تفجيرات الناصرية، قرابين لآلهة الفساد.
باقر العراقي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باقر العراقي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لو حصلت هذه التفجيرات في منطقة يسكنها مسؤولون، لاستبشر الناس خيرا بزوال بعض الفاسدين، لأن الفساد في بلدنا حرفة المسؤول، لكن ان يحدث التفجير في الناصرية، بين "اهل" من هزموا "الدواعش" في الموصل والانبار وتكريت، فهذا طبيعي ومؤلم جدا بنفس الوقت.
وطبيعي جدا أن تمر حادثة تفجير سيطرة ومطعم فدك في الناصرية دون القبض على الجناة او معرفة هوياتهم او هوية مركباتهم.
تفجيرات دموية حصلت سابقا في الناصرية في مثل هذه الأيام، وفي البطحة تحديدا، وحصلت تفجيرات مشابهة لغرفة تجارة ذي قار بسيارة مفخخة، لكن تفجيرات مزدوجة، وبهذه النوعية هو جديد وخطير للغاية أمنيا وسياسيا.
تزامنت هذه التفجيرات النوعية وهذا العدد الهائل من الضحايا مع زيارة رئيس الوزراء للمحافظة، وهو من اعلى درجات الخطورة، فربما كان هدفها "اي التفجيرات" رأس الرئيس، لكن قربانا له جاء بهذا العدد الكبير من الشهداء، ومن أعمار مختلفة، وجنسيات مختلفة.
كان لاهل الناصرية موقف مشرف مع الضحايا واهلهم، وكعادتهم دوما، فقدموا لهم ما تجود به اوردتهم من دماء، وموائدهم من طعام، وهو موقف طغى على ما قدمته حكومتي المركز والمحافظة معا.
لا يمكننا ان نعول على انسانية القاتل، أو نعاتبه لإجرامه بنا، فالمسؤول هو الحارس، وليس "الحرامي"، لذلك فإن هذه المئات من الضحايا قد تكون قرابين للمسؤول، ربما لاستمرار الحكم الحالي، أو لفقدان الحكم الماضي.
المسؤول الذي جاء بطريقة المحاصصة، لا يعنيه ما يحصل للفقراء، خاصة إذا كان ممن يتمتع بازدواج الجنسية، فلا أحد يقدر على مسائلته لانه سالم الخسارة، كما يقال اقتصاديا، وهو أول إله فساد يجب أن تفدى له القرابين.
ثاني الآلهة، أدوات القوات الأمنية، فالاف التفجيرات تحصد الضحايا منذ ما يقارب الأربعة عشر عاما، ولم يفلح مسؤولونا بوضع جهاز ال جي بي اس على المركبات، التي باتت من الوسائل القديمة لدى الدول الاخرى.
تفجيرات الناصرية يقال بأنها بمركبات "سلفادور" العسكرية ويقال بأن المجرمين هرب أكثرهم، من دون معرفة اتجاههم او ملاحقتهم بواسطة الطائرات، فذلك يحتاج قرار ضاع بين الثالوث المرعب قائد العمليات وقائد الشرطة والمحافظ.
هذا التداخل في الصلاحيات، هو إله صنعه الفساد، أصله نهب المناصب التي يجيدها جميع من وطأت قدماه حكم الفقراء، لانهم "أي الفقراء" لا يجيدون الاختيار، وشطارتهم تكمن في العويل والصراخ بعد كل تفجير دموي.
لا زال المنقذ بعيدا عن جموع القرابين والاختيار لا زال صعب عندهم، لذلك فآلهة الفساد التي لم نحصي منها إلا ثلاث، في ازدياد مستمر، بعد كل نكسة امنية وسياسية، بعد كل نكسة شفافية ونزاهة، قد يكونوا على شكل شخوص أو أدوات أو مناصب او روتين او قوانين بالية، وما تفجيرات الناصرية إلا إحدى قرابين آلهة الفساد هذه.
baqir_raheem@yahoo.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat