صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [١١]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 عندما سمعتُ أَحدَ [المشايخ] يُهدِّد ويتوعَّد بحرقِ نصف الْعِراقِ اذا حصلَ أَن مسَّ أَحدٌ شعرةً من رأس السَّيِّد مُقتدى الصَّدر! عندما أَماط الأَخير اللِّثام عن تلقِّيهِ تهديداتٍ بالقتلِ! علمتُ أَنَّ بينَنا وبينَ مفهوم الدَّولة المدنيَّة بُعدَ المشرقَينِ! لأَنَّ أَحد أَهمّ أُسُسُ هذا النَّوع من الدُّوَل هو أَن يكونَ القانون هو الحكَم والفيصَل في كلِّ الأُمور! لا يعلو فوقهُ لا القانون العشائري مثلاً ولا الحِزبي ولا ما أَشبه! لأَنَّ الدَّولة التي يحكم فيها قانونان تفشل وأَنَّ الدَّولة التي تحكمها قاعدة [كُلمن إِيدو إِلو] تفشل وأَنَّ الدَّولة التي يحكمها التَّهديد والانفعالات وردُود الأَفعال تفشل! وربما هذا هو حالُنا الآن وللأَسف الشَّديد خاصَّةً منذُ إِستغلال الأَحزاب والعِصابات وتجَّار الدَّم وجار السُّوء وأَصحاب رؤُوس الأَموال لفتوى الجِهاد الكفائي التي أَصدرها المرجع الأَعلى لمواجهة حالة الانهيار التي أَصابت البلاد جرَّاء تمدُّد فُقاعة الارهابيِّين لتحتلَّ نِصف الْعِراقِ زمن صاحب نظريَّة [بعد ما ننطيها] المُستنسخة! إِستغلالهم للفتوى لبناءِ الميليشيات والتسلُّح في مواجهةِ القانون وفرض الأَمر الواقع وإِنتزاع الحقِّ المُفترض! وكذلك بسبب توجُّه رئيس الحكومة السَّابق للاعتماد على العشيرة لبناءِ سلطتهِ من خلال تأسيسهِ مجالس الاسناد وتوزيعهِ السِّلاح على شيوخ العشائر ما ركَل أَساس الدَّولة المدنيَّة وأَقصد بهِ قانون الدَّولة ليحلَّ محلَّهُ أَو على الأَقلِّ ليُنافسهُ أَو يوازيه قانون العشيرة التي تحكم الدَّولة وليس العكس!.
   في الدَّولة المدنيَّة فانَّ أَيَّ نزاعٍ مهما كان نوعهُ يحلَّهُ قانون الدَّولة حصراً! أَمَّا أَن يُستنفر النّاسِ أَو بعضهُم لأَيِّ سببٍ من الأَسباب فذلك الذي يحطِّم الدَّولة المدنيَّة ويحوِّلها الى كيانٍ يحكمهُ قانون أَلغاب!.
   تعالوا نُقارن بَيْنَ ما قالهُ الموما إِليهِ وبين ما قالهُ أَميرُ المؤمنين (ع) عندما ضربهُ المُجرم الخارجي عبد الرحمن بن مُلجم المُرادي في محرابِ الصَّلاة فجرَ ليلة التَّاسع عشر من شهرِ رمضان المُبارك عام ٤٠ للهجرةِ؛
   {يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لاَ أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ خَوْضاً، تَقُولُونَ: قُتِلَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ.
   أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ بِي إِلاَّ قَاتِلِي.
   انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذِهِ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَة، وَلاَ يُمَثَّلُ بِالرَّجُلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله) يَقُولُ: "إِيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ وَلَوْ بَالْكَلْبِ الْعَقُورِ"}.
   لقد أَغلق الامام عليه السَّلام البابَ بوجهِ الثأَر العشوائي والتَّصفيات العشائريَّة والانتقام الفوضوي! كما منعَ من إِستحضار أَيَّ قانونٍ لمعاقبةِ الجاني القاتل إِلّا قانون الدَّولة فقط! لماذا؟! لأَنّهُ كان يسعى لبناءِ دولةٍ فيها القانون الرَّسمي فوقَ كلِّ القوانين الأُخرى! وإِلّا فلو أَرادَ كلَّ فردٍ أَو عشيرةٍ أَو حزبٍ أَو طائفةٍ فرضَ قانونها لانتزاعِ حقِّها لما تمكن أَحدٌ أَبداً أَن يبني دولة يحكمُ فيها القانون والنِّظام! ولعلَّ الى هذا المعنى يُشيرُ كلام الامام (ع) في الخوارجِ لمَّا سمِع قولهم: «لا حُكم إلاّ لله»؛
   {كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ! نَعَمْ إِنَّهُ لا حُكْمَ إِلاَّ للهِ، ولكِنَّ هؤُلاَءِ يَقُولُونَ: لاَ إِمْرَةَ، فَإِنَّهُ لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرٌّ أَوْ فَاجِر، يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ، وَيَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَيُبَلِّغُ اللهُ فِيهَا الاَْجَلَ، وَيُجْمَعُ بِهِ الْفَيءُ، وَيُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَتَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ، وَيُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِر}.
   إِنَّ واقعَنا الحالي يُنذر بخطرٍ كبيرٍ، فعندما يتراجع قانون الدَّولة ويتقدَّمهُ أَيَّ قانونٍ آخر فذلك يعني أَنَّنا نبتعد ولا نقترب من مفهوم الدَّولة المدنيَّة! ولعلَّ من أَوضح الأَدلَّة على ذلك هو أَنَّك تواجه التَّهديد بالعشيرة والحزب والميليشيا كلَّما اختلفتَ مع أَحدٍ أَو حتَّى عارضتهُ في رأيهِ!.
   لا فرقَ في أَن يكونَ الخلاف شخصيّاً أَو حزبيّاً أَو مرجعيّاً أَو قانونيّاً أَو قضائيّاً أَو طبيّاً أَو في المدرسةِ أَو أَيَّ نوعٍ آخر من هذه الخلافات التي تنتشر بين النّاسِ عادةً!.
   فلقد اختلفَ [شيخٌ مُعمَّمٌ] مع صاحبِ حملةِ حجٍّ على مبلغ فهدَّدهُ بعشيرتهِ!.
   واختلفَ نائِبان تحتَ قُبَّة البرلمان فهدَّد أَحدهُم الآخر عشائريّاً!.
   واختلفَ [بوقان] لزعيمَين مُتناحرَين فتهادَدا بعشائرهِم!.
   كما أَنَّ بوقاً من أَبواق [السيِّد النَّائب] إِختلفَ مع تيَّارٍ سياسيٍّ فهدَّدهُ بميليشيا [الحزب الحاكم]!.   
   وعلى الدَّولة السَّلام!.
   *يتبع

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/21



كتابة تعليق لموضوع : أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [١١]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net