صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

مدرسة عاشوراء[5] منهج الإمام الحسين (ع) في الإصلاح في ضوء الخطب والبيانات
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن الوعي والبصيرة التي يجب أن يتحلى بها الانسان أمر ضروري جداً لأي عمل أو دور يريد أن يؤديه فلا يمكن للإنسان السير في الطريق الى الهدف بدون تلكؤ أو تعثر مالم يكن على بينة من أمره ووضوح في هدفه واستناداً اليه فقد وجدنا الإمام الحسين عليه السلام يحدد الهدف بوضوح ويرسم للمجاهدين الطريق ويتبين معالمه قال الامام عليه السلام: ‘أيها الناس إني سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله’ ثم قال مشيراً الى السلطة الأموية الغاشمة: ‘الا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان واستحلوا حرام الله واستأثروا بالفيء’.

 

وهكذا حدد الإمام القائد الهدف الذي يتمثل بضرورة إزالة مثل هذا الحكم المتسلط الجائر واجتثاث الفساد فيزيد ــ الحاكم الأموي ــ فاسق فاجر شارب للخمر ومعلن بالفسق وفي ضوء هذا نرى انه لم يكن أمام الأصحاب والأنصار إلا الإطاحة به وتخليص البلاد والعباد منه.

ثم إن الإمام القائد عليه السلام مع تحديده لهذا الهدف المباشر من حركته يبصر أنصاره بأن هذا الهدف مع أهميته إلا أنه ليس هو الهدف الاساس بل يجب أن تكون الاطاحة بالنظام المتسلط تمهيداً لإقامة حكم الله بتحكيم شريعته أي الاسلام العظيم ولذلك صرح الامام الحسين عليه السلام

*قائلاً:’إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله وسلم أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي ‘،* فالمطلوب تحديداً ــ هو الاصلاح الجذري وتحويل مسار الامة الى الاتجاه الصحيح أي الى اتباع سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

لا يمكن للإنسان الذي يثور في وجه الواقع الفاسد ويسعى الى تغييره ان يصل الى الهدف المعلن مالم يؤمن بقيادة مؤهلة ويكون وفياً، كما أن من غير المتصور بلوغ الهدف من دون وجود العلاقة المذكورة بين الأتباع والقائد ومن هنا وجدنا الامام الحسين عليه السلام يربي أتباعه ويعبئهم روحياً وفكريا ليكونوا على هذا المستوى من الايمان والوفاء ونحن إنما نستطيع أن نطلق القول بذلك إذا نظرنا الى الأنصار والأتباع في ساحة المواجهة وفي ساحة اصطكاك الأسنة وحتى مع عدم الرجوع الى مواقفهم واسلوب منازلتهم الأعداء فإن لنا في الوسام الذي قلده الامام الحسين عليه السلام إياهم خير دليل فقد قال عليه السلام في حقهم: *‘إني لا أعلم أصحاباً أوفى من أصحابي ‘*وكفى بذلك دليلاً وبرهاناً على ما قلناه ولو لا تلك التربية وذلك الاعداد الروحي والنفسي والفكري لما وصلوا الى مثل هذه المرتبة من الاستعداد لنيل الشرف والكرامة ولما استحقوا مثل هذا الوسام الرفيع من سيد الشهداء.

بيانات  الثورة .. أهداف الثورة

 

كان الإمام الحسين يعلن  أهداف ثورته في كل محطة من محطاتها، ويستثمر الفرص لتوعية أصحابه وتذكيرهم بمبادئ الثورة وأخلاقياتها.

 

وهذه مقتطفات من كلماته وبياناته الواضحة الجلية:

 

1/أهل البيت أحق بقيادة الأمة

 

 بدأت أولى كلماته في رده على والي المدينة الوليد بن عتبة عندما دعاه لبيعة يزيد، حيث قال: (إنّا أهلُ بيتِ النُّبوةِ، ومَعدَنِ الرسالَةِ،ومُخْتَلَفِ المَلائِكَةِ،وَمَهبطُ الرَّحمَةِ، بِنا فَتَحَ اللهُ وبِنا خَتَمَ،ويَزِيدُ رَجلٌ فاسقٌ، شاربٌ للخَمْرِ، قاتلٌ للنَّفسِ،ومُعْلِنٌ للفِسقِ،فَمِثْلِي لاَ يُبايِعُ مِثْلَهُ)

 

وفي هذه الكلمة تأكيد على مبدأ الكفاءة في الإدارة والحكم.

 

2/ وضوح الهدف

 

في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية:(... وإنِّي‌ لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلاَ بَطِراً وَلاَ مُفْسِداً وَلاَظَالِماً؛ وَإنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاَحِ فِي‌ أُمَّةِ جَدِّي‌ مُحَمَّدٍ أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى‌ عَنِ الْمُنْكَرِ ؛ وَأَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي‌ وَسِيرَةِ أَبِي‌ عَلِي‌ِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ ...)البحارج44ص329 ـ 330

 

فالثورة ضد الظلم والظالمين تستهدف الإصلاح، بعيداً عن المصالح الشخصية، أو طلب الرئاسة والحكم.

 

3/وضوح الرؤية

 

 رسالته إلى أخيه محمد بن الحنفية وبني هاشم:

 

(أمّا بعدُ: فإنّ من لحق بي استشهد، ومن لم يلحق بي لم يُدرك الفتح والسلام) كامل الزيارات 75باب24

 

فالشهادة انتصار وعزة وكرامة في نظر الإمام، ومن لم يوفق للمشاركة في هذه الثورة خسر خسارة كبيرة.

 

4/الاستعداد للتضحية

 

خطبته الأولى في مكة المكرمة لإعلان الثورة (... خُطّ الموت على ولد آدم مخطَّ القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف، وخِيرَ لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا فيملأن منّي أكرُشاً جوفاً وأجربة سغباً، لا محيص عن يوم خُطَّ بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجر الصابرين...) كشف الغمة ج2 ص29

فمهما كانت التضحيات، فالإمام موطن نفسه على الجهاد في سبيل الله.

 

5/الزهد في الدنيا مصدر قوة

 

 حين‌ اعترضه‌ الحرُّ بن‌ يزيد الرياحيّ في‌ منطقة ذي‌ حُسُم (... وَإنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا وَاسْتَمَرَّتْ حَذَّاءَ ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإنَاءِ ، وَخَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَي‌ الْوَبِيلِ .

 

 أَلاَ تَرَوْنَ أَنَّ الْحَقَّ لاَيُعْمَلُ بِهِ ، وَأَنَّ الْبَاطِلَ لاَيُتَنَاهَي‌ عَنْهُ ؟! لِيَرْغَبِ الْمُؤْمِنُ فِي‌ لِقَاءِ اللَهِ مُحِقّاً ؛ فَإنِّي‌ لاَ أَرَي‌ الْمَوتَ إلاَّ سَعَادَةً ، وَلاَ الْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إلاَّبَرَماً)

 

ومع وضوح الرؤية و المنطلقات، يكون التهيؤ والاستعداد للعطاء حاضراً مهما بلغت التضحيات، فالقتل عند الإمام الحسين سعادة، والخنوع للظالمين تعاسة وشقاء.

 

6/وجوب الثورة على الظالمين

 

قال لأصحابه وأصحاب الحر بمنطقة البيضة:( أيُّهَا النّاسُ ! إنَّ رَسولَ اللّهِ قالَ : «مَن رَأى سُلطانا جائِرا ، مُستَحِلّاً لِحُرَم اللّهِ ، ناكِثا لِعَهدِ اللّهِ ، مُخالِفا لِسُنَّةِ رَسولِ اللّهِ ، يَعمَلُ في عِبادِ اللّهِ بِالإِثمِ وَالعُدوانِ ، فَلَم يُغَيِّر عَلَيهِ بِفِعلٍ ولا قَولٍ ، كانَ حَقّا عَلَى اللّهِ أن يُدخِلَهُ مُدخَلَهُ» . ألا وإنَّ هؤُلاءِ قَد لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ ، وتَرَكوا طاعَةَ الرَّحمنِ ، وأظهَرُوا الفَسادَ ، وعَطَّلُوا الحُدودَ ، وَاستَأثَروا بِالفَيءِ ، وأحَلّوا حَرامَ اللّهِ ، وحَرَّموا حَلالَهُ ، وأنا أحَقُّ مَن غَيَّرَ)

 

فهو ينطلق من واجبه الشرعي، التزاماً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهكذا يمكن أن نقرأ الروح المتوقدة ، والشجاعة النادرة، والاستعداد اللامتناهي للتضحية و العطاء في سبيل الله.

      *والحمد لله رب العالمين*

مركز أهل البيت البحوث والدراسات


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/08



كتابة تعليق لموضوع : مدرسة عاشوراء[5] منهج الإمام الحسين (ع) في الإصلاح في ضوء الخطب والبيانات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net