حرية الرأي ..والأرهاب الفكري !!
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن من حق كل إنسان أن يفكر فيما يشاء ويطرح فكره كيفما يشاء إلا ّ إذا كان ذلك الفكر يسيءإلى المجتمع ،فصاحب الفكرالحر يجب أن يكون تفكيره واعياً وساعياً إلى طلب الحقائق قدر المستطاع ، ويختلف الحال في ( حدود الحرية الفكرية )من بلدٍ إلى آخر ،ولكن على المستوى الفردي قد تكون الحرية متاحةفي شكل لايحد منها شيء في بلادنا ، ومن هنا تبرز بين الحين والأخر بعض الدعوات التي تعبرّ عن إنحراف الأنسان على المستوى الفكر ي لينعكس ذلك على المستوى الوضيفي ، فالعلم مثلاً يقدم للأنسان الأرضية الصالحة للأنطلاق في حركة الفكر إلى أقصى مداها ، بل لابد للعقل من أن يتحرر من كل القيود التي تمنعه من الأنطلاق في رحابة العلم الذي يؤدي بالأنسان إلى استكشاف جميع ماحوله من قوانين أودعها الله سبحانه وتعالى في هذا الكون ليستفيد منها في حركة وبناء الحياة ...
ومن الملاحظ في هذا المجال أن العصر الراهن يتميز بحرية ظاهرية واسعة للأنطلاق الفكري ، ولكن الواقع قد يختلف كثيراً عن مثل ذلك لأن كثيراً من القيود التي تفرض هنا وهناك تجعل من الأنطلاقة محدودة أو مقيدة، ولا سيما في ظل الهيمنة والتوجيه الأعلامي الحادّالذي تسيطر عليه الدول ذات الأنظمة الدكتاتورية المغلقة .
فالحرية الفكرية يجب بالتالي أن تكون في المصلحة الحقيقية للأنسان والمجتمع ،وليس في المفسدة ، وعليها أن تتحرك وفق حركة الحياة وطبيعتها وتسهل أنسيابيتها ، ولا تكون سبباً لتعقيدها والتشويش على خارطة طريق المجتمع..
فعلينا جميعاً أن نجعل ونسمح للأخرين أن يفكروا ،وأن نعيش في رعاية تفكيرهم بأن نناقشهم ونوجههم ونعطيهم من فكرنا ،وأن لانكون من الذين لايفكرون ولا يريدون للأخرين أن يفكروا !! ومن الطبيعي فإنّ التفكير لابد له من حدود وضوابط ولابد للأنسان أن يفكر على أساس قاعدة ينطلق منها ، وكل تفكير يتحرك من غير قاعدة سوف يحول المجتمع إلى فوضى وهذا ما يرفضه الجميع ,
وهناك علاقة وثيقة بين حركة التطوير وحرية التفكير ،فإذا قمع الناس عقولهم رهبة أورغبة ، وسادتهم أجواء الكبت والارهاب الفكري ، بحيث يحجر الأنسان على عقله الى الانطلاق خارج المألوف ، أو أن المجتمع يرفض الاراء المتطورة الجديدة ، ولا يعطيها فرصة الطرح والمناقشة والتجربة ، فحينئذٍ تتعطل مسيرة التجديد ولا يحصل تطور أو تغير..
ان حرية الفكر والرأي حق اساسي من اهم حقوق الأنسان ، بها يشعر الأنسان بأنسانيته ، ويستثمر أعظم نعمة وهبها الله تعالى له ، وهي نعمة العقل وعبرها يتمكن من تسخير الكون ، وإعمار الحياة ، حيث آراد الله تعالى منه ذلك .
وقد أهتم الأسلام بحماية هذه الحرية وضمانها ، وترشيد أدائها ، حتى لا تقع تحت تأثير الاهواء والشهوات ، فآيات كثيرة في القرآن الكريم تدعوا الانسان بإلحاح لأستخدام عقلة ، وتفعيل تفكيرة ، في مختلف الجوانب والمجالات ففي سياق الحديث عن الكون والحياة في قضايا المجتمع والدين ويتكرر قوله تعالى ( أفلا تعقلون ) (ولعلكم تعقلون )( افلا تتفكرون ) .. وإذا كان الدين يأمر بالتفكير وإعمال العقل ، فلايمكن أبداً أن يرضى بمصادرة حرية الرأي ، أو ارهاب الفكر ، فأن هناك كذلك ضوابط لحماية هذه الحرية من عبث العابثين وإفساد المغرضين .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat