صفحة الكاتب : رحمن علي الفياض

ملا حسن يبعث من جديد ...
رحمن علي الفياض

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في قديم الزمان وفي قرية نائية في العراق يعيش أهلها البسطاء على الفلاحة والصيد وكلهم أميين لايحسنوا القراءة والكتابة، ويعيش معهم رجل يدعى ملا حسن أخذ من الدين غطاءا لجهله وأميته، وصور نفسه للقرويين بأنه يقرأ ويكتب ويفهم في القراءة والكتابة، وصدقوا القرويين بأدعائاته، وتكفلوا بمسكنه ومأكله ومشربه وبقية أحتياجاته..

وهكذا عاش ملا حسن سنوات سعيدة، يعني (نايم برأس الجماعة) وفجأة طرق سمع ملا حسن خبرا يفيد بأن الحكومة عازمة على ايفاد معلم إلى تلك القرية لتعليم ألأطفال، وثارت ثائرة ملا حسن وجن جنونه وشعر بأن وصول المعلم الى القرية يعني نهاية لدجله وخداعه لأهل القرية وضربة قوية لمصالحه من أهل القرية، وأخذ يضرب أخماس بأسداس ويفكر حتى وصل لفكرة وحيلة خبيثة يتخلص بها من المعلم القادم من المدينة.

أستعد لملاقاة المعلم وأنتظر على أحر من الجمر يوم وصوله الى القرية، ووصل المعلم وأستقبلته القرية وذهب مباشرة لمضيف شيخ القرية وفرح به كبار القوم وأستقبلوه أستقبالا لائقا، وكان من ضمن المستقبلين ملا حسن..!

كان مستاءا جدا ويبدو الحزن عليه وخائفا من فشل فكرته، وبعد أن سلّم المعلم على رجال القرية وتعرف على أسمائهم وأخذ يحدثهم أحاديث للمجاملة وعن التعليم والقراءة والكتابة، تشجع ملا حسن وأستجمع قواه وبادر المعلم بسؤال استفزازي لم يدر في خلد الأستاذ أن في يوم ما سيوجه له هكذا السؤال، فلنسمع سؤال ملا حسن للمعلم، ملا حسن: أستاذ لاأعتقد بل آنا على يقين بأنك لاتجيد القراءة والكتابة! وأتحداك أن تكتب كلمة واحدة؟.

أستغرب المعلم ودهش من هكذا تحدي وأجاب قائلا: ياملا حسن كيف تتحداني بهذا الشكل وآنا خريج معهد المعلمين في بغداد قسم اللغة العربية، لابد وأنك ياملا حسن فقدت قواك العقلية لتتحداني بهذا الشكل الأستفزازي؟ فأجاب ملا حسن: ياأستاذ أنك تريد أن تستغل أمية رجال القرية لتسيطر عليهم من خلال أدعاءك بإجادة القراءة والكتابة، وأتحداك أن تكتب كلمة واحدة؟ بل أطلب منك أن تكتب كلمة حية وآنا أكتب كلمة حية ونعرضها على القوم وهم سيقرروا من منا يجيد القراءة والكتابة؟.

ذهل المعلم من طلب ملا حسن، بل أستهزأ من طريقة كتابة حية وأعتبر أن الأمر سينتهي لصالحه!! ووافق على طلب ملا حسن، وأحظروا لهم ورقتين وقلمين لكليهما، وبدء المعلم يكتب حية، وكذلك قام ملا حسن بكتابة حية!! وبعد الانتهاء من الكتابة قدم الأثنان ورقتيهما الى رجال القرية، وأخذ القوم يتدارسوا ويتباحثوا عن من كتب كلمة حية بشكل الصحيح، وبعد فترة قرر أهل القرية بأن حية ملا حسن كتبت بالشكل الصحيح،وأن حية المعلم لاتمت الى فصيلة الأفاعي بصلة...!!

فهجموا على المعلم وأشبعوه رفسا وركلا ( وبهذلوه) وطاردوه حافيا خارج القرية، وشكروا ملا حسن على انقاذهم من شر المعلم، وزادوا عطائه وأكرموه أكثر من قبل, المعلم وبحسن نية كتب حية كتابة أما ملا حسن فرسم خط متمايل على شكل حية!! وبما أن أهل القرية كلهم أميون لم يفهموا كلمة حية المكتوبة بيد المعلم، بل حية ملا حسن كانت أقرب لعقليتهم بأعتبارها رسم يشبه الحية، وهكذا نجا ملا حسن وحافظ على موقعه في القرية واستمرّ في خداع السذّج..

وبكل تأكيد فأن مله حسن اليوم موجود بيننا, يعلمنا القراءة والكتابة حسب فهمه, وتصوراته ويبني العراق حسب مخيلته المريضة, ولكن تناسى المله أننا في القرن الواحد والعشرين, وأن جميع حيله وأكاذبيه قد أنكشفت للناس, فلا حية تلدغ, ولاكتابة تنفع, ولاخطبة الرنانة تؤثر فينا.

بعض من تصور نفسه, أنه يخدع بعض السذج سيعود الى رشده ولكن هذه المره سيعلوا صوت المعلم, ويبدء درسه الأول, ليقول الفلاح يزرع, والعامل يبني, والجندي يدافع عن الوطن, والمعلم يعلم التلاميذ, ليبنى العراق من جديد بعيداً عن حيل وخداع الفاسدين والمتلونين والمتلبسين بلباس الوطنية الخداع, وشعارتها البراقة, ويسقط مله حسن والعالمين لديه... (القصة من التراث العراقي)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رحمن علي الفياض
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/28



كتابة تعليق لموضوع : ملا حسن يبعث من جديد ...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net