صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الإستخراد الفاعل فينا!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الإستخراد من الخُردة وكما جاء في معجم المعاني , هي ما صَغُر وتفرق من الأمتعة , أو قطع المعادن الصغيرة , أو أدوات معدنية مختلفة , أو أشياء قديمة فقدت صلاحيتها ويمكن إستعمالها من جديد في شكل ما , كقطع الحديد , وتاجر خردة: تاجر يتعامل في المخلفات المعدنية , والسكراب له معنى الخردة , وتسمى قطع النقود المعدنية بالخُردة أيضا.
والإستخراد يأتي بمعنى الإستهوان والإستضعاف ولإستهلاك والتفريق وفقدان القيمة والدور المهم.
وفي عالم القوة والسياسة , هناك دول وأمم وشعوب خردة , أو مُستخرَدة من قبل الآخرين الذين يحسبون أنفسهم الأقوياء المهيمنين .
والدول المستخردة هي التي تستلطف الضعف والتبعية والإمعان بالإنكسارية , والإعتماد على غيرها في تدبير شؤون حياتها.
وهي دول تمتطيها دول وتسوقها إلى حيث تريد , وربما تبيعها خردة في مزادات الإفتراس الغابي القائم في دنيا الذئاب والسباع المتسابغة.
والدول تتحول إلى خردة بإرادتها , عندما لا تحترم نفسها ولا تقدّر سيادتها وتستهين بوطنيتها ومواطنتها وهويتها , وتتنازل عن حق تقرير مصيرها وتنقاد للآخرين وتنفذ برامجهم ومصالحهم.
فالإستخراد سلوك نابع من داخل المجتمعات يتم الإستثمار فيه من قبل المتربصين لها والطامعين فيها , ولا تلوم المجتمعات المستخردة إلا نفسها على ما وصلت إليه من رزاءة الأحوال.
والدول العربية تحولت إلى خردة بعدما قصمت ظهر وجودها العزيز وكرامتها الأبية , فتعاونت مع أعدائها لقتل العراق , فانكسر عمودها الفقري وتحطم رأسها القوي , وصارت دولا متسولة على قارعة دروب الويلات والتداعيات , بعد أن سمحت للمفترسين أن يستوطنوا ديارها وينطلقوا منها لتدمير بلاد العرب أوطاني.
ولا تزال بعض الدول العربية تستعذب دورها الإستخرادي وتنفذ أوامر القابضين على مصير الكراسي المتسلطة فيها , فهذه الدول مقبوض على سيادتها وثرواتها ولا تملك كراسيها إلا الطاعة والتنفيذ , وإلا ستلقى مصيرا أقسى من مصير الذين سبقوها وبعونها الكبير.
فالعديد من الدول العربية مستخردة بكل ما تعنيه هذه الكلمة , والتي منها تدّعي بأنها ثرية فهي على وهم لأن أموالها مقبوض عليها في بنوك الآخرين , ولا يمكنها أن تمسها إلا بشروط , وعليها أن تشتري بها أسلحة لقتل العرب وتدمير ديارهم.
أما الكراسي السرّاقة والنهابة التي يتوهم أصحابها بأنهم أصبحوا أثرياء بسرقتهم لأموال بلدانهم , فأنهم مرهونون تماما بما هرّبوه من الأموال , التي صارت بقبضة الأخرين الذين يتحكمون بمصيرهم , فهم في حقيقتهم لا يملكون شيئا ويتوهمون بأنهم بسرقة أموال دولهم سيعيشون برفاهية ورخاء , بينما الحقيقة المريرة تقول بأنهم سيعيشون بذل وهوان وإرتهان مشين , ويطوّقون أعناقهم بالرذائل والخسران المبين.
 
وهكذا يتواصل سلوك الإستخراد في الدول التي يتوهم المستخردون فيها على أنهم ساسة وقادة , وهم الأذلاء المتأسدون على الأبرياء والمساكين , وما دامت آلية الإستخراد فاعلة وفتاكة , فأن أبناء الدول المستخردة أينما ذهبوا يُتظر إليهم على أنهم خردة , فالبشر الذي لا تكون له قيمة في وطنه ولا يصون كرامته وعزته مجتمعه الذي ترعرع فيه , لن يجد غير ذلك في أي مجتمع آخر يحل فيه , أما إذا حلّ في مجتمعات مفترسيه , فحدث ولا حرج.
ولن يأتي المُستخرَدون إلا بما هو خردة , ودام الإستخراد مذهبا عميدا !!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/30



كتابة تعليق لموضوع : الإستخراد الفاعل فينا!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net