التصعيد سيد الموقف.. والحكومة القادمة على نار الصراعات (2)
د . عادل عبد المهدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عادل عبد المهدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سم الله الرحمن الرحيم
يعيد العالم توازنه ومناطق النفوذ فيه.. والعملية اختلفت اليوم عما كانت عليه سابقاً. يومها كانت الحرب هي الوسيلة الأهم لصعود وسقوط القوى، لتلعب السياسة والدبلوماسية دوراً مكملاً. واليوم تغيرت الادوات لكن لم تتغير ضرورات اعادة التوازنات. فالحروب باتت مكلفة جداً بشرياً ومادياً. فبريطانيا لم تهزم عسكرياً، لكن هزمتها الاعباء.. والولايات المتحدة تطالب اليوم حلفاءها بتحمل نفقات حمايتهم. وشعوب مجتمعات الرفاه باتت حساسة لاية خسائر بشرية. فخلال عقد (1890-1899) وقعت 39 حرباً، شاركت بها جيوش من القوى العظمى.. بينما لم تجرِ خلال القرن 20 و 21 سوى 33 حرباً شاركت بها هذه الجيوش، وكان عدد ضحاياها حسب "المتحف الامبريالي البريطاني للحروب" 187 مليون نسمة واكثر، دون حساب الحروب الصغيرة. لذلك تقدمت نظريات الحرب الباردة، والقوة الناعمة، والعقوبات الذكية، والحروب بالوكالة.. وتتركز الحروب الساخنة اليوم في معظمها في منطقة الشرق الاوسط الكبير وافريقيا. افلم تحسم حرب افغانستان.. والحرب العراقية الايرانية، وحروب العراق والكويت وسوريا ولبنان وفلسطني واليمن ولبنان توازنات المنطقة؟.. ام يجب انتظار حروباً جديدة لضبط المواقف؟
1- يمثل فوز الرئيس "ترامب" وتجديد كامل "المؤسسة"، خصوصاً باحتلال "بومبيو" و"بولتن" للمراكز القيادية، والترتيبات مع الحلفاء العالميين والاقليميين خصوصاً مع "ننتنياهو"، محاولات من "المؤسسة" الامريكية لرفض تراجع الدور الامريكي عالمياً واقليمياً.. وهذا الامر يعكسه ايضاً تجديد فرنسا لسياساتها عبر ماكرون.. و"البريكزيت" البريطاني.. يقابل ذلك كله ترسيخ "بوتن" لقيادته وتصاعد دور روسيا.. وصعود دور الرئيس الصيني "شي جي بينغ" كزعيم دائم بعد التخلي عن فكرة الدورتين، والتحالف العسكري والاقتصادي بين روسيا والصين وطيف غير قليل من البلدان.. وانجاز كوريا الشمالية تجاربها النووية الستة كالهند وباكستان، واطلاق المبادرة للتفاوض وتسوية اوضاع شبه القارة الكورية.. هذه الترتيبات وغيرها، على الصعيد الدولي لها انعكاسات وتدافعات على صعيد منطقتنا، بعد تراجع دور العراق ومصر وسوريا وليبيا، وتقدم ايران والسعودية، وازدياد دور تركيا بعد توجهها شرقاً بدل توجهها السابق غرباً.. واعلان امريكا نقل سفارتها للقدس وتوقف مسارات التسوية، والتخلي عن تعبير الاراضي المحتلة المستخدم منذ 1970 في تقرير وزارة الخارجية الامريكي، واستبداله بتعبير "اسرائيل والجولان والضفة الغربية وغزة"، وموقف الرئيس "ترامب" من الاتفاق النووي الايراني، وتحديد "اسرائيل" ان لديها 3 اولويات هي "ايران، ايران، ايران"، التي جندت 80 الف مقاتل في سوريا، وخوفها من التواجد "الشيعي" على حدودها الشمالية خصوصاً "حزب الله"، الخ. وان جميع الصراعات التي نشهدها في المنطقة والخليج وكل بلد هي انعكاس للتدافعات سواء للحفاظ على النفوذ القديم او لتعزيز النفوذ الجديد.
2- فهناك تصعيد خطير منتظر، يتطلب كامل الوعي والمسؤولية. الجميع يؤكد انه لا يريد الحرب، لكن كل طرف يقرب فتيل النار من البارود، لاعتقاده ان الاخر يقوم بالعمل نفسه.. فالحرب حقيقة قائمة.. ولكن اي حرب؟ فالحروب مفهوم واسع.. فهل ستكون حروباً بالنيابة، وقد خضناها الى اخر النفس.. ام حروباً بالصواريخ، وقد شهدنا منها الكثير.. ام حروباً جرارة، ولم يعد احد يمتلك جيوشاً جرارة لحسم هذا الحجم من الحروب.. ام ستكون تغذية للحروب الجارية حتى اخر يمني وسوري ولبناني وعراقي وفلسطيني وافغاني، الخ؟
3- ستلد الحكومة القادمة وسط هذه الاجواء.. والتصعيد سيقودنا بالضرورة لمفهوم شامل مفاده ان لا حياد، فمن ليس معي فهو ضدي.. عندها لن ترسم خارطة الحكومة القادمة الانتخابات اساساً، بل سترسمها التخندقات التي ترفض اللقاء في منتصف الطريق. لهذا ولكي لا تستمر بلداننا مسرحاً للحروب والدمار، نكرر اهمية: أ) ان مصالح كل بلد هي اولوية لشعوبه وهو صاحب السيادة في شؤونه.. ب) ان الروابط الاقليمية والمناطقية هي رئة بلداننا وشريانها، ولهذه العلاقات تعاريف حافظة لحقوق الجميع بدون خضوع او استعلاء او عدوان او تدخل.. ج) وان حقوق المنطقة -وفلسطين ضمنها- وعلاقاتها بالمجتمع الدولي هي جزء من حاضرنا ومستقبلنا وامننا وسلامتنا وتعايشنا فيما بينا، ومع خارجنا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat