صفحة الكاتب : عبدالاله الشبيبي

زيارة الاربعين عهد وتجديد...
عبدالاله الشبيبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جلس احد الاصدقاء يُسمعنا ابيات من القصيدة المشهورة التي مطلعها قم جدد الحزن في العشرين من صفر... كما وذكر ابيات اخرى ذات ارتباط بزيارة الاربعين التي نعيش ايامها وما جرى على سيد الشهدء في كربلاء، ونحن نشاهد الجموع المؤمنة تزحف نحو مرقد الامام الحسين عليه السلام في يوم الاربعين لتُجدد العهد والميثاق لاكمال المسير وتحقيق الاهداف وما تصبوا اليه من حياة حرة كريمة.
وعليه فان زيارة الاربعين عهد وتجديد، ان نعاهد الله عزوجل في اصلاح حالنا، وتطير نفوسنا، وبرمجة حياتنا، نحو الاحسن والاكمل... وان نجدد العهد مع الامام عليه السلام نحو تحقيق ذلك الهدف الذي سرنا لأجله، الا وهو اصلاح حالنا وتطير نفوسنا وبرمجة حياتنا.
اذ قيل أثبتت التجارب أن الأفكار لا يمكن لها أن تدوم مالم تكن محاطة بعناية السماء الأمر الذي تجسد بشكل لا لبس فيه في بالفكر الحسيني الذي أبقى شعلة الإسلام المضاءة بزيت محمد وآله متوهجة في وقت نشهد فيه انطفاء الكثير من المفاهيم والمسميات كاليسار والليبرالية وغيرها.
لقد وفرت زيارة الأربعين الأرضية الخصبة لبقاء ثمار النهج الحسيني متدلية بطيبها وألقها المتواصل التأثير.
فان هذا العشق الحسيني تتكسر في وصفه الاقلام وتخرس الالسنة أمام تلك الجماهير الحسينية التي تقطع مئات الكيلومترات حباً بالحسين عليه السلام. ولا ننسى الذين يرسمون في هذه المناسبة صورا في غاية الجود والكرم التي فاقت كل التصورات من خلال المضايف الكبيرة التي تمد من كل المحافظات وصولا إلى كربلاء لأن كلمة خادم الحسين عليه السلام تعني خادم زوار أبو عبد ألله الحسين وهذه الخدمة تنظم تطوعية أو تلقائية دون تدخل أي جهة رسمية ويبقى حب الحسين حاضر في ضمائرنا لأنه رسالة إلهية.
وقد كتب الدكتور عبد عون المسعودي: الزيارة الأربعينية تعد من أهم الشعائر الدينية الحسينية المقدسة من حيث آثارها وحجمها وتفاصيلها فهي مناسبة إنسانية يشترك فيها الناس باختلاف دياناتهم وطوائهم معتبرين أن الحسين عليه السلام رمزاً ثورياً للتحرر من الطغيان. 
كما أنها من وجه علم النفس تجعل من الزائر يشعر بأنه متصل مع الله وبالتالي يشعر بالأمان وتجعل من الزائر يشعر بالانتماء لهذا الكم الهائل من الناس وهنا سيتولد لديه الشعور بالقوة والتوافق. وتنمي الكثير من القيم الإيجابية كالكرم والتسامح والمحبة والتضحية من أجل الآخر وغيرها.
كما وكتب الصحفي مسلم الركابي: ملحمة إنسانية تجسدها اليوم أربعينية الإمام الحسين عليه السلام فقد اتضحت للعيان الامتدادات الإنسانية لثورة الإمام الحسين في الجذور مما جعل هذه الثورة تكتسب الصفة الإنسانية العالمية بامتياز واستحقاق وهذا ما شاهدناه من مشاهدات يومية في زيارة الأربعين حيث ذابت جميع القوميات والاجناس والجنسيات في بوتقة واحدة وهي تعظيم ثورة الإمام الحسين عليه السلام والتي شعت بأنوارها في نفوس الإنسانية جمعاء وهذا الجمع المبارك من مختلف القوميات والجنسيات كان هو العلامة الفارقة في زيارة اربعينية الإمام الحسين عليه السلام.
وعليه فان زيارة الاربعين تجديد العهد وتذكير النفوس بالتعاليم الإلهية. تجديد العهد مع الأخلاق السامية والقيم النبيلة. تجديد العهد مع معاني التضحية والفداء. تجديد العهد مع مبادئ الثوار الشرفاء. إنها محطة مراجعة الحسابات لئلا تسرق الدنيا الإنسان وتنسيه نفسه. ثورة الحسين تذكر الإنسان بالواجب والتكاليف الإلهية مقابل السهو والنسيان والطغيان. نهضة الحسين تذكر الإنسان بمشاهد الآخرة لتقف أمام الدنيا في رغباتها وشهواتها المحرمة. نهضة الحسين انتصار مبادئ العدل والاستقامة ونكسة للطغاة والعصاة. نهضة الحسين الإصلاحية ثورة على النفاق. ثورة على التملق للحكام الظالمين المتسترين باسم الدين.
ولها جانبان أما من الجانب الفكري فأن زيارة الأربعين تنتج تلاقحاً فكرياً عن طريق التواصل المعرفي، فالتقاء الحضارات بين المشرق والمغرب هو الركيزة الأساسية، التي بنيت عليها الحضارة من خلال تذكير المجتمع بالمبادئ الحسينية ورفضه للظلم والطاغوت، أما من الناحية الاجتماعية فقد ساد التعايش السلمي بين الزوار من شتى الأماكن من خلال العمل التطوعي الذي نراه في خدمة المواكب دون أدنى تذمر او ملل.
وقد قيل أنّ ثمن دم الإمام الحسين ـ الذي هو أغلى دم سفك في سبيل الإسلام ـ أن يبقى محرّكاً، منوّراً، دافعاً، مطهّراً، منقّياً على مرّ التاريخ لكل أجيال الاُمّة الإسلامية، لابدّ وأن يهزّ ضميرنا وضمير كل واحد منّا اليوم كما كان يهزّ ضمير المسلمين قبل ثلاثة عشر قرناً، لابدّ أن يهزّ ضمير كل واحد منّا حينما نجابه أيّ موقف من مواقف الاغراء، أو الترغيب أو الترهيب. السيد محمد باقر الصدر.
إنّ ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، كانت واقعية إلى أبعد الحدود، لأنّ الهدف منها كان إحداث صدمة في ضمير الأمة لإعادتها إلى الوعي المفقود وإلى الأصالة الضائعة، وهذا هو سرّ العظمة فيها، ويكفي أنّها ظلت خالدة على إمتداد الزمن، ولو لم يقدم الإمام (عليه السلام)على مشروعه الإصلاحي من خلال الثورة، لما بقي من الإسلام سوى الاسم، ولاستفرغت السلطات الحاكمة كل محتواه العقائدي والتشريعي والفكري.
في طريق كربلاء الحُسين تنصهر النفوس في بوتقة العشق والولاء، فلا ترى الانتماءات الدينية والسياسية مبروزه المعالم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبدالاله الشبيبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/10/29



كتابة تعليق لموضوع : زيارة الاربعين عهد وتجديد...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net