صفحة الكاتب : لطيف عبد سالم

التنمية المستدامة
لطيف عبد سالم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من المعلوم أنَّ صحوةَ العالم على الضجيج الذي صاحب الخشية من التداعيات التي ترتبت على الكثير من مشكلات البيئة، بدأت ملامحها في الظهور منذ إطلالة أعوام العقد الثامن من القرن الماضي، حيث باتت خطورة تلك المشكلات جلية للقيادات الإدارية في مختلف أرجاء المعمورة، حين أدركت تهديدها لأشكال الحياة فوق كوكب الأرض، والتي من أهمها: تنامي مسببات تلويث بيئة الحياة، فضلًا عن الاستخدام الجائر للموارد الطبيعية الذي أفضى إلى استنزاف الكثير منها، الأمر الذي ألزم الباحثين والمهتمين في الشأن البيئي التنبه للتداعيات الخطيرة التي ترتبت على إهمال الإدارات المعنية بإعداد المناهج التنموية للجوانب البيئية طول العقود الماضية، بالإضافة إلى تأكيد موجبات البحث عن فلسفة تنموية جديدة بوسعها المعاونة في مواجهة ما ظهر من المشكلات التي أضرت ببيئة الحياة وساهمت في الإخلال بالتوازن البيئي؛ لأجل الحد من آثارها والتغلب عليها.  
ليس بالأمر المفاجئ أن تتصاعد الجهود الدولية في مجال المسارات الخاصة بتحقيق تنمية من شأنها أن تساهم في تحسين البيئة والحفاظ على عناصرها، حيث أثمرت تلك الجهود عن ظهور مفهوم جديد للتنمية أشير إليه باسم "التنمية المستدامة". ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أن أول ظهور لهذا المفهوم جرى تداوله في مؤتمر "قمة الأرض" التاريخي الذي نظمته الأمم المتحدة من أجل البيئة والتقدم في عام 1992م بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، التي حمل هذا المؤتمر بعد ذلك اسمها، حيث أُصبح يشار إليه باسم مؤتمر "قمة ريو".   
المثير للاهتمام أنَّ مفهومَ التنمية المستدامة بدأ منذ ذلك التاريخ بالتبلور ليظهر مع تقادم الأيام بخصوصية ميزته عما عرف من الأنماط التقليدية للتنمية؛ إذ أطلت الأدبيات الاقتصادية والبيئية على العالم بنموذج تنموي جديد يقوم على التمسك بالعقلانية، فضلًا عن الحرص على إشاعة برامج ثقافية توعوية تتبني جملة سبل بوسعها المساهمة بشكل فاعل في ترشيد استغلال الموار الطبيعية لأهداف تتعلق بمهمة إنتاج الطاقة أو غيرها من الأغراض. كذلك ترتكز أعمدة هذا المفهوم على ما يفضي إلى المعاونة في حماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية، إلى جانب إلزام مختلف الإدارات بذل جهود حثيثة لاعتماد الآليات التي تتعامل مع الأنشطة الاقتصادية التي تسعى إلى ضمان النجاح في تحقيق معدلات نمو اقتصادي متقدم ومستدام، ما يعني الدعوة إلى دفع عجلة المشروعات التي بمقدور مخرجاتها تدعيم الطروحات الخاصة بإيجاد بيئة ملائمة لتحقيق نوعية حياة جيدة للبشرية في الحاضر والمستقبلية، حيث أنَّ التنمية الاستدامة تشكل في واقعها الموضوعي عملية للتغيير في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والبيئية؛ إذ أنَّ التنمية في النموذج  الجديد تُعَدّ منهجهًا يتعامل مع الإنسان بوصفه وسيلته وهدفه في الوقت ذاته، ما يؤشر أهمية تبني المجتمع الإنساني التنمية المستدامة كأداة استراتيجية لتحقيق سعادة الفرد ورفاهيته.
في أمان الله. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لطيف عبد سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/10/31



كتابة تعليق لموضوع : التنمية المستدامة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net