حينما نقول أن الأقلام رسل الحكمة فان اللسان رسول الإنسانية بين بني البشر وهو ترجمان العقول كما وصفه الأمام علي (ع) وهو احد من السيف وأمضى في الفعل وهو الفصل بين الحق والباطل والشر والخير وله الكثير من الألقاب فهو مرآة الإنسان يعكس ما تضمر نفسه .
ومن هنا كان على الإنسان أن يتحكم باللسان ويكبح جماحه ويصون نفسه من خلاله ليراه الناس بأبهى صور الإنسانية (تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت طيات لسانه) ، والصمت في كثير من الأحيان يغني عن جبال من الكلمات تتحمل وزر رفعها في يوم ما لأنها عقبة مهلكه في طريق آخرين وقد تحمل وزرها إلى يوم القيامة .
وللسان سحر كبير على الآخرين وهو نقطة الانطلاق في الشروع فهنالك علاقة وطيدة بين الحواس الخمسة والنفس البشرية ، فالحواس تتناغم فيما بينها فترسل رسالات وإشارات إلى النفس وتترجم بعدها إلى أفعال يتولى الدماغ مهمة تسيرها فيتحرك الإنسان بخطى واثقة منقادا لتلك الرسالات .
وخير من يتفنن بتلك الرسائل والإشارات أصحاب العقول التي تترجم أفكارها من خلال الألسن فتبني تارة وتصلح وتهدم في أخرى وتخرب ، تميل حيثما مال هواها وتيقن معتقدها ومن أولئك من يتصدر موقف أو مشهد ما أو يقود جماعة أو فرقة ما وفي تلك الحالة تكون الأدوات التي تنقاد هي من يتحمل الوزر المباشر في الأفعال والمتضرر والمستفيد هم عامة الناس من المجتمعات التي لا حول لها ولا قوة فيما يجري من تلك التأثيرات .
وهذه القراءة تطابقت اليوم مع الأحداث التي يمر بها بلدنا العزيز العراق حين أطلق القادة السياسيين العنان لألسنتهم بتبادل الاتهامات وتوجيه الخطب الرنانة والمؤثرة على الحواس والنفوس والعقول لمن يتأثر ويستلهم رسائلهم وإرشاداتهم وينفذ أجندتهم دون وعي وإرادة ، فكانت ضحية تلك الأعمال إزهاق النفس البشرية التي حرم الله قتلها إلا بالحق وهي بريئة لا ذنب لها سوى إنها خلقت في هذه البقعة المباركة من الأرض إلا من قادتها الذين حكموا في فترات من الزمن .
وهنا يجب علينا أن نتيقظ ونحصن أنفسنا من الانجراف وراء أصحاب تلك الرسائل إلا طارق يطرق بخير وان نضع الله ومسؤوليتنا الإنسانية نصب أعيننا ونحفظ أنفسنا وأرواح بني جلدتنا من ألسنتنا وأيدينا (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) ويوم القيامة لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم يوم ينادي المنادي وقفوهم أنهم مسئولون ولا تزر وازرة وزر أخرى والعاقبة للمتقين .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat