في طريق ملئته الحفر والمطبات حيث معسكر سبايكر وصلنا بعد الظهر وكان الجوع قد بدأ يصفع بنا من جهة والهاونات تصفع بنا من جهة اخرى ولا شيء من الطعام في الارض او في النهر او في السماء فالارض محروقة والنهر مختلط بالطين والدم والسماء خالية من اي شي سوى سحب الدخان الكثيف ..واذا يمر امامي شاب يركض وبيده رشاش وهو يقول تعال وراي اكو قنص ودخلنا في ممر طويل في نهايته شباك يطل على النهر وجلسنا اسفل الشباك ثم اخرج من جيبه قلادة مقطوعة وبدأ بإصلاح الجزء المقطوع فيها ولكنها لم تصلح ثم اخرج من جيبه بسكويت وكان وقتها يعادل القوزي
ووضعه بيدي وقال لي هذا الموجود ..
تناولت البسكويت الذي كان يشبه مائدة سماوية حينها وبقي صاحبي مهتمآ لموضوع القلادة التي لم يستطع اصلاحها ثم خرجنا من ذلك الممر وظل صاحبي يبحث في الارض عن شئ معين..
رادوني الفضول لمعرفة المزيد عن تلك القلادة فقال لي وهو يتحسر(خويه اول امس التحقت من البيت واعترضني الصغار رافضين ذهابي للجبهة وكان يومها عيد ميلاد بنتي التي اشتريت لها هذه القلادة وعندما اصررت على الذهاب ارجعت هي القلادة وارجع اخوها قطع الحلوى والبسكويت الذي اعطيتك منه وخاصموني ..
وكان الاخوة بانتظاري للاتحاق فتركتهم ووضعت الحلوى والقلادة بيدي وجئت للجبهة واتصلت بامهم والى الان لم يكلموني والصغيرة تقول لأمها (اني ما اريد اصير بدون بابا مثل صديقتي كلما يكولولها وين ولي امرك تكلهم شهيد وتبجي )!!
خويه الزغيرة تخاف من اليتم ومردت كلبي وتدري اني خلصت من الموت قبل شوية لو ما زلكت بالطينه ووكعت كان طلقة القناص اجت بكصتي..
رن هاتف صاحبي وقال لي انها زوجته ..ذهب بعيدا عني للكلام معها وبدا عليه الانفعال من بعيد ..
ثم رجع وقال لي الطفلة ما ماكلة ولا ترضى تاكل واني حاير بزماني ..
استحي انزل لأهلي والهجوم شوفة عينك ..
والبت راح تموت من البجي والجوع وامها تكول حتى ترجف...
علا صوت الرصاص وجاءت همر صعد بها صاحبي واني توجهت مع بعض الاخوة صوب الجامعة وبعدها ذهبنا لسامراء وعدنا بعد ثلاثة ايام ..
وسألت عن صاحبي لاني فتشت عليه ولم اجده وكنت اخشى ان يكون شهيدآ..
وقال لي احد رفاقه اننا اخذناه في واجب وسنأخذه للبيت بهدوء لان ابنته الصغيرة قد ماتت ولم نستطع اخباره مباشرة...!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat