دعوتهم كما حدث حينما اعرض عثمان بن عفان عن الاعمى وتوجه لدعوة اغنياء قريش فنزل قوله تعالى: ((عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ )).
انها الطبقات الفقيرة والمتوسطة والمستضعفة لها الاولوية في ان يكون التبيان والتبليغ والدعوة موجهة اليها. 
 
بـؤس الحاضـر وزهـو المستقبـل :
إنَّ ابتعاد الناس عموماً عن الالتزام بالاسلام المحمدي الاصيل ادى الى تراكم المشاكل في حاضرنا حتى اصبحت المظالم والاخفاقات والبؤس والشقاء وانتشار الفقرو الامراض الاجتماعية والمعاملات الربوية والخمور والانحلال الاخلاقي هي السمة الغالبة لحاضرنا المعاصر.
وحينما بُعِثَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان الشرك والامراض الاجتماعية وانتشار الربا والخمر والزنا والفجور وواد البنات منتشرة في ذلك العصر ، غير ان الاسلام المحمدي العظيم تمكن من معالجة تلك المشاكل الاجتماعية ولو لفترة من الزمن قبل تأسيس دولة بني امية التي قهقرت الامة والمجتمع الاسلامي وساهمت بقوة في ارجاع الانحلال الاخلاقي والفساد الى المجتمع الاسلامي.
ليس امام المؤمنين سوى الاتكاء على الماضي المجيد ايام حكومة رسول الله (صلى الله عليه وآله) و فترة خلافة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ، والانطلاق منها نحو العمل الجاد لتأسيس المستقبل الزاهر حيث تسود تعاليم وقيم الاسلام المحمدي الصحيح لتقود الحياة نحو الرفاهية والسعادة. 
 
عناصر قوة الشخصية الايمانية :
تستمد الشخصية الايمانية قوتها من عناصر ثلاث تشكلها وتبرز خصائصها المجيدة. هذه العناصر هي:
1.      اعتناق العقيدة الصحيحة.
2.      تبيان العقيدة الصحيحة.
3.      ممارسة الشعائر العقائدية.
ولا شك فإن عقيدة اهل البيت (عليهم السلام) التي تبناها وسار على نهجها الشيعة الامامية منذ عصر الائمة الاطهار (صلوات الله عليهم) والى اليوم هي العقيدة الصحيحة النقية الطاهرة التي لم يمسها زيف او تحريف او مس شيطان عنيد. عقيدة الاسلام المحمدي الاصيل التي ترتكز على الثقلين الطاهرين فهما مصدرها الطاهر الذي يعصم من تمسك بهما من الوقوع بالضلال.
وبعد اعتناق العقيدة الصحيحة يصبح تبيانها للآخرين وتبليغها لهم ودعوتهم لها هي من مهام المؤمنين وشغلهم الشاغل انطلاقاً من دورهم الايماني ، فالمسلم يسعى لتأسيس المجتمع الاسلامي الايماني العالمي انطلاقاً من قوله تعالى في سورة سبأ: (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )). وقوله تعالى في صورة صاد: ((إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ )). وفي سورة الانبياء (عليهم السلام): ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )).
وبعد معرفة العقيدة الصحيحة وتبيانها للناس ، يأتي دور إقامة شعائرها ، شعائر العقيدة الحقّة ، الشعائر الحسينية وسائر الشعائر الايمانية. فالشعائر تخاطب الروح المؤمنة والعاطفة الايمانية الرصينة ، بعدما كانت العقيدة وتبيانها تخاطب العقل والادراك.  وبذلك تستكمل الشخصية الايمانية عناصرها الجسدية والروحية ، العقلية والشعائرية.
 
 
________________________________________
[1]  أي احذروا دعوتهم في زمن شدة التقية وعلل ذلك بأن من كان قابلا للهداية وأراد الله ذلك نكت في قلبه نكتة من نور ، وهو كناية عن انه يلقى في قلبه ما يصير به طالبا للحق متهيئا لقبوله.   (عن هامش طبعة الكافي)
[2]  أي أمر الله بالذهاب إليه " اخترنا من اختار الله " أي اخترنا الإمامة من أهل بيت اختارهم الله فان النبي ( صلى الله عليه وآله ) مختار الله والعاقل يحكم بان أهل بيت المختار إذا كانوا قابلين للإمامة أولى من غيرهم وهذا دليل اقناعي تقبله طباع أكثر الخلق.   (عن هامش طبعة الكافي)
[3]  ظاهر هذه الأخبار ان المعرفة من صنع الله وان الانسان لا صنع له فيها أي ان المعرفة غير اختيارية بل مستندة إلى أسباب الهية غير اختيارية للانسان فلا في اختيار الداعي ان يصنع المعرفة في قلب المدعو المنكر: ولا في اختيار المدعو ان يعتقد بالحق من غير وجود الأسباب الإلهية . ومحصل ما يظهر من هذه الأخبار وغيرها مما ينافيها بظاهرها : ان الله سبحانه خلق الانسان على دين الفطرة أي انه لو خلى وطبعه أذعن بالحق واعترف به ثم إنه لو وقع في مجرى معتدل في الحياة رسخت في نفسه صفات وملكات حسنة كالعدل والانصاف ونحوهما وتمايل إلى الحق أينما وجده وكان على أهل العلم والايمان ان يدعوا مثل هذا الانسان حتى يتشرف بمعرفة تفاصيل الحق كما اعترف في نفسه باجماله وهذا هو المراد بالآيات والأخبار الدالة على وجوب الدعوة والتبليغ وان وقع في مجرى الهوى والشهوات ومباغضة الحق رسخت في نفسه ملكة العصبية الجاهلية والعناد والطغيان ، وهو المراد بالنكتة السوداء وزالت عنه صفة الانصاف والميل إلى الحق ، و امتنع تأثير الكلام الحق فيه ، ولا يزيد المخاصمة والاصرار الا بعدا وعنادا . قوله ( عليه السلام ) . " لو أنكم إذا . . الخ " " لو " حرف تمن والمراد ليتكم إذا كلمتم الناس لم تقولوا : يجب عليكم كذا عقلا ويستحيل كذا عقلا حتى يصروا في الخصام ويشتد بذلك اصرارهم على الباطل ، بل قلتم : أن ديننا دين الله ومذهبنا مذهب من اختاره الله فلعل ذلك يوقظ روح الانصاف والاذعان منهم.   (عن هامش طبعة الكافي)
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/20



كتابة تعليق لموضوع : مَنْهَجُنْــــــا ... ( 4 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net