امام انظار وزير التعليم
د . خالد حسين المرزوك
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رغم ان الكثير مما قيل وكتب عن مساوئ الجامعات المفتوحة ومساهمتها في خلط الاوراق وضياع الحقوق ، الا اني اريد عرض هذه الحالة واطالب فيها جميع زملائي من الاكاديميين وذوي الشهادات العليا بالوقوف امام هذا المد السرطاني المخيف ، فقبل اكثر من عام بقليل زارني احد الاصدقاء القدامى وبصحبته شخص لا اعرفه وقدّمه لي على انه طالب دراسات عليا ويحتاج الى مساعدتي ، فرحبت بدايةً بالامر ولكن ذلك لم يدم طويلا اذ اكتشفت بأنه قد اكمل رسالة الماجستير وقدمها الى جامعته المفتوحة (سانت كلمنس) طالبا مني الموافقة على ان اكون رئيساً للجنة المناقشة لهذه الرسالة وذلك بتوجيه من جامعته حسب ادعاءه ، لكني رفضت في البداية وقلت له باني لم اتعامل مع هذه الجامعة فكيف ارشدوك اليّ ؟ ثم ان وزارتنا تمنع التعامل مع هذه الجامعات ولا يمكنني قبول ذلك ، فبدأ صديقي القديم بتذكيري بالصداقة وحق الصداقة وواجبات الصداقة حتى اقنعني بقبول رئاسة اللجنة واذا به يطلب مني ترشيح اثنين من زملائي لعضويتها فعند ذلك اطبقت رفضي للاثنين وبعد جدال وافقت على ان يبحثا عن العضوين بانفسهما ، وبعد مرور ثلاثة ايام عاد الي (الطالب) وهو يحمل نسخة من الرسالة مصحوبة بـ (امر تشكيل لجنة المناقشة التي انا رئيسها) وترك عندي رقم هاتفه وعنوانه الكامل عسى ان احتاج اليهما على ان موعد المناقشة بعد حوالي الشهر ، وبعد يومين او ثلاث بدأت بقراءة الرسالة لتدوين الملاحظات التي ستتم المناقشة بموجبها ، الا اني احسست بان الصفحات الخمس اوالست الاولى والتي كنت اقرأ فيها كأنها قد مرّت عليّ سابقاً ولكنّي التمست العذر لذلك على ان البدايات الاولى للدراسات الانسانية غالبا ماتكون على قدر من الشبه خاصة اذا كانت المشكلة المدروسة مشابهة وهكذا استمرت قراءتي حتى الصفحة الحادية عشر واذا بي اجد خطأً علمياً واضحاً وقد مّر عليّ في وقت مضى وقمت بتصحيحه ، عندها توقفت عن القراءة واستعدت ذاكرتي وبمساعدة مكتبتي المتواضعة والتي تضمّ بعض الرسائل والاطاريح التي ناقشتها او اشرفت عليها او قومتها علميا فوجدت بينها رسالة تحمل نفس العنوان تماما كنت قد قومتها قبل حوالي السنتين ، ففتحتها ورحت اقارن بين الرسالتين بفتح الصفحات المتعاقبة فوجدت انه قد قام بتغييرات لابد منها مثل اسم الطالب واسم الجامعة والاسخاص المشمولين بالشكر والتقدير والاهداء وما شابه ذلك ، اما بقية الرسالة فهي مطابقة تماما تماما للرسالة الاولى بل حتى ارقام الصفحات وفقرات كل صفحة منها ، والغريب انه اعتمد على النسخة التي قُدّمت لللمناقشة اي ان الاخطاء التي وقع فيها الطالب الاول قد اعادها (الطالب) الثاني كما هي بالضبط .
احسست عندها بإحباط شديد وشرود ذهن ثم رفعت سماعة الهاتف واتصلت به وكانت الساعة حوالي العاشرة صباحا وطلبت منه الحضور حالاً ، وبعد اقل من نصف ساعة كان يجلس امامي جلسة الطالب المجدّ امام معلّمه القدوة ، ولم يسأل عن الدعوة المفاجئة على الرغم من اني بقيت احدّق فيه لدقيقة او اكثر دون ان اتفوه بكلمة ، ثم سألته عن مدى معرفته بصاحب الرسالة الاول فانكر اية صلة به بل لم يمرّ اسمه على باله ولم يعرف شخصا بهذا الاسم فثارت ثائرتي ورميت عليه الرسالة الاولى وقلت له : اذاً ما هذه ؟ فاخذ الرسالة ولم يفتحها ومارس دورا تمثيلياً بانه لا يعرف من الامر شيئاً ، عندها طلبت منه ان يفتح صفحة بلا تعيين وانا اقرأ له من رسالته ثم صفحة ثانية وثالثة وووو حتى أُسقط في يده كما يقولون فنهض من مقعده واتجه نحوي وعليه علامات الانكسار وادعى بأنه قد أخطأ ويطلب مني مساعدته على الخروج من ذلك ، فابتدرته بالقول باني سأنتظره لغاية الغد على ان يأ تيني بكتاب رسمي من (جامعته) يؤكد بانه قام بسحب الرسالة والغائها وانه سوف يبدأ العمل بالكتابة في موضوع آخر ، والاّ فاني سوف اقدم النسختين الى السيد صاحب الرسالة الاولى ليقاضيه قانونياً وادارياً وعلمياً ، فقبل مني ذلك وخرج من عندي وهو لا يلوي على شئ ، وبعد حوال الساعة والنصف واذا به يحمل الكتاب الذي طلبته تماما وقد ذُيّل بعبارة (وحسب طلبه) .
الى هنا والامر قد يبدو عادياً ولكن قبل ايام قلائل وعند زيارتي لاحدى دوائر الدولة لغرض متابعة الطلبة الذين يتدربون فيها تدريباً صيفياً واذا بي امام نفس الشخص وقد قام اليّ باحترام كبير ودعاني للجلوس في مكتبه وطلب لي الشاي الا اني رفضت بحجة ان لدي زيارات اخرى ولكني سألته عن حاله واحواله فقال بانه قد اكمل الدكتوراه ولله الحمد وهو ينتظر بفارغ الصبر قراراً من وزارة التعليم العالي بالاعتراف بهذه الجامعة وبشهاداتها لكي يعمل على نقل خدماته الى وزارة التعليم العالي (ليمارس اختصاصه على الاقل !!!) .
انتهت القصة وارجو وان تكون هذه الحالة ومئات غيرها امام انظاراخواني وزملائي اصحاب الشهادات العليا الذين باعو الغالي والنفيس وتحملوا هم وذويهم ما تحملوا وسهروا الليالي الطوال من اجل الحصول على الشهادة والمرتبة العلمية التي هم عليها ، كما اضعها امام انظار السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي لتكون حاضرة بين يديه وهو يتعامل مع الطلبات المتكررة والمدعومة بشدة للاعتراف بهذه الجامعات لان الكثير من السادة المسؤولين قد حصلوا على شهادات مماثلة
آسف للاطالة
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . خالد حسين المرزوك
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat