صفحة الكاتب : زيد الحسن

الهمر والخط الاحمر ...
زيد الحسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد شهر من اسقاط صنم الهدام توجهت انا واثنان من اولاد عمي الى مدينة الانبار لزيارة صديق ولشراء مواد انشائية ، وقتها كنت قد بعت سيارتي ( الداتسن ) موديل 1980 وكانت عروس السيارات كما كنا نسميها في وقتها ، الثمن الذي بعتها به ( 2500) الفان وخمسمائة دولار ، وقتها كنت احسب هذا المبلغ ثروة كبيرة ، وضعتهم في جيبي معلل النفس بشراء بضاعة اتاجر بها واعوض بها سيارتي الجميلة .
الطرق كانت شبه فارغة في صبيحة يوم جمعة ، والفرح والسرور يداعب لنا الشفاه ، ومزاحنا كان يفتح القلب وكأننا نملك الدنيا ، سفرنا كان بسيارة ابن عمي ( السوبر ) وكنت انا اجلس في المقعد الخلفي والسيارة تسير بسرعة تطوي المسافة طي السجل ، وفيروز تغني ياطير .
وصلنا على مشارف مدينة الانبار وقبل دخولنا مركز المدينة ، استوقفتنا مرابطة للامريكان ، انزلونا من السيارة واوقفونا بجانب السياج الحديدي للخط السريع وبدأوا بتفتيش السيارة تفتيشاً دقيقاً ، وحين لم يجدوا شيئاً في السيارة توجهوا ناحيتنا وبدأ التفتيش ، وصل الدور لتفتيشي وما ان لمح الجندي الامريكي الدولارات بجيبي حتى استبشر الخير كله واطلق كلمة ( واوووو ) ، في هذه الاثناء وصلت سيارة اخرى استوقفوها وانزلوا ركابها بجانب وقوفنا ، حدثني احدهم ماذا فعلتم لهم ؟ اخبرته لم نفعل شيء ،
قال لي ؛ هم يتناقشون على كيفية قتلكم ورمي جثثكم في الصحراء هذا ما فهمته من كلامهم ،،،
علمت انا اننا اصبحنا في عداد الاموات ، اخلوا سبيل السيارة الاخرى وابعدوا اولاد عمي واركبوهم سيارتهم وامروهم بالانصراف تحت تهديد السلاح ، قاموا بتكبيلي واركبوني في الهمر من بابها الخلفي وتوجهوا الى طريق ترابي فرعي والهمر تسير بسرعه ، بدأ الضحك فيما بينهم وقاموا بتقسيم المبلغ فيما بينهم ، وانا ساكت وادعوا الله في سري ان ينقذني من هذه الورطة ، او بالاحرى من الموت المحقق على ايدي هولاء .
بعدها تغيرت ضحكاتهم وبدأوا يتشاورون فيما بينهم ولم اشعر الا واحدهم فتح باب الهمر الخلفي وركلني بقدميه خارجها ، سقطت على الارض وعيوني على الهمر معتقدا انهم سيطلقون الرصاص علي ، لكنها اختفت بلمح البصر ، نهضت بسرعه وتوجهت باتجاه الطريق العام ، حتى انني اصبحت لا اعرف ايهما طريق العودة الى بغداد ، ومن بعيد لاحت لي سيارة قادمة نحوي ، واذا بهم اولاد عمي ، وصلوا لي فكوا وثاقي واخبرتهم بالقصة ، اتفقنا ان نذهب الى مركز مدينة الانبار او الى المحافظة ونخبرهم ان الامريكان قاموا بسرقتنا .
وصلنا الى مركز محافظة الانبار ، في الباب الخارجي وجدنا مجموعة من الضباط برتب عسكرية كبيرة فأستبشرنا الخير واننا سنجد من يساندنا ويأخذ حقنا من هؤلاء المرتزقة ، حكيت لهم القصة بالتفصيل ، فرد علي احدهم ؛ حمدا لله على سلامتك ، يا اخي الا تعلم انهم احتلال وهذه قصة بسيطة مما سيفعلونه بنا لاحقاً وستخبرك الايام بصدق قولي ، عد ادراجك و( اذبح لك خروف ) لنجاتك من الموت ، قال لي الضابط وهو يعض الشفاه ؛ لقد اخبرونا ان الامريكان ( خط احمر ).... هنا علمت ان كلمة خط احمر تعني ( الظلم كله ) ، فعلا هو كذلك ،اما الحقوق فهي خطوط خضراء مفروشة بدماء وارواح وكرامة اصحابها لذوي الخطوط الحمراء، يدوسون عليها ويرتعون بلا وازع او رادع ، حسبنا الله ونعم الوكيل .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيد الحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/01/05



كتابة تعليق لموضوع : الهمر والخط الاحمر ...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net