مَنِ المنتظِرُ ؟ ومَنِ المُنتظَرُ ؟
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أَ نحنُ مَن يَّنتظِرُ الإِمامَ المُخلِّصَ الموعودَ ، أَو هو مَن ينتظِرُ أَيضًا ؟
ليس بصوابٍ أَن نَّكونَ نحن المنتظِرين إِطلاقًا من غيرِ ما عملٍ نُنجزُه ، ومن غيرِ ما أَداءٍ بنَّاءٍ نُمهِّدُ به ونفعَلُه.
وإِن منَعْنا أَيَّ تمهيدٍ صادقٍ مِنا ؛ فنحن - إِذًا - اتِّكاليِّـون عاجزون على الرغمِ مِن أَنَّـنا نَمتلِكُ مؤهلاتٍ وطاقاتٍ وخُطَطًا ، ولدينا غاياتٌ وأَهدافٌ ، ولكننا لا نفعلُ شيئًا لصالحِنا ، ولا لصالحِ مجتمعِنا أَو بلدِنا وقضيَّتِنا !
نعم ، إِنَّـنا نُعلي شأنَ الانتظارِ ، ونسأَلُ اللٰهَ تعالى الفرجَ بالظهورِ ، والخَلاصَ من الظلمِ والطُّغيانِ ، والفسادِ بالمُخلِّصِ الطَّهورِ ؛ كي نحظى بما نرجو ونتمنَّى. وهذا مِن الإِيمانِ حقًّا ، ولكنْ هل يكفي هذا المنهجُ الفكريُّ - النظَريُّ وحدَه ؟!
لا ، لا يكفي ، ولا يجوزُ أَن يَّكونَ هو العِمادَ وحدَه ؛ فالحقيقةُ أَنَّ الإِمامَ المنتظَرَ (عليهِ السلامُ) هو نفسُه ينتظِرُ شيئَينِ رئيسَينِ يَقومُ عليهما ظهورُه المبارَكُ هما:
١- أَمرُ اللٰهِ سبحانَه الذي لا يعلمُ وقتَه ، ولا يأمُرُ به إِلَّا هو وحدَه لإِعلانِ ظهورِ الإِمامِ المنتظَرِ (عليهِ السلامُ) بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿وأَشرَقَتِ الأَرضُ بنورِ ربِّها ووُضِعَ الكتابُ وجِيءَ بالنَّبِيّينَ والشُّهَداءِ وقُضِيَ بينَهُم بالحقِّ وهُم لا يُظلَمونَ﴾ [الزمر/٦٩].
٢- أَنصارٌ (من الجماهيرِ) مخلِصون مؤمنون يُسخِّرون إِمكاناتِهم كلَّها لنُصرتِه ، ويُوظِّفونَ طاقاتِهم وعِلاقاتِهم كلَّها لمؤازرتِه بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كونُوا أَنصارَ اللٰهِ كما قالَ عيسى بنُ مريمَ للحَوارِيِّينَ مَن أَنصاري إِلى اللٰهِ قالَ الحَوارِيُّونَ نحنُ أَنصارُ اللٰهِ فآمَنَت طائِفةٌ مِن بني إِسرائيلَ وكفرَت طائِفَةٌ فأَيَّدنَا الَّذينَ آمَنوا على عدُوِّهِم فأَصبَحوا ظاهِرينَ﴾ [الصف/١٤].
فعندما يُطلَبُ مُهندِسٌ لإِنشاءِ جِسرٍ على نهرٍ ؛ لِيَـربِطَ بين جانبَينِ أَحدِهما فيه ناسٌ يُرادُ إِنقاذُهم من شدَّةٍ وعذابٍ وبطشٍ وقع عليهم مِن سلطةٍ فاسدةٍ ومسؤولين جائرينَ يتولَّونَ زِمامَ الأُمورِ في جانبِهم ؛ ليَعبُرُوا إِلى الجانبِ الآخَرِ الآمِنِ الذي فيه السلامُ والأَمانُ والمحبةُ والإِخاءُ ، ولكنه لا يَجِدُ معه مِن الناسِ مَن يُؤيدُه ، أَو يُساعدُه بالوقوفِ سندًا له يَدعمونَ تخطيطَه ، ويستمِعون لتوجيهِه ، ويُنفِّذون أَعمالَه ؛ فهل سيتمكَّنُ وحدَه من بناءِ هذا الجسرِ اللازمِ إِنجازُه لأَجلِهم ؟!
وهل يَصِحُّ أَن يتولَّى هو (عليهِ السلامُ) نفسُه وحدَه كلَّ شيءٍ من أَمرٍ وتنفيذٍ والكلُّ ينتظِرُ خاملًا متَّكِلًا يتفرَّجُ ويُريدُ الحَلَّ فقط من غيرِ أَن يَّكونَ هذا الكُلُّ جزءًا رئيسًا منه وله ؟!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat