صفحة الكاتب : كاظم الحسيني الذبحاوي

الإسلام (الصَفـْقـَوي) والإسلام النَّـبوي !
كاظم الحسيني الذبحاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لقد أثارت مقالة الأستاذ طالب الشطري  في نفسي ما كان فيها من لواعج كامنة منذ أمد بعيد . هذه الكوامن تجتمع في وعاء أصفه بالقراءة غير المتوازنة لتراث الإسلام . 
أنا لا أقول أنّ تراثنا بحاجة إلى إعادة نظر ، فهو بلا شك تراثٌ رصين ومنتج ، لكنّ آثاره لم تُرَ على أرض الواقع .
الإسلام الذي نعرفه الآن لم يمت إلى التراث بصلة !
التراث الذي نقرأه كفيلٌ بخلق الشخصية الإلهية في الأرض ، لا بخلق أجيالٍ من السُّــرّاق والمـُرّاق والفُسـّاق !
أدعو إلى قــراءة أخرى لهذا التراث، تكون متوافقة مع القرآن العظيم ومع سنة النبي صلى الله عليه وآله ، لا أن تبتعد عن هذا المنبع الخالد ، كما هي عليه القراءة الآن !
لا أستحيي أن أقول : إنّ القراءة الحالية لتراث الإسلام ،عند الشيعة وعند السنة ، لهي قراءة سلطوية أنتجت لنا جيوشاً من المرتزقة في الجوامع والمساجد والحسينيات والمؤسسات الإسلامية ،وفي إدارات المراقد المقدسة أيضاً ، في ديار المسلمين وفي بلاد المهجر على نحو سواء . العاملون في المراقد المقدسة يسمون أنفسهم قوّاماً ، أي أنّ لهم القيمومة على مَن دونهم  ،وعلى المراقد نفسها ! 
وهذه ليست شتيمة لأحد ؛وإنما هو تشخيص للواقع الذي نعيشه بكل عنفوان .
يمكنني القول بأنّ الإسلام في هذه الدنيا إسلامان : إسلامُ محمّد صلى الله عليه وآله.
وإسلامُ الحاكم الزمني وهو ( إسلام الصفقة) !
إسلام محمّد صلى الله عليه وآله موجود في الأذهان فقط ،كتراث يتغنى به الشعراء والخطباء  ،لكن ليس له الحاكمية على معتنقيه في أقل تقدير.
 إسلام الحاكم هو الحاكم على أرض الواقع ،وليس في هذا الإسلام غير الصلاة والصوم عن الأكل والشرب وقراءة النصوص في مناسبات الوفيات !
الحاكمون سرقوا اسم محمّد صلى الله عليه وآله وجعلوا منه (شارةً) يعلقونها على صدورهم تغطية لجرائم القتل والسرقة والزنا والكذب والغيبة والنميمة .
إسلام الحاكم هو أفيون الشعوب ،ولابد للشعوب أن تتخلص من سيطرة هذا الأفيون !
ومرادي مِنَ الحاكم هنا ،هو مَن له الحاكمية على أتباعه ومريديه ،ولا فرق في ذلك بين المَلك والرئيس والعاهل ،وبين رئيس المؤسسة الدينية ،ورئيس المؤسسة العشائرية ،ورئيس المؤسسة الثقافية . فهذه الكيانات التنظيمية لها الحاكمية على المتعاملين معها بنحو أو آخر .
الانتماء إلى إسلام الحاكم غير الانتماء إلى إسلام محمّد صلى الله عليه وآله .
الانتماء إلى إسلام الحاكم يشبه كثيراً الانتماء إلى مجلس العشيرة أو الحزب أو النقابات المهنية ،فالصراع المذهبي صراعٌ عشائري أو نقابي أو حزبيٌّ  في حقيقته ، لكنه يتغلف بغلاف (مرضاة الرب) !
الكل حينما (يذبح) أو (يسرق) أو.. أو.. أو.. ،تجده يقول أنه يريد  من وراء ذلك وجه الله ، لأنّ قراءته للتراث تعطيه تعريفاً مهذباً و(شرعياً) للذبح وللسرقة و .. و.. و.. !!
السرقة تقع تحت عنوان العاملين عليها ،والعاملون عليها لا يشبعون من المال !
الذبح يقع تحت عنوان الجهاد في سبيل الله ،وتحت عنوان (قاتلوهم حتى لا تكون فتنة) ،والقاتل الذابح يقاتل في سبيل الطاغوت ،ويزرع البذور المحسَّنة للفتنة في الأرض !!
 دين محمّد غائبٌ ،ودين الحاكم حاضرٌ
أنا لم أتعجب حينما أسمع وأرى مظاهر(الفساد الإداري والمالي) قد ضَربتْ أطنابها على أرض المؤسسات الحكومية في هذا البلد أو ذاك . الفساد الإداري والمالي موجودٌ في جميع دول المسلمين قاطبة بلا استثناء ، لكنّ الفرق الذي نجده إنما هو فرقٌ كمي حسب . فمادام فهم الإسلام يأتي من خلال هذه النظرة ، فلا عجب أن نرى جحافل الفاسدين تغزوا دوائر العراق .
السياسي المسلم سواءٌ أكان ليبرالياً أو علمانياً أو إسلامياً لا ينظر إلى وظيفته اليومية من زاوية كونه مسلماً يجب عليه أن يكون أداؤه لا يتقاطع مع ثوابت دين (آبائه وأجداده) في أقل تقدير ؛ وإنما يتركز نظره إلى المنافع الشخصية التي يمكن أن تتحقق له من وراء حركة يقوم بها ، تحت مسمى الدين أو العلمانية أو القومية أو الليبرالية ، أو أي شعارات يتبناها هو وكتلته التي ينتمي إليها انتماءاً مهنياً نقابياً غير مبدأيٍ لا يمسّ مصالح المجتمع .
كذلك فإنّ المؤسسات الإسلامية المدنية التي تُنشؤها الحوزات الدينية لم تخلُ هي الأخرى من مظاهر الفساد الإداري والمالي التي تنطبع في سلوكيات الأفراد العاملين وتتغطى بأغطية إسلامية لم يجرؤ أحدٌ من المتضررين ،على كثرتهم وتزايد أعدادهم بشكل مخيف ، المساس بهذا التردي خوفاً من العقاب الأخروي الذي يلوّح به العاملون في تلكم المؤسسات من أنَّ ما يقومون به من أعمال إنما تجيء طبقاً للشريعة الإسلامية ، مستغلين حالة الجهل بالإسلام التي تخيم على الملايين من المسلمين في شتى أوطانهم  نتيجة الأوضاع السياسية غير المستقرة التي استمرت قروناً متطاولة.
أفراد المؤسسات الدينية وأفراد المؤسسات الحكومية هم أبناءِ مجتمعٍ ينظر إلى الدين على أنه  تجمّع عشائري يحقق مصالحهم الشخصية . فهم معه مادام يحقق مصالحهم ، وهم ليسوا معه إذا لم يحقق مصالحهم !
المنبريون اليوم، كما المنبريون أمس يكرّسون مبادئ الإسلام (الصفقوي) بين السامعين والمُتلقين ! 
طلب العلم في الحوزات، كما في الكليات ،صفقة رابحة ؛بل أنّ انتماء الناس للدين رجاء الحصول على صفقة رابحة !!
صفقة تتلوها صفقة، فلا أحد يشبع من الصفقات !
هل قام أحد الطلاب في إيٍّ من المدرستين، بنشر دراسة يتعرّف المجتمع من خلالها على جدوى المجهودات الدراسية التي بذلها بشتى صنوف المعرفة ؟
هل أجهد (القرآنيون) أنفسهم للبحث عن قرآن محمّد صلى الله عليه وآله أين خبـَّأَهُ (الصفقويون) ؟ 
قرآنُ محمّد صلى الله عليه وآله ليس مصحفاً يكتبُ الطواغيت أسماءهم عليه ذرّاً للرماد في عيون الناس ؛وإنما هو رسالة ربّ السماوات والأرضين إلى الجنّ والإنس .
هل طالب المجتمع الدراسي في أيٍّ من المدرستين بتطبيق ما وُصف بأنه إنجازٌ علمي جديد في الحياة ؟؟
من كل هذا ومثله ،ماذا نتوقع أن ينتج ؟؟
هل ينتج مجتمع يعرف غير الذبح والارتزاق والسرقة والكذب والنفاق والظلم والأنانية والفـُحش والمنكر والكراهية ؟؟
لا أظنُّ ذلك ...
دار بيني وبين أحد (رجال الدين) حوارٌ ،وكان جارٌ لي وتربطني به صداقة :
لماذا سمي الإمام علي بن الحسين عليه السلام بالسجاد ؟ 
فأجابني : لكثرة سجوده . 
قلت : وأعماله الأخرى كيف ينجزها ، إذا كان يقضي أغلب وقته بالسجود ؟
قال : يقضيها بأية طريقة .
قلت : ألم يذكر التأريخ والروايات بأنّ هذا الإمام كان يجوب شوارع وأزّقة المدينة متنكراً يطرق الأبواب على الفقراء يغدق عليهم ؟
قال : هذا صحيح .
قلت : إذن لا بدّ أن نحمل معنى السجود على محمل آخر فضلاً عن المعنى المتبادر .
قال : هذا صحيح .
قلت : في منطقتنا السكنية فقراء ، هل طرقت أبوابهم لمعرفة احتياجاتهم ؟؟
قال : لا .
قلت : إذن أنتَ لم تنتمِ إلى (السَّجّاد) !

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كاظم الحسيني الذبحاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/01



كتابة تعليق لموضوع : الإسلام (الصَفـْقـَوي) والإسلام النَّـبوي !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net