صفحة الكاتب : وليد كريم الناصري

والدة ونعش وشهيد
وليد كريم الناصري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أيها الراقد كالأعوام بين أنفاسي، مالي أفتقد فراشات الضوء عن تقبيل عصابة جبهتي، لمقبض الباب فرشات الحدائق تتلو حنين اللقاء، صلوات البوح وترانيم الليل، تحرق كل شيء داخلي، هل أدركت يا قلبي المعتق بالهموم شيء من بقايا نفسي؟ يا ضرة أحداق ومحاجر نواظري، متى أخلع ثياب الدموع؟ أما حان طيفك عيداً؟ يستل شضا الأوجاع من جسدي!هزلت كتفاي ولم أمت! تسابقت على كبريائي أنياب فقدك، تنهش قواي وأنا واقفة! لا عكاز سليمان يحملني، ولا نعشا يريح أوصالي.
 
أه يا جرعة الليل من آلمٍ، تُبدد رعشة الروح في شجنِ، يا دمعة الثكل في سفرٍ، بوحي ذكراك لثمت فمي، أتقلل عن الحياة بوهلةٍ، تكاد تزهق روح الموت في جسدي، قطرات ندى صوتك، صداً يتكسر بين كهوف مسامعي، صباحات وجهك؛ بالأمس خجلا تلامس خد ضحكاتي، أين حللت بشفافك الحمر رطباً؟ وهل سامرت خديك سنن الله؟عجبا لعينيك! أتجف عن رقرقة تبرها المخضر؟ وينسل من تحتها لون الياسمين؟
 
أميري؛ أيها النائم كالملاك، تجمع سور الذكر من حولك وصلاة الذاكرين، حدق؛ أما ترى؟ خطاياك تملأ أضفاري تراب وطين، أما ترى أضافري المدماة بساح وجنتي الشاحبتين؟ أما ترى شيخوخة دمعتي؟ تتعكز محنية! هاربة عبر تجاعيد أحداقي السمراء، غبار غريب يعاكس أنفاسي، بقايا من عاصفة الذكريات، أيها المسافر بين ضجيج الصراخات والبكاء، هب لي لحظة وداع، أعطني من عمر وردتي، ما يسعني أن أشمها، وما يكفي أن أعيش، متعطرةً بدمائها أنفاسي.
 
لا حُسبان! فمي ونعشك يتلاثمان، الليل والظلام قاتلان، تسافر غفلتي هرباً، وتعجن روحي الأوجاع، سألعن البكاء، وأتسامر مع الموت ضحكات المجانين، لعله يحملني الى جنبك، سأبحر بقربك تحت شمس حارقة، ومقبرة من عصافير، أيها الراحل كالسراب من بين أمالي، خذ بيدي اليك، ما عاد العمر يكفن جدائلي، ولا خداي تتزاحم حول عيناي هرباً من السنين، خوفي من الدمع يطري مقلتي، أدميتها ضفراً! يسترها شعري المفجوع بصراخاتي، عجباً ولمن بعدك أعيش؟ أأتركك والتراب ينهش ما فيك؟ متى وكيف تسامرني الغيوم؟ لعلي أخفي خلف قطراتها أمطارغيوم عيني، أه يا قلبي المعصور الماً.
 
أتركوني أسافر بجسد ولدي قليلا، لعلها محاولة بائسة، لاكنني لا أعرف اليأس، أصابعي المرتعشة، وأحشائي المقطعة بالثكل، تبحر على قطعة ثلج بيضاء، تتسابق الدموع ألماً، تملأ جراح الشهيد، أتحسس شفاهه التي طالما كانت بداخلي تبحث في صدري سبل الحياة، أتحسس خداً أترفته يداي، أتحسس عيناً أغازلها كل لحظة، بكلام ليلى وحكاية العشق السرمدي، أنحل مئزري وصوائح الدهر تفجعني، وتكسر ظهري الراكع يقبل كثرة الأيام.
 
يا ليتني كنت بنتك يا ولدي، سأعيد الى الأذهان ذكرى الشام وبنت الحسين، خذ معك معصم أختك وعصابتي، خذ معك دمعة من خد أبيك، قل لهم كنت وحيداً لها، وأنفض غبار الجهاد من أعلى كتفيك، لإبتسامتك شمس ستورق أفنان الجنان، ضوءك المسافر هرباً من بين أصابع المطر، يرتدي الغيمة البيضاء فرحاً، من ستقبل شفتيك غيري في الجنان؟ قلها رفقا بقلب والدة فاقدة، من سيلبس قلبي العاري بك صبرا وسلوان، أيها المشيع بين التكبير والتهليل، رفقا بقلب عجوز، وأم تتقطع احشاءها بك كل يوم.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وليد كريم الناصري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/10



كتابة تعليق لموضوع : والدة ونعش وشهيد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net