إن الالتزام بصفة الأمانة وخلق الأمانة آثارا متعددة ،تعود بالمنفعة على الفرد والمجتمع على حد سواء .
الأمانة :في اللغة هي مصدر أمنَ وأمِن َ وجمعها أمانات، ولها عدة مصطلعات منها النزاهة والصدق ،وعكس الأمانة الخيانة .
فلأمانةخلق اسلامي رفيع يقوم على صون ماأستؤمن عليه.وهي دليلُ على حُسن الخِلق ،وتمام الأخلاق الحميدة عند الذي يتحلى بها.
فالمسلم إن تحلى بالأمانة لابدأن يتحلٌى بباقي الأخلاق،
فالصدق جزء من الأمانة وحفظ العهود من الأمانة والمواثيق من الأمانة وصون اعراض الناس من الأمانة
وكثيرمن الاخلاق والفضائل .
وقد قال النبي محمد " صلى الله عليه وأله وسلم"
[أنما بُعثتُ لأُتتم َ مَكا رم الأخلاق ]
لذلك الأنسان الذي يتحلى بالأمانة يصل الى حُب الله
سبحانه وتعالى ،وحب الناس وإحترامهم ،وخير دليل وشاهد على ذالك النبي محمد " صلى الله عليه وإله وسلم" الذي كان يحُبه أهلهُ ، وعشيرتهُ حتى قبل ان يبعث بالرسالة ،لأمانتهِ ، وصدقهِ فكان يُلقب ( بالصادق
الأمين ).
سنتكلم عن الامانة الوظيفية من خلال قصة يرويها أحد مرافقين المرضى في أحد المستشفيات.
وهو يقول كُنت قد دخلت المستشفى مرافقا لوالدتي المريضة ليلاً ، وبعد زحام شديد وطابور من المرضى الذين ينتظرون الكشف لدى الطبيب ، وصلنا وكشف عليها الطبيب ، وصرف لها بعض الحبوب والأبر ، وطلب
من ممرضة الردهةالتي كانت مسؤولة عنها في تلك الليلة
متابعة حالتها الصحية وإذا بها تأخذ الأبر ووضعتها في جيب الصدرية ،وهي تقول ثواني وأرجعلكم!!
ثم غادرت الردهة وبعدما تآخر الوقت ذهبت للبحث عنها
وإذا بهاجالسة على أحد الكراسي ،في استراحة الردهة الأخرى ،وفي يدها الهاتف النقال وتشاهد موقع من مواقع الأزياء ، حينها شَعرتُ بلأمتعاض ،ولكنني لم أظهر
لها غضبي .وقلت لها بصوت خافت لقد نسيتي علاج
والدتي أنهالم تأخذ جرعَتُها من الأبر وأذا بها تقول
بعصبية أعطني الابر !!
فقلت : لها أنها معكي هل نسيتي لقد وضعتيها في جيبب الصدرية،
وبقيت مصرة أنها ليست معها ، وتنكر انها إخذتها معها ،وفيما أنا أتكلم معها وإذا بمريض آخر يشكو من تقصيرها ويسألها عن علاجه الناقص أيضاً.!
وهي تصرخ وتقول :انا لأ أعرف انا غير مسؤولةلقد وضعت العلاج علىا لأسرة وذهبت أنه أهمالكم .
فقد تبين فيما بعد أنها ليست المرة الاولى التي يرتفع الصراخ في هذه الردهة لنقص العلاج .!!
وبعد تهديدي لها بالشكوى ، بدأت تتخضع وهي تقول سوف اجلب لك بدلا عنها ، وإحضرت لي قنينتين من الأبر .ثم ذهبت الى ردهة اخرى واحضرت احدى زميلاتها عوضا عنها لتعطي العلاج لوالدتي ، لأنني لم أعد أثق بها:
وفي اليوم الثاني كُنت قد نقلت والدتي لمشفى أخر في
المدينة لتتلقى هناك بقية العلاج لانني لم اعد اثق بتلك المشفى وكادرها من الممرضات، وأصرار والدتي للخروج من ا لمشفى ، وبينما والدتي بدأت تغفو تدريجيا بعدما هدئ عليها .الألم ولطمئنانها بكادر المشفى الجديد، وإذا بي أسمع شجار بصوتٍ خافت بين الممرضة وأحد
الشباب المرافق لوالدته المريضة !! وإسمعها تقول له اذهب وأحضر لوالدتك العلاج لان وقت الدوام شارف على الانتهاء، ويجب ان تأخذ والدتك علاجها لماذا هذا التآخير!
هل تريد حالتها ان تتدهور :فأجابها بأستحياء مطرقا رأسه الى الارض ،وهو يقول أنا لا أملك مبلغ العلاج
لوالدتي ولولا هذا ماتآخرت عنها أعذريني سوف أخرجها من المشفى !
اندهشت الممرضة من كلام الشاب ودمعت عيناها وماكان منها الاذهبت الى غرفة إستراحة الممرضات وجمعت من زميلاتها المبلغ الذي يحتاجه الشاب للعلاج وهي تقول له تفضل يااخي اشتري العلاح لوالدتك وأعتبرني مثل أختك واخذت تتوسل به حتى يأخذ المبلغ ، فتقربت منهم رويدا رويدا وشاركت في هذا العمل النبيل ، واخرجت لهم مبلغ من المال من محفظتي
وذهبت معه واحضرنا العلاج لوالدته .
فقلت في نفسي الدنيا فيها خير الحمد لله
فكلا الممرضتين يعملان في نفس الوظيفةولكن مفهوم الامانة لديهن يختلف .فلاولى جعلت مني افقد الثقة في كل كادر المشفى وانتقلت الى مشفى إخربسبب عدم ثقتي بها .
والثانية جعلتني أشعر بنبلها وانسانيتها وحرصها على المرضى لأمانتها في العمل.
فالواجب على الموظف ان يؤدي الامانة الوظيفية على الوجه المطلوب وأن لايتآخر عن أعماله أويتشاغل بغيرها اذا حضر مكان العمل ، وليعلم ان وقت الدوام يأخذ عليه مُرتبا فكل وقت يُستغل من قبل الموظف خارجا عن نطاق العمل كالأشتغال بالحاسب الأ لي أو أنجاز مهامه تاركا معاملات المراجعين مُعلقة ،فالساعات التي قضاها الخارجة عن نطاق العمل على رأي أهل العلم بأن راتبه الذي يأخذه فيه شبهة والبعض يحرمه لأنه من الغش والخيانة لوطنه .
إن الأمانة شيء عظيم تصان به حقوق الله وحقوق عباده وتحفظ الأعمال من التفريط والإهمال أنها قيام بالمسؤولية في جميع وجوهها ، وكما قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" [كلكم راعٍ وكُلكم مسؤؤلٍ عن رعيتهِ]
فمتى كانت الأمة مخلصةفي عملها فسيرتفع شأنئهاحتى عند عدوها حتىأنها تخلق مهابة لها ومتى كانت الأمة غير مبالية بالامانة ضحكت عليها الامم .
فالحل هو العودة الى الصفات العظيمة التي جاء بها الاسلام والرسالة المحمدية من صدق وايمان وحسن العمل فبلامانة والأخلاص تسير الامة على الركب الميمون المحفوف بالأخلاص في القول والعمل والخلاص في الدنيا والاخرة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat