صفحة الكاتب : وليد فاضل العبيدي

جمع واعداد
وليد فاضل العبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تصحير  المدن .
تاريخ وانعكاسات .
يقول  عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر Max Weber الذي يقول عنهما:
( إننا بصدد نموذجين متضادين من القيم والسلوكيات وأشكال التنظيم وأنماط الفعل والتأثير والتدبير..)، نموذج التحضير والذي يؤكد مركزية المدينة وهيمنتها، بكل ما يعنيه ذلك من نشر وانتشار للقيم الحضرية واكتساحها للمجال والسيادة القانونية من جهة .يقابله  نموذج الترييف الذي تتحول معه المدينة  إلى مجرد حاضنة لتوسيع امتداد وإعادة تفريخ وإنتاج نفس القيم والعلاقات القروية.
 
 برزت عملية ترييف المدن Ruralization منذ بدايات قيام الدولة العراقية وظهور النفط وتأسيس بعض معامل الطابوق حول المدن والتي تسببت في هجرة عشوائية لمجاميع من فقراء الأرياف القريبة منها الى أطرافها، طلبا للعمل او هروبا من ضنك العيش وتخلف الحياة ووسائلها في تلك الارياف، الا انها اصبحت اكثر انتظاما وتوجيها قبيل اسقاط النظام الملكي وبعد قيام الجمهورية، حيث بدأت بالظهور مجموعات سكنية ريفية على شكل احزمة من الصفيح والصرائف حول كثير من المدن الكبيرة في انحاء العراق وبالذات العاصمة بغداد والمراكز الصناعية والتجارية والبترولية مثل البصرة والموصل وكركوك ومع التغيير الاجتماعي والاقتصادي الذي افرزه تغيير النظام الملكي وقيام الجمهورية بدأت ظاهرة الهجرة من الريف الى المدن بشكل عام تتضاعف  حتى تمت برمجتها وتوظيفها لخدمة انظمة الحكم القائمة بعد انقلاب 8 شباط عام 1963م  واستغلالها باسم القومية العربية والوطنيات التي كانت بحاجة لشباب ينقل ويضحي من اجل مصالحها انذاك وبالذات في كركوك والموصل وديالى  وبلداتهم من اجل إحداث تغيير ديموغرافي في التركيبة السكانية لتلك المدن لصالح عرق معين او قومية معينة، مما تسبب في خلق صراعات اجتماعية وسياسية حادة ومشاكل عقارية وزراعية كبيرة ادت الى تعقيدات سلبية بين مكونات البلاد القومية والعرقية والدينية وتخلف كبير في البرامج الإنمائية الخاصة بتلك المدن والبلاد عموما.
 
لقد اعتمد النظام السابق في التغيير السكاني على آلية عسكرية وامنية تمخضت عن نقل مئات الآلاف من القرويين المتطوعين في الجيش والحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية الخاصة والمرتبطة بقيادة الحزب الحاكم آنذاك، إضافة الى عشرات الآلاف من أبناء العشائر التي استقدمت الى تلك المدن وحولها على شكل أحزمة أمنية او تجمعات زراعية عسكرية من قرى وأرياف الجنوب والوسط الى مراكز تلك المدن وأطرافها حيث تم توزيع قطع الاراضي والقروض والتسهيلات لبناء تلك القرى والأحياء التي استحدثت لهم تحت مختلف التسميات وعلى سبيل المثال وليس الحصر: 
( أحياء الرفاق والبعث والعقيدة و7 نيسان و17 تموز والميثاق والتحرير وصدام والنصر والصداميات بكل انواعها والوحدة والزراعة والاصلاح الزراعي والقادسية والشهداء والرسالة والسلام ... ) 
 
وعشرات من هذه الأسماء المعروفة في كل المدن العراقية، حيث يشكل أبناء الريف والقرى الأغلبية الساحقة منهم وبالذات من العسكريين ومنتسبي الأجهزة الخاصة وحزب السلطة الذين شكلوا احزمة قروية وبدوية حول معظم المدن العراقية وبالذات بعد منتصف السبعينات وحتى سقوط النظام.
 
وقد رافق هذه العملية نقل كلي لموروثات الريف وسلوكياته وانماط العيش فيه من عادات وتقاليد الى تلك الاحياء التي بقت تعاني لحد هذا اليوم من الفارق الكبير بينها وبين المدينة الاصلية اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وسلوكيا مما ادى الى ظهور احساس بوجود طبقتين في كل مدينة من المدن العراقية من غير نظام الطبقات المعروف اجتماعيا واقتصاديا، وهما طبقة المدينيين ( أي سكان المدينة الاصليين ) وطبقة القرويين او الريفيين الذين قدموا من القرى والارياف،Sen

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وليد فاضل العبيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/23



كتابة تعليق لموضوع : جمع واعداد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net