رسالة إلى إبنتي ..القسم ١٠
رعد الغريباوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رعد الغريباوي

بنيتي :
اذا كنت قد تهيئت لانوثتك وزواجك فما أجدرك أن تستعدي لبيتك وإدارته ، لمملكتك الصغيرة وجنتك الوارفة وعشك الجميل .
والشيء الأول الذي أريدك أن تعرفيه هو أن البيت يجب أن لا يكون جنتك انت فقط بل جنة زوجك واولادك أيضاً ، والاصح أن أقول أن البيت لا يكون جنتك اذا لم يكن جنة زوجك واولادك . إنه جنة بهم جميعاً وإلا فإنه ينقلب إلى جنة مهجورة وما أصعب العيش في الجنان المهجورة !
ولا يمكن أن يكون بيتك جنة لكم جميعاً إلا إذا عملت على ذلك وجهدت في سبيله .
الجنة مكان جميل فليكن بيتك جميلا ، اني أقول جميلا ولا أقول غنياً ، إذ إني أعتقد أنه ليس من الضروري أن يحتوي بيتك على الأثاث الفاخر والرياض الغالي الثمن لكي يكون جميلا ، ولكنه يجب أن يكون نظيفا وان يؤثث بذوق ، وأن يجمل بأشياء لا تكلف كثيراً ولكنها تضفي عليه بهجة وسحرا . قليل من الزهر ، بعض اللوحات الفنية ، تناسق الألوان وحسن الترتيب أمور لا تكلف كثيراً ولكنها تجعل من البيت مكاناً للمتعة ، والراحة وهدوء الأعصاب وبهجة النفس . لا تفعلي بعض ما تفعله سيداتنا اللواتي يتركن الزهر الطبيعي النضير الرخيص إلى الزهر الأصطناعي الغالي ، ولا تخطئي خطأ بعض الأغنياء الذين يجعلون من بيوتهم متاحف تغص بالطرف والتحف يكدسونها بعضها فوق بعض إظهارا لغناهم وتدليلا على قلة ذوقهم ، ولا يذهبن بك الظن إلى ما تحسبه بعض فتياتنا من أن إرتفاع الثمن ضمانة الجمال .
هذا من حيث الجمال المادي ، أما الجمال المعنوي فاريدك أن تتأكدي أن هروب الرجل من بيته إلى المقهى والنادي والشارع يرد في معظم الأحيان إلى أنه لا يجد في بيته من يجذبه ، ولا يجد في زوجه وأولاده ما يحببه في البقاء إلى جانبهم . أريدك أن تفهمي أن المرأة مسؤولة في معظم الحالات عن هروب الزوج من البيت ، إنها مسؤولة لانها لا توفر له من حنانها ودفئها ما يحمله على البقاء إلى جانبها والعيش في جوها . والأمر نفسه صحيح عن الأولاد .
ولا تقولي لي ما تقوله بعض سيداتنا من أن أزواجهن فاسدون بالطبع وأنهم ربوا على حب المقهى وارتياد النادي وذرع الشوارع . صحيح أن بعض الرجال كذلك ولكنهم قلة وشذوذ يثبت القاعدة العامة - كما يقول النحاة - والقاعدة أن ينجذب الرجل إلى بيته حين يكون فيه ما يجذبه ويبقيه .
أما بالنسبة لأولادك فالأمر أهم وأعظم ، أحب لك أن تعلمي أن جو البيت مسؤول إلى حد كبير جداً ، عن خلق الأطفال وطباعهم وسلوكهم وشذوذهم . إن بيتا يبدأ فيه الخصام صباحاً ليستأنف مساء ، ويخرج منه الأب إلى المقهى لتغادره الأم إلى الاستقبالات والزيارات ، ويفرق الطلاق فيه بين الأب والأم ، أقول أن بيتا هذا شأنه جدير بأن يدفع الأطفال للجنوح ويرميهم إلى الشذوذ والأجرام . ومسؤولية الأم في هذا كله كبيرة جداً .
ثم أريدك أن تعلمي أن الزوج ، كل زوج مهما كان غنياً أو فقيراً ، يسعده أن يرى زوجه سيدة بيته ، يسعده أن يراها تعنى بتربية اولادهما ولا تتركهم للخدم والمربيات ، يسره أن يأكل من طعام تحضره له هي بنفسها ، ولو كان عنده عدد من الطباخين والخدم يفوق عدد أفراد العائلة .
أريدك أن تتأكدي من أن الرجل ، كل رجل ، يفصل وجبة طعام جيدة على أي مناقشة علمية أو فلسفية ، وأنه يرتاح إلى ملاءة سرير نظيفة تفوح منها رائحة الغسيل النظيف أكثر من راحته إلى مقال تكتبيه أو قصيدة تنشرينها أو بحث علمي تقومين به . لا تمطي شفتيك ، إنها الحقيقة أحببت أم كرهت .
ولعلي ادهشك حين أقول لك ان بالرجل نفورا أو شبه نفور من المرأة التي تستبدل حنانها بالمناقشة الدائمة وحبها بالجدل المنطقي وعنايتها بالحديث المتصل عن حقوقها وواجباتها .
وأذكر أن الحب كفيل بتخفيف أعباء الواجبات وقمين بالتنازل عن كثير من الحقوق . ولا تفهمي من كلامي اني أريدك مهضومة الحق ثقيلة الواجب ، ولكني أريدك على أن تنالي كل حقوقك عن طريق الحب الزوجي والبنوي وان تقومي بكل واجباتك من خلال حبك الزوجي والامي .
تابعونا في القسم الأخير ، أن شاء الله تعالى .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat